عمد رجل الأعمال الأميركي ألن دوغلاس، إلى تغيير اسمه إلى شاكر، بسبب "كثرة حبه لمدينة البصرة" كما يقول، أو ربما رغبة بجذب أقرانه من المستثمرين الأميركيين إلى المحافظة التي "سحرته"، إلى حد انه يردد "أنا أميركي لكن قلبي بصراوي"، وقلب دوغلاس، أو "شاكر"، ت
عمد رجل الأعمال الأميركي ألن دوغلاس، إلى تغيير اسمه إلى شاكر، بسبب "كثرة حبه لمدينة البصرة" كما يقول، أو ربما رغبة بجذب أقرانه من المستثمرين الأميركيين إلى المحافظة التي "سحرته"، إلى حد انه يردد "أنا أميركي لكن قلبي بصراوي"، وقلب دوغلاس، أو "شاكر"، تحول إلى بصري ربما بسبب طبيعة المحافظة العاطفية بشكل كبير، أو لأنها "أرض خصبة" لعالم الأعمال، كما يؤكد، ويضيف بحسرة، "لكن الروتين والإداريات تخنق الاقتصاد في المدينة وتجعل المستثمرين يفرون من أول مواجهة".
يقول دوغلاس، رجل الأعمال الذي صرفت بلاده 600 مليار دولار في حرب العراق، في حديث إلى (المدى برس)، "غريب أمر هذه المدينة التي تعمل ليل نهار على دعوة المستثمرين ورجال الأعمال للمجيء إليها والاطلاع على ما تتيحه من فرص واعدة لكنها في الوقت نفسه تعمد إلى جعلهم يفرون منها عند أول مواجهة مع دوائرها الأمنية والكمركية وغيرها من الجهات ذات الصلة بالعمل الاستثماري"، ويضيف "أقيم حالياً مع أسرتي في البصرة ،حيث أدير معهداً لتعليم اللغة الإنجليزية وأجد نفسي منسجماً تماماً مع طبيعة المجتمع وأشعر برغبة الانتماء إليه لولا الإجراءات شديدة التعقيد التي تتعلق بسمة الدخول والإقامة وغيرها من المعرقلات التي تهدد مشروعي الاستثماري بل ووجودي في المدينة".
ويذكر دوغلاس أو (شاكر)، "من هنا هرعت إلى فندق البصرة الدولي، ما أن علمت بملتقى الشركات الأميركية الذي عقدته القنصلية الأميركية في البصرة، الأحد الماضي، على قاعة الفندق أملاً بطرح مشكلتي على المسؤولين عسى ولعل أن أجد عندهم الحل"، ويستغرب من "وجود مثل تلك المعرقلات لقطاع الاستثمار دون أن تتنبه لها إدارة المحافظة أو الحكومة المركزية لاسيما أن البصرة تمتلك مقومات تشجع على استقطاب رجال الأعمال".
ويدعو شاكر، المسؤولين في البصرة أو بغداد إلى "زيارة دبي وغيرها من المدن التي تسعى لاستقطاب الاستثمار للاطلاع على ما تقدمه من خدمات وتسهيلات تجعلها قبلة للأنظار".
القنصلية الأميركية من جانبها، يبدو أنها تحسست وجود مشكلة، لذلك عمدت إلى جمع طرفي المعادلة، الحكومة المحلية بمواجهة الشركات، وجهاً لوجه لطرح أولوياتهم ومشاكلهم ومقترحاتهم ورؤاهم.
يقول القنصل الأميركي في البصرة، وليام كرانت، خلال مؤتمر صحافي عقده في أعقاب ملتقى جمع مسؤولي المحافظة بالراغبين في الاستثمار فيها، وحضرته (المدى برس)، "أشعر بالمسؤولية تجاه عمل الشركات الأميركية الراغبة بالاستثمار واعتبر أن الملتقى الذي حضرته 20 شركة أميركية يشكل رسالة واضحة لإيصال صوت المستثمرين للمعنيين بالحكومة المحلية"، ويؤكد أن "البصرة هي حاضنة للاستثمار وعلى الحكومة العراقية اتخاذ الإجراءات والتسهيلات اللازمة لتشجيع المستثمرين على العمل فيها من دون منغصات طاردة".
ويتابع كرانت، أن "الشركات الأميركية تشتكي من صعوبة الحصول على الفرص الاستثمارية وتعقيد الإجراءات الخاصة بسمة الدخول والإقامة"، ويتمنى أن "تكون الحكومة المحلية وعبرها الحكومة المركزية قد استمعت جيداً إلى طبيعة المشاكل التي تواجه رجال الأعمال والمستثمرين بغية السعي لتذليلها".
بدوره لم ينكر محافظ البصرة، خلف عبد الصمد، وجود مشاكل تواجه الاستثمار بل و"تعرقله".
يقول عبد الصمد، في حديثه إلى (المدى برس)، إن "إجراءات وزارة الداخلية مشددة ومعقدة بحق المستثمرين للحصول على سمة الدخول والإقامة في البصرة"، ويؤكد "وجود تنسيق بين مكتبه ومكتب رئيس الحكومة نوري المالكي، لحل هذه المشكلة من خلال تسهيل تلك الإجراءات".
ويدعو محافظ البصرة، الدوائر الحكومية إلى "توضيح ما تحتاجه من معلومات ومتطلبات تتعلق بوجود الشركات الأجنبية في المحافظة ودخول المستثمرين وموادهم عبر المنافذ الحدودية ليتسنى معرفة تفاصيل ذلك ومخاطبة وزارات الدولة لحل المشاكل وتجاوز الروتين الذي يستنزف الجهود والوقت والمال".
يذكر أن هيئة استثمار البصرة، أكدت أكثر من مرة خلال السنوات السابقة، أنها تعاني العديد من المعوقات التي تعتبر عقبة حقيقية أمام تحقيق النمو الاقتصادي، وتطوير الواقع الاستثماري الذي تطمح إليه الهيئة بما يتناسب مع واقع المحافظة الاقتصادي والجغرافي وتاريخها، وأهم المعوقات تتمثل في البيروقراطية الإدارية في مؤسسات الدولة وصعوبة الحصول على مساحات الأراضي لطرحها كفرص استثمار، بسبب سيطرة وزارة النفط على أغلب أراضي البصرة، إضافة إلى كثرة المتجاوزين عليها وتهديدهم للمستثمرين أو ابتزازهم.
في حين اتهم رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، على هامش وضع حجر الأساس لمشروع مدينة ضفاف كربلاء السكني جهات سياسية بتعطيل الاستثمار في البلاد من أجل تحقيق مصالح شخصية وحزبية وطائفية، وأكد أن هذا التعطيل يجب أن يندرج ضمن "الخيانات ضد الوطن والمواطن"، وطالب "الشعب" بمحاسبة هؤلاء الذين "يشتتون الجهد والطاقات"، فيما أشار إلى أن المستثمرين الأجانب يتخوفون من تقلبات قد تحصل في العراق، وهو ما يؤخر عملية البناء.
يذكر أن البرلمان العراقي كان قد أقر في (تشرين الأول 2006) قانون الاستثمار العراقي، الذي قيل عنه في حينه إنه سيفتح الأبواب على مصراعيها أمام الاستثمار الأجنبي، بسبب تقديمه الكثير من التسهيلات للمستثمرين الأجانب، إلا أن العديد من الشركات الأجنبية ما تزال مترددة بسبب تخوفها من الواقع الأمني غير المستقر في العراق، إضافة إلى أن القانون لم يكن يمنح المستثمرين حق ملكية العقار الخاص بالمشروع، وساوى بين المستثمر العراقي والأجنبي في كل الامتيازات، باستثناء تملك العقار، إذ يمكن المستثمر الأجنبي من استئجار الأرض لمدة (50) سنة قابلة للتجديد، بحسب الفقرة (11) من قانون الاستثمار.
ويتوجب على المستثمرين أن يقدموا مشاريعهم للهيئة الوطنية للاستثمار، أو هيئة استثمار الإقليم، أو المحافظة، للحصول على إجازات الاستثمار، ويمكنهم أن يتقدموا بطلب إجازة الاستثمار إلى "دائرة النافذة الواحدة"، التي استحدثتها الهيئة الوطنية للاستثمار، والمخوّلة إعلام المستثمر بقرار الهيئة النهائي خلال (45) يوماً للقضاء على الروتين الإداري في منح الإجازة الاستثمارية.
وقد باشرت هيئة الاستثمار في محافظة البصرة، عملها رسمياً بدعم من الحكومة البريطانية بداية تشرين الأول 2008، ويلقى على عاتق الهيئة، تشخيص وتأمين فرص الاستثمار وإصدار الإجازات إلى المستثمرين العراقيين والأجانب لتنفيذ مشاريع في مختلف القطاعات، على أن لا تزيد الكلفة التخمينية لكل مشروع عن مليار دولار، وان لا يكون متعلقاً بصناعة النفط أو قطاع المصارف لان الموافقة على مشاريع من هذا النوع هي من صلاحية الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وأصدرت الهيئة منذ تأسيسها أكثر من 47 إجازة منها 30 خلال العام 2012 المنصرم، وهي تقضي بتنفيذ مشاريع في قطاعات مختلفة، منها الإسكان والسياحة والصناعة والزراعة من قبل شركات عراقية وأجنبية، وتبلغ الكلفة الإجمالية لتلك المشاريع التي لم ينفذ الكثير منها لغاية الآن أكثر من 1.784.407.873 دولار.