TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا وقعت فاجعة المطعم اللبناني؟

لماذا وقعت فاجعة المطعم اللبناني؟

نشر في: 2 مارس, 2013: 08:00 م

حرصتُ أمس على المرور من أمام المطعم اللبناني في بغداد، فقط لأعلن في داخلي عن التضامن مع الأرواح البريئة التي قضت هنا عبثاً ومع عائلات الضحايا في محنتهم الأليمة.

لم يفاجئني أبداً أنني لم أر أي مظهر يعبّر عن الشعور بالفجيعة حيال النكبة التي ألمّت بعشرات العائلات. كانت هناك سيارتان للدفاع المدني تتوقفان على حافة الطريق الضيقة وبضعة رجال برفقتهما. بالطبع لم أتبيّن ما كان يجري داخل المطعم، لكن ما شقّ علي كثيراً ألاّ أرى لافتة تنعى الضحايا وتواسي أهلهم وأحبتهم المفجوعين، إن من إدارة النادي أو من أمانة بغداد أو وزارة السياحة أو أية جهة أخرى لها علاقة بالكارثة وتتحمل جزءاً من المسؤولية عنها.

بدا لي أن الجميع يدفنون رؤوسهم في الرمال أو يشيحون بوجوههم جانباً تهرباً من المسؤولية.

لا أدري كيف تعاملت سلطات الدولة (الشرطة والقضاء على وجه الخصوص) مع الحادث، لكن لا يبدو أن أحداً من مسؤولي دولتنا قد اهتزّ من الأعماق، كما أنا وأمثالي، على وقع الكارثة. ولا استبعد أن يُسجل الحادث بطريقة ما ضد مجهول، وأن يُغلق ملف القضية بترضيات مالية يتوسط فيها بعض ذوي الشأن والنفوذ حفاظاً على مصالح اصحاب المطعم المقصرين والمهملين ومن له علاقة بهم.

ليس الحادث بسيطاً، ففيه أُزهقت أرواح بريئة وارتاعت أنفس وأصيبت بصدمات وجروح نفسية وجسمانية لن يلتئم بعضها إلى الأبد. كان عدد غير قليل من العائلات المكوّنة من نساء ورجال وأطفال يحتفل في المطعم بمناسبة سعيدة.. أرادوا تخليد سعادتهم ومناسبتهم في صور فتجمّعوا في مكان من المطعم وهم غير مدركين انه يُمكن أن ينهار بهم جميعاً إلى عمق اليمّ فيتحول مطعمهم إلى صندوق للرعب والموت غرقاً، وهذا بالضبط هو ما حصل.

الحادث ليس بسيطاً، فهو دليل آخر على أننا في دولة اللاقانون التي يصرّ القائمون عليها على ألاّ يخضع أي شيء في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى المعايير والمقاييس المرعيّة حتى في البلدان الفقيرة والمتخلفة. انه دليل فاقع على الفساد المالي والإداري الضارب عميقاً في لحم دولتنا وعظامها. الفساد الذي يتيح إقامة منشئات من دون التقيد بشروط الأمن والسلامة.

أين كانت أمانة بغداد ووزارة السياحة كل هذا الوقت؟ وكيف منحتا إجازة للمطعم؟ وأين هي الأمانة والوزارة من عشرات الآلاف من المنشئات والمرافق والمحال المتجاوزة أو غير الملتزمة بالشروط والتعليمات؟

فتشوا عن الفساد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. رمزي الحيدر

    ماهية الغاية أو الفائدة في أن تفتش عن الفساد في سلطة سياسية متعفنة ؟؟......؟

  2. كاطع جواد

    تخلصنا من البعث و وقعنا في شيء مشابه له بالحروف ومقارب له في المعنى تخلصنا من البعث و وقعنا في العبث كل شيء يسير في بلادي بالمقلوب حتى أصبحنا لا نميز بين الشروق والغروب هذا كله بسبب سياسيات الجهال والمتخلفين لا قوانين ملزمة لا محاسبات صار من يدفع أكثر لا

  3. اكاديمي عراقي مغترب

    توضيح لحادثة المطعم اللبناني ومن هم الضحايا. الحاضرين كانوا موظفين في شركة كتربلر وهي تابعه لفرع الشركة المصريه. نشاط الشركة بيع وصيانه المولدات والمعدات الانشائية. وتمت الدعوة لتكريم المتميزين من المهندسين. المهندس على عامر الكرخي كان مدعو لتكريمه لنشاط

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram