بمشاعر مصحوبة بالمزيد من الحزن والأسف، حاول أحد المطربين التخلص من خيبته بطرح جملة أسئلة على من هجرته وسببت له أزمة عاطفية مستعصية و"ضربته بوري" لأنها تخلت عن وعودها بالوفاء للحبيب فلم يجد غير القول "وين الوعد يافلانة " ، وعلى ذات اللحن شهدت الساحة العراقية هذه الأيام صفحة أخرى من الصراع السياسي المزمن ، تمثلت بالتلويح بإصدار مذكرات إلقاء قبض ضد سياسيين ونواب وشخصيات عشائرية ، وآخرين قيل إنهم يقفون وراء تنظيم التظاهرات وتأجيج النعرات الطائفية بحثّ المتظاهرين على شق الصف الوطني العراقي.
وبحسب تصريحات صدرت من نواب معروفين بانتمائهم لأحزاب مشاركة في الحكومة ، فإن السلطة القضائية ستقوم بتفعيل أوامر قبض صدرت قبل عامين بحق أعضاء في مجلس النواب مرتبطين بمجاميع إرهابية وأثبت أنهم ارتكبوا جرائم قتل، طالت المدنيين الأبرياء ، وكالعادة رفض أصحاب التصريح الكشف عن أسماء المطلوبين للقضاء ، لأن الإشارة إليها ستثير المشاكل على حد قولهم.
منذ الدورة التشريعية السابقة والتلويح برفع الحصانة عن أعضاء سابقين وحاليين في مجلس النواب، يخضع للجو السياسي، فعندما يكون مستقرا ساكنا خاليا من الزوابع الرعدية تطوى ملفات رفع الحصانة ، ويتخلى أصحاب الصوت الصاخب عن الحديث عن مذكرات القبض ، وعندما يرتفع الغبار في فضاء المشهد السياسي ، يتسارع بعضهم إلى الرفوف المنسية ليستل منها أي ملف ، ليعلن أن صاحبه مطلوب للقضاء حيا أو ميتا ، علما أن الكتل النيابية وقبل قضاء شهر العسل ، اتفقت على تجاوز الموضوع ربما لغرض تمرير أو تحقيق صفقة بين طرفين أو أكثر، وحين يتصاعد الحديث عن استقلالية القضاء ، ورفض الحكومة تدخل أية جهة بشؤونه، حينذاك قد يستعير من انتهى عنده شهر العسل فيقول مخاطبا الشركاء " وين الوعد يافلانة "وبمزيد من الأسف يطرح سؤاله فيأتيه الجواب الفوري العاجل "عند باب المحكمة".
ملف رفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء في مجلس النواب ، وإصدار مذكرات قبض بحق سياسيين أصبح مثل برنامج تلفزيوني منوع تبثه إحدى الفضائيات العربية ، فقد جمهوره لكثرة الفواصل ، والفاصل الواحد يستمر خمس دقائق ، والمشاهد العراقي خاصة لا يؤمن بمقولة"اوعا تغمض عينيك" فهو يريد متعة مستمرة وليس بحاجة للتعرف على أسعار عمليات تجميل الوجه وشفط الدهون وزرع الشعر ، فمثل هذه الخزعبلات ، لا تساوي المبلغ الشهري المدفوع لصاحب المولدة ، فيتحول إلى فضائية أخرى غير عراقية ليقضي أمسيته مع زوجته وأطفاله بعيدا عن مشاهدة ومتابعة أي تصريح قد يعكر مزاجه ، ولاسيما أن صباحه في اليوم التالي من المحتمل أن يشهد إجراءات أمنية مشددة وقطع طرق وجسور وزحاماً مرورياً يجعل السيارات تقف في طابور طويل يمتد من البياع إلى المحمودية ، للبحث عن مطلوبين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال .
على طريقة" وين الوعد يافلانة" في طرح السؤال هل تشهد الأيام المقبلة تنفيذ الأوامر القضائية ؟ وإذا كان الكشف عن الأسماء يثير المشاكل فهل تكون مذكرات الاعتقال نهاية للفصل الأخير من العملية السياسية الهزيلة، ثم إسدال الستار على الإرهاب في العراق ؟ الجواب بعد الفاصل .