زعيم القائمة العراقية إياد علاوي ، أبدى استعدادا مشروطا للتعاون مع رئيس الحكومة نوري المالكي لتجاوز الأزمة الراهنة في حال أعلن الأخير التمسك بقرار مجلس النواب القاضي بمنع تولي منصب رئيس مجلس الوزراء لولاية ثالثة ، وقال في حديث لصحيفة عربية الثلاثاء الماضي" من الممكن أن أضع يدي بيد المالكي ، وحصل ذلك سابقا ولكنه سحبها ، بعد أن وقعنا على اتفاقيات واضحة ، ومتى ما يكون جاهزا لتوقيع اتفاقيات أخرى والالتزام بقرارات مجلس النواب في مسألة الترشح لرئاسة الحكومة لدورتين فقط ،سأكون على استعداد للتعاون معه ، فليست لديّ مشكلة شخصية معه ، ولكن خلافي معه يتعلق بالبرامج السياسية"
ما ذكره علاوي بنظر المراقبين يعبر بكل وضوح عن تراجع فرص احتواء الأزمة الراهنة ، لأن القادة السياسيين يصرون على إجبار العراقيين على سماع اسطوانة واحدة ، تكشف تصوراتهم عن أسباب اندلاع الأزمة بحسب موقف كل طرف .
اتساع الخلاف واستمرار الأزمة وتصاعد الاحتجاجات جعلت بعض الأطراف المشاركة في الحكومة ومنها القائمة العراقية ، تكشف عن قلقها من احتمال إجراء الانتخابات المحلية في عموم محافظات العراق ، لأن بعض المدن مازالت تشهد حراكا شعبيا ، في بعض الأحيان يأخذ طابعا متشددا ، قد يتطور إلى اتخاذ موقف يرفض المشاركة في الانتخابات ، مع وجود مؤشرات بأن من سيتبنى مثل هذا الموقف، يتجه نحو إقامة إقليمه الخاص ، مستندا إلى ماورد في الدستور بمنح محافظة أو أخرى حق تشكيل إقليم فيدرالي ، ولاسيما أن دعوات سابقة طرحت من قبل مجلس محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى .
إمكانية ظهور بوادر لحلحلة الأزمة من الصعب جدا أن تبرز على السطح في ظل الظروف الحالية ، فعلاوي ورئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري أعلنا أنهما لم تصلهما دعوة من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لحضور مؤتمر أو اجتماع موسع يعقد في وقت لاحق في أربيل لبحث سبل تجاوز الأزمة .
أسباب الأزمة خارج الاسطوانة المشروخة باتت معروفة للعراقيين وهي تتلخص بالخلل الذي أصاب العملية السياسية منذ كانت في المهد عندما أجبرت على تناول "حليب المحاصصة" وأدى ذلك إلى إصابتها بداء مزمن ، وجعلها عاجزة عن بناء الدولة ، وكان لبعض دول الجوار الدور المهم في ترسيخ هذا العجز ، فضلا عن نشاط المجاميع المسلحة في زعزعة الأوضاع الامنية وسعي قوى أعلنت رفضها المشاركة في العملية السياسية لإجهاض التجربة الديمقراطية في العراق وإحباط آمال شعبه في اعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع .
بعيداً عن قلق علاوي ، يطرح العراقيون هذه الأيام سؤالا يعبر عن قلقهم ومخاوفهم من تداعيات استمرار الأزمة ، على الأوضاع الأمنية ، والكثير منهم لم يهتم بالانتخابات المحلية ، على الرغم من بدء العد التنازلي لموعد إجرائها ، وبعضهم لا تعنيه إطلاقا أن ترفضها محافظة وتخوضها أخرى ، فليس بنسخة الديمقراطية العراقية المطبوعة من قبل النخب السياسية الحالية يتبدد القلق الشعبي .