بدأت اعتباراً من هذا العام خطتنا التنموية الوطنية الخمسية ( 2013 ــ 2017 ) في ضوء تجربة الخطة السابقة ( 2010 ــ 2014 ) ، وهذه الخطة مازالت بعيدة عن المعدلات التي استهدفتها الخطة في العديد من المجالات .
ففي ديباجة الخطة الجديدة وإطارها العام ما يدعو إلى التفاؤل المشروط ، ويكاد يكون أمنية أي عراقي لم تتلوث يداه بالدم العراقي والمال العام والمال السياسي الدولي والإقليمي .
فالخطة السابقة لم تحقق أهدافها . لأن الخطاب السياسي لدى الترويكا المؤتلفة ليس لديهم آلية محددة للخروج من مأزق التحاصص ، بل الإدانة فقط ولكن العمل بموجبها يمضي على قدم وساق بأدق أشكاله ، لدرجة أنها، أي المحاصصة أصبحت أمراً واقعاً لابد من التعاطي معه . وهذا التحاصص خرج من إطاره التوافقي من خلال التنافس المر بين الجهات التي تدعي الشراكة . أما القوى السياسية التي لم تشارك حتى في البرلمان فدورها النقدي لم يكسر الطوق بعد ، بحيث تقدم بديلاً معقولاً وعملياً للخروج من أزمة التطاحن التحاصصي الذي وصل لتدمير السلطات الثلاثة وشلها وفقدانها الكثير من وزنها السياسي والاجتماعي . وكذلك شل السلطتين الرابعة ( الإعلام ) والخامسة ( المجتمع المدني ) ،إذ مازالت محدودة التأثير جدا ، أمام انتماءات ما قبل الدولة ( مذهبية عشائرية مناطقية ) .
لذلك لا يمكن تصور أي برنامج سياسي لأي جهة معينة سواء كان انتخابيا أو حزبيا أن يكون موضع اتفاق يمتد خمس سنوات مع الخطة أو غيرها لأنه ببساطة شديدة أننا أمام أجندة تحكمها انتماءات وعلاقات لا تصب في اتجاهات خطة التنمية الوطنية في كل حال . وهذا ما يجعل الائتلافات هشة جداً وتعيد إنتاج خطابها كما هو في عهد بريمر ولم تتجاوزه لحد الآن .
فالمأمول فقط بمن يدعي ( المدنية أو العلمنة أو الديمقراطية أو الاعتدال الإسلامي ) ( غير الطائفي ) أن تكون الخطة التنموية الخمسية هي برنامجه الاقتصادي ويعلنها كونها خطة غير مسيسة على الأقل ولا تنتمي لمدرسة معينة غير المدرسة العراقية والجميع يدعي ذلك سياسياً ولكي يكون عملياً صادقاً عليه أن يقول إن برنامجه السياسي ينفذه من خلال هذه الخطة ، التي هي حجر الأساس للبلد سواء كان داخل الترويكات الثلاثة أم خارجها بالبرلمان أو خارجه في العراق أو خارجه ، كونها الخطة التي تضمن عراقاً موحداً خارجاً من أزمة ومشكلة الريع النفطي ( أحادي المورد ) ومن خلال أهدافها الاقتصادية والاجتماعية الأربعة والعشرين التي تعيد هندسة التوافق والمواطنة الحقة .
في عراق فيدرالي لا مركزي متكامل اجتماعياً وحسب قيم الخطة ( النمو ، التغير ، الإصلاح ، الاستدامة ، التمكين ، الحق ) .
إنها النداء الأخير لأن الأوضاع السياسية الداخلية لا تسر وسيعاد إنتاجها في الانتخابات القادمة بنوعيها المحلية والبرلمانية بذات الكادر مع تغير في بعض الوجوه ،لأن الواقع السياسي لم يغيره الواقع الاجتماعي والاقتصادي الراكدان . أما الوضع الإقليمي فعلى الأقل نقول إنه ضد التوجه الديمقراطي التنموي ما دام العراق ساحة مستباحة اقتصادياً وسياسياً . والوضع الدولي فحليفنا أمريكا ينسحب تدريجياً من المنطقة لصالح القوى الساندة تاريخياً له . ولذلك لا يمكن أن يتحمل الوضع السياسي الحالي بعد أن وصل إلى نقطة اللاعودة ومفترق الطرق ، أما التشرذم أو التنمية لأن ضباع الخارج والداخل يرصون صفوفهم . ذلك تصبح خطتنا الخمسية ،هي ميثاق الشرف بعد تهيئة كل الدعم اللوجستي قانونياً وسياسياً ودستورياً لها .
إنها فرصة تاريخية أخيرة .
واترك التعليق لمعالي وزير التخطيط والتعاون الإنمائي المحترم .