TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طـــلاســـم

طـــلاســـم

نشر في: 3 مارس, 2013: 08:00 م

ما الذي يجعل من فلان الفلاني متهورا، جشعا، عدوانيا، مجرما؟ ويصوغ فلان الفلاني  عالما، باحثا، متزنا، مسالما،

من؟؟

الجينات والصفات الموروثة من الوالدين والعائلة لحد سابع جد؟  البيئة الاجتماعية والضوابط الصارمة في البيت والأسرة والمدرسة وأماكن العمل ورهط الصحابة؟ البيئة الطبيعية، والانصياع لعوامل المناخ وتقلبات الطقس والسكنى قرب سهوب الجبال، أو الصحارى؟ أو العيش قرب الشواطئ و منابع الأنهار،

أسئلة عويصة كانت دائما مدار بحوت واستنتاجات لبلورة جواب حاسم.

أخجل من عرييّ المعرفي، إذ أقارن بيني  - أنا الجاهلة بعلوم الكومبيوتر وأسرار الهاتف الجوال، الذي أستعملهما كل يوم وكل ساعة  -- وبين سيدة  غربية على الغالب، متمرسة، تتعامل مع الأجهزة الالكترونية  كما تتعامل مع كائن حي، فسلجته، ووظائف غدده الصماء. وتستبطن أسراره إثر كل استعمال.

أتحسر..

ما الذي ارتقى بها لأعلى سلالم المعرفة وهبط بي- وبأمثالي - نحو أدنى الدرجات؟

تيسير سبل الإطلاع، وسد ذرائع الجهل وتعمد التجهيل.؟؟ أهذا جواب ناجع؟

أخجل من تعاظم عدد الجهلة من أبناء قومي والناطقين بلغتي، (من الشام لبغدان، ومن حلب إلى مصر إلى طنجة  فتطوان!!!) أخجل من افتقارنا لمؤسسات بحث بعلماء متفرغين وأجهزة متطورة، أخجل من جوامع فخمة وحسينيات مزججة الشبابك،  تغص بالزوار، بينما التسرب من المدارس الآيلة للسقوط يبلغ  -في العراق -- حده الأعلى بين الدول المتأخرة.

أنا ما عليّ من جيش العاطلين في بعض دول الغرب. ما علي من تقليص الميزانيات والمنح للمدارس والمستشفيات، ما علي بآلاف النوادي والحانات ومقاصف الشرب التي تغص بروادها السكارى حتى مطلع الفجر..   ما علي بتغيير الوزراء ومناكفاتهم وتناطحهم تناطح الأكباش.. علي بديمومة كيان اسمه الدولة

ورعايتها لكيانات تسمى مراكز البحوث العلمية، ورصد ميزانياتها الضخمة التي لا تمس بتقليص أو تقنين.

أصغي لمراسل قناة علمية في واحد من المراكز، يقول: يبهرني هذا الجهاز المتطور لتصوير الدماغ.  لا، لا، ليس فص الدماغ المنظور هو ما أقصد،،إنما تسجيل الخلجات التي تعتريه أثناء الخوف، أو الانشراح، الغضب أو الرضا،الكراهية أو هنيهات الحب،  العداوات أو المحبة... جهاز عجيب يحتاج طاقة كهربائية تكفي لتشغيل غواصة نووية.. خلايا تستجيب لذبذبات نابض ذي رنين مغناطيسي، يرسم، يصور، يسجل ماهية الاختلاجات التي تعتري الدماغ، وتفعل معجزاتها  الكيماوية  فيه. و...و..

المفارقة الموجعة، التي اختتم بها البرنامج، ذكر ما رصد للمشروع المذهل الذي سيغير مسلمات علمية سادت لردح من الزمن... ميزانية المشروع الرائد هو أربعمئة مليون دولار لمدى سنوات خمس!! فقط لاغير.

أربعمئة مليون دولار لتغطية تكاليف خمس سنوات من البحث الدؤوب لكادر علمي متقدم،، وهو مبلغ يكفي – بالكاد يكفي – لسداد نفقات حماية مسؤول عراقي  لسنة أو بعض سنة! 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram