الكمأ إحدى معجزات الطبيعة التي جاد بها الخالق على خلقه وهي نوع من الفطريات الشحمية تشبه لحـد بعيـد درنة البطاطا لها سطح حبيبي لا ورق لها ولا ساق توجد في الأرض عفوياً من غير بذر أو حرث تتشكل في التربة الرخوة البكر من مجموعة درنات صغيرة يتراوح عددها ما

الكمأ إحدى معجزات الطبيعة التي جاد بها الخالق على خلقه وهي نوع من الفطريات الشحمية تشبه لحـد بعيـد درنة البطاطا لها سطح حبيبي لا ورق لها ولا ساق توجد في الأرض عفوياً من غير بذر أو حرث تتشكل في التربة الرخوة البكر من مجموعة درنات صغيرة يتراوح عددها ما بين ( 20 – 30) درنة لتؤلف مجتمعة ثمرة ( الكمأة ) التي يصغر بعضها حتى يكون بحجم حبة البندق أو أكثر لتصبح بحجم برتقالة متوسطة الحجم .

موسم الجنـي

يقول المهندس الزراعي  علاء هاشم البدران لـ(المدى) : تنمو ثمرة الكمأة بالتلاصق المباشر مع نباتي الأجرد والقصيص كنوع من التعايش والمنفعة المتبادلة وتستمر هذه المساكنة حتى بداية موسم جني الكمأة .

وتشكل الأمطار المبكرة في فصل الخريف المصاحبة للرعد و ارتفاع نسبي في درجات حرارة الجو ,النواة الأولى لخيوط شريطية دقيقة تنمو عليها درنات ضئيلة الحجم تتجمع فيما بعض لتؤلفا معاً جسم الكمأة .

ويُضيف : تحتوي الكمأة 75% من وزنها ماءً و كمية عالية من البروتين الغني بالأحماض الأمينية التي تشكل نسبة 16-19% من وزنها إضافة الى غناها بالفيتامينات مثل فيتامين (c) و بعض المعادن الضرورية لبناء الجسم إضافة الى الدهون غير المشبعة بالكوليسترول وغيرها من المكونات الثانوية المفيدة التي تمنح الجسم كل احتياجاته التي تسهم في تغذيته و تمده بالصحة.

وللكمأة أصناف و ألوان تحددها طبيعة التربة و البيئة المحيطة  بها ، فكمأة الصحراء تختلف من حيث الطعم و الرائحة و اللون عن كمأة الغابات وانواعه المختلفة, فـ(الزبيدي) يكون اكبر حجماً من النوع الآخر، وهو (الحراك) ويقول اصحاب التجربة ان "الحراك له مقاومة اكثر على البقاء طازجاً اكثر من الزبيدي حيث ان الأخير يذبل بوقت اقل من وقت بقاء الحراك و(الخلاسي) الذي يتميز بلونه الأحمر وصغر حجمه و(الجبي) و(الهوبر) وكلُ له طعمه ولونه وسعره.

20 نوعاً من الكمأ في الصحراء!

ما أنواعه ؟

- أنواع الكمأ الصحراوي التي يبلغ عددها نحو 30 نوعاً، تنتمي كلها إلى عائلة تيرفيزيا أو تيرمانيا، وهي قريبة لأنواع الكمأ العطري بيدموند وألبـا وأمبريا الإيطالية و"بيريغورد" الفرنسية التي تنمو حول أشجارالبلوط والبندق، ويصنف على انه من الفصيلة الكمأية من اللا زهريات.

وتتمتع الكمأة بقيمة غذائية فريدة ورائحة فاتحة للشهية ونكهة طبية ومذاق قريب جداً من لحم الضأن وإضافة الى هذه الميزات للكمأة فوائد صحية جمة غير ما ذكر فهي تنشط الذاكرة وتقي من الجلطات الدماغية وتساعد مرضى الفالج على الشفاء كما أن ماءها يشفي العين ويرمم البدن ويخلصه من الضعف والوهن ويعيد إليه القـوة والعافية.

ويقول المنبىء الجوي  صادق عطية : حسب معلوماتي إن التقاليد الشعبية تقول ان السبب في ذلك هما الرعد والبرق اللذان يسودان الأجواء ويسببان تكوِّن الكمأ.

وهذا مطابق للتحليل العلمي للظاهرة الطبيعية المسببة لتكوِّن الكمأ ... وتفسيرها ان البرق والرعد يسببان تآين جزيئات الهواء أسفل الغيوم مما يؤدي الى ان نوعية المطر الهاطلة على الارض تختلف عن بقية انواع الامطار الأخرى، اضافة الى ذلك فهناك انواع من الترب هي الوحيدة التي ينمو بها هذا النوع من النبات الطبيعي .. وطبعا أهل الجيولوجيا يعرفون اكثر عن انواع الترب التي اعتقد ان نوعها هي التربة الغرينية او الرملية.

أفضلها النوع الأسود

ويُضيف عطية : الكمأة  تشبه اللحم ، وأجودها النوع الأسود و يسمونه الزبيدي وهو أغلاه ثمناً ، واسم اللحم النباتي يبدو تسمية عملية له و له عشاق كثيرون  ينتظرون فترة الربيع الذي هو موسمه لينطلقوا في الصحراء بحثاً عنه ، ولبعض الناس فراسة وخبرة في كيفية الحصول عليه و التعرف على بقعة الأرض التي يقع الكمأ تحتها ، طعمه يشبه اللحم إلا أنه لا بد من تنظيفه بعناية لإزالة التراب العالق به .

ويُقال انها لو لدغت حية أو أفعى شخصاً وفي بطنه الكمأة فإنه يموت مباشرة، كما يجب تجنب تناول الكمأة نيئة أو شرب الماء البارد عليها لما في ذلك من ضرر على المعدة ، وهذا ماجربته بنفسي فهو يُثير في جلدي الحساسية لذلك ابتعدت، ولا تنسى انه نوع من الفطريات لذلك يسمى (الفطر)، وتشكل الأمطار المبكرة في فصل الخريف المصاحبة للرعد وارتفاع نسبي في درجات حرارة الجو ,النواة الأولى لخيوط شريطية دقيقة تنمو عليها درنات ضئيلة الحجم تتجمع فيما بعض لتؤلف معاً جسم الكمأة.

لحـــم الضأن

نمو الكمأة في الصحارى وغالباً بالقرب من نبات «الرقروق» وتتكون من مستعمرات قوام كل مجموعة من عشر إلى عشرين حبة، وشكلها كروي لحمي رخو منتظم، وسطحها أملس أو درني ويختلف لونها من الأبيض إلى الأسود. يُعرف مكان الكمأة إما بتشقق سطح الأرض التي فوقها أو بتطاير الحشرات فوق الموقع، و توجد على سطح الكمأة تشققات تمتلئ عادة بالتراب، وإذا لم يُجمع الفقع فإنه يتحوَّل إلى تراب.

ويُضيف : توضح من تحليل الكمأة احتواءها على البروتين بنسبة 9% ومواد نشوية بنسبة 13% ودهن بنسبة 1% وعلى معادن مشابهة لتلك التي يحتويها جسم الإنسان مثل الفوسفور والصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم، كما تحتوي على فيتامين "ب1، ب2" وهي غنية بفيتامين أ، كذلك تحتوي على كمية من النيتروجين  الى جانب الكربون والأكسجين والهيدروجين، وهذا ما يجعل تركيبها شبيهاً بتركيب اللحم، وطعم المطبوخ منها مثل طعم كلى الضأن تحتوي أحماضاً أمينية ضرورية لبناء خلايا الجسم.

علاج اضطراب الرؤية

ذكرت إحدى الموسوعات العلمية عن استعمالات الكمأ الطبية: تستعمل الكمأة لعلاج هشاشة الأظافر وسرعة تكسرها أو تقصفها، وتشقق الشفتين واضطراب الرؤية ، تستعمل الكمأة كغذاء جيـد حيث تبلغ قيتمتها الغذائية أكثر من 20% من وزنها حيث تحتوي على كمية كبيرة من البروتين، ويصنع من الكمأة الحساء الجيد وتزيَّن بها موائد الأكل،  ويجب أن تُطبخ جيداً ولا تؤكل نيئة حيث تسبب عسر الهضم ، وتستعمل الكمأة بعد غسلها جيداً وتجفيفها وسحقها وذلك بعمل المغلي منها بشرط ألا يقل زمن الغلي عن نصف ساعة، ويستعمل عصير الكمأة لجلاء البصر كحلاً.

وثبت أن ماء الكمأة يمنع حدوث التليف في مرض التراخوما وذلك عن طريق التدخل إلى حد كبير في تكوين الخلايا المكونة للألياف، وعليه فإن الكمأة تستعمل على نطاق واسع في علاج التراخوما في مراحلها المختلفة.

وينصح بعدم أكل الكمأة للمصابين بأمراض في معداتهم أو أمعائهم كما يجب عدم أكلها من قبل المصابين بالحساسية والأمراض الجلدية.

وينصح أيضاً بعدم أكل الكمأة نيئة وعدم شرب الماء البارد عليها إذا كانت بعد الطبخ لما في ذلك من ضرر على المعدة، ويقال انها لو لدغت حية أو أفعى شخصاً وفي بطنه الكمأة فإنه يموت مباشرة، كما يجب تنظيف الكمأة من التراب الموجود في التشققات الموجودة بها.

تورث السكتة القلبية

وقال عنها الطب القديم : باردة رطبة في الدرجة الثالثة رديئة للمعدة، بطيئة الهضم، وإذا أدمنت أورثت السكتة والفالج ووجع المعدة وعسر البول.

والرطبة أقل ضرراً من اليابسة ومَن أكلها فليسلقها بالماء والملح والزعتر ويأكلها بالزيت والتوابل الحارة، لأن جوهرها أرضي غليظ وغذاءها رديء، لكن فيها جوهر مائي لطيف يدل على خفتها، والاكتحال بها نافع من ظلمة البصر والرمد الحار، وقد اعترف فضلاء الأطباء أن ماءها يجلو العين، والمعروف أن ذكر الكمأة ورد في كتب التراث، وكتابات الأسلاف، وهي الثمر الوحيد الذي لا يُزرع.

ويقول علي هدار في بحث أعده لهذا الغرض: بعد هجرته الطويلة للصحراء العراقية بسبب قلة الأمطار يعود (الفقع أو الكمأ) أو ما يُطلق عليه بفاكهة الصحراء وما يُسميه البعض "بطاطا البدو" وبما يتشابه مع نبتة البطاطا في الشكل والنمو تحت الأرض.

ماؤها شـفاء للعين

وقد ساهمت كثرة الأمطار والزوابع الرعدية لهذا العام بعودته منفتحاً فوق قشرة الأرض بأشكاله وأنواعة ،يُطلق عليه سكان الصحراء "البدو" نبات الرعد لأن الرعد هو من مسببات خروج (الفقع) كما يقولون، ويظهر في المناطق الصحراوية التي لا تطأها أقدام الناس وبعيداً عن المناطق السكنية لسكان الصحراء، وهو نبات يخرج مثل الزرع ولكنه لا يُزرع، وباءت كل المحاولات لزرعه بالفشل، ويقولون عنه أنه من منن الله و قال عنه رسول الله الكريم (ص) "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين" ويُضيف هدار: عند خروجه وظهوره في الأسواق لهذا العام يُباع بأنواعه هي (الزبيدي) ويمتاز بلونه الأبيض الناصع والخالي من الترسبات الرملية، والنوع الثاني ويسمى (الخلاسي )وهو الكمأ الأسمر ويكون حجمه صغيراً وهو أقل سعراً من النوع الأول ، وتشتهر أسواق الزبير في محافظة البصرة ، ببيع وشراء "الفقع" وهناك سوق خاص له معروف" بسوق الكمأ أو الفقع.

ويقول  بائع الفقع مصطفى حسن محمد : يبدأ الموسم الفعلي للكمأة او ما يسمى بالفقع من بداية كانون الثاني والى نهاية آذار من كل عام عندما تكون هناك مواسم امطار كثيرة مثل ما حصل في هذا العام الذي يختلف عن الأعوام السابقة  و بالتحديد ينتهي موسم جني الفقع  في نهاية أعياد نوروز وتراوحت أسعاره لهذا العام ما بين 35 ـ 55 ألف دينار للكيلوغرام الواحد.

عمر وجوده 40 يوماً

يقول  البائع ابو محمد : إن سبب أسعاره المرتفعة هو لقلته وانقطاعه عن السوق منذ أكثر منذ سنوات بسبب قلة مواسم الأمطار وكذلك فترة وجوده وموسمه القصير الذي لا يتعدى 40 يوماً ويُرسل الى  أسواق الخليج العربي في دولة الكويت والمملكة العربية السعودية بواسطة تجار متخصصين له ونتيجة الطلب من هناك  ويباع عندهم  بأسعار تتراوح مابين 70 ـ 150 دولاراً للكيلو غرام الواحد.

ويُضيف: ان المحافظات التي يُباع فيها الفقع هي البصرة في مدينة الزبير الذي يُجلب اليها من منطقة (جويبدة) ومنطقة (خضر الماء) في غرب منطقة الزبير وقريبة الى الحدود السعودية ومحاذية الى محافظة السماوة والتي تعــد هي سوقاً آخر لبيع الفقع ومن تلك المحافظتين يصل الى المحافظات الأخرى وخاصة الى العاصمة بغداد.

ارتفاع الأسعار

ويقول البائع أبو جعفر : يُعــد الكمأ  هدية متميزة ومادة غذائية مهمة تضاهي ما موجود في اللحوم الحمراء والبيضاء وكذلك يُستخدم ماء الفقع لعلاج مرض العيون وبعض الأمراض الأخرى وله زبائن خاصون .

ويوضح البائع : هناك زبائن يفاجئون من ارتفاع السعر ويهربون أول سماعهم للسعر لأنه كان غذاء المواطن في السنين السابقة في مواسمه وكان يباع بأسعار مناسبة تتراوح ما بين 750 دينارا الى 3 آلاف دينار، وكان المواطن والعوائل تخرج في مثل تلك المواسم في سفرات أو ما يسمى بـ(الكشتات) للتنزه وللبحث عن الفقع او ما يُطلق عليه في كثير من الأحيان بالكمأ ! وبعد هجرته الطويلة يعود الفقع الى الأسواق ليتفرَّج عليه المواطن البسيط ويشتريه أصحاب الدخل العالي ومعظمه يخرج الى خارج الحدود ليباع في اسواقها ومعه تعود الحياة الى الصحراء والنباتات من جديد!

البائع  قاسم محمد بجاي وهو ما تبقى ممن يمارسون المهنة مع  أخيه وابن أخيه يقول : كان سوقاً خاصاً والآن مختلطاً ، سعر الكمأ اول نزوله للسوق 60 الف دينار للكيلو الواحد وبعد ان يكثر في السوق يصل الى 20 وحتى 15 الف دينار  للكيلو الواحد ! وهذا يعني بأن لا يأكله الفقراء وينحسر بيعه على الذوَّاقة من الذين لا يهمهم المبلغ!! كما يقول بجاي مضيفاً:  إن أغلى أنوعه العراقي  وينسحب ذلك على بقية المنتجات الغذائية لطعمها المتميز لذة وقيمة غذائية ، يأتون من الكويت وبعض مدن الخليج لغرض شرائه.

ويوضح بجاي: إن وجوده ينحصر في صحراء غرب الزبير مثل بصية وخضر الماي وسماح وغيرها ومن صحراء السماوة ومنطقة البرجسية ، والآن تحولت الى منطقة نفطية وخصوصا شركة التراخيص النفطية اصبح الدخول اليها محظوراً، ينتهي موسمه مع بداية الربيع عندما يصبح الطقس حاراً.

طبـق من (فقـع)!

قبل الختام نهيء لكم طبقاً من الكمأ الزبيري: يُحضَّر هذا الطبق من الفقع أو الكمأ، البصل، الطماطم، معجون الطماطم، الكركم، الزنجبيل، الزيت، عصير الليمون الحامض، البهار والملح، تحتوي وجبة الفقع (الكمأ) على 200غم تقريباً من المواد الغذائية  المليئة بالسعرات الحرارية و (الدهون) و (الدهون المشبعة بالكاربوهيدرات والبروتينات) ومن هنا يقول عنها الذين يقومون باقتلاعها وجمعها من الأرض: هي بنتُ البَـر والبَـر حاويها منغنغة بالدهنِ وعظام ما فيها!