لا أحد يصادر حق النائب الصاعد الواعد هيثم الجبوري في ترشيح أخيه ليكون عضوا في احد مجالس المحافظات، طالما سيلتزم بالنظرية التي تقول إن تكليفا شرعيا كما اخبرنا ذات ليلة، نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، وليس من حق احد أن يراجع السادة النواب وهم يقررون تحويل مجالس المحافظات إلى دكاكين عائلية، ولا تعليق عندي ان يضع كل نائب صورة ابنه او شقيقه إلى جانبه ويطالب الناس ان تنتخبهم عملا بالمثل الشعبي القائل "الشين اللي تعرفه احسن من الزين اللي متعرفه" وبما أننا نعرف نوابنا الأفاضل جيدا وجربنا "مرّهم" وجرعنا "علقمهم"، فما الذي يدفعنا أن نجرب "علقما" جديدا ممن لم تختبره حناجرنا.
ومرة أخرى، لا اعتراض على الإطلاق أن يهتم كل نائب بأشقائه وابناء عمومته، وان يقيم من اجلهم المهرجانات والاحتفالات، ويسعى الى ان يحول العملية الانتخابية الى مجلس عشائري لا يجوز للغريب ان يبدي فيه رأياً او مشورة، ولكن أن يعتقد البعض ان نشر صورة المرشحات في الانتخابات، ربما يخرج العراقيين من ملة الإسلام ويدخلهم في خانة الشعوب التي لا تضع وزنا للتقاليد والأعراف الاجتماعية، فهذا باعتقادي تطور جديد تفوق أصحابه على السيدة أم حاتم التي لم تجد حرجا وهي تضع صورتها إلى جانب ابو حاتم نصير المظلومين والضعفاء من أمثالنا.
ولاننا نعيش كوميديا سياسية بامتياز فقد شاهدنا مؤخرا بوسترات للعديد من المرشحات من اللواتي اعتبرن وضع صورهن نوعاًً من التبرج وسابقة خطيرة لم يعتد عليها مجتمعنا الذي كان يعيش عصر الجاهلية منذ عام 1925، حين ادرك المشرعون العراقيون مكانة المرأة في المجتمع من خلال قراءتهم لتاريخ المرأة ونضالها وما هو الدور الفاعل الذي يمكن أن تقوم به، فيما اقر دستور عام 1958 من حق المرأة في المشاركة العامة والتمتع بالحقوق السياسية، لكن اصحاب البوسترات التي تزينت بصورة زوج المرشحة وتحتها عبارة بالحرف الواحد انتخبوا المرشحة "..... زوجة الاستاذ..... شقيق الشيخ...... " مصرين ان يدفعوا بنا إلى عقود من التخلف والانعزال. واذا كنا نبرر للنائب هيثم الجبوري ان يضع صورته الى جوار صورة شقيقه المرشح، فإن ما يجري في حالة بعض المرشحات لا يخرج عن كونه كوميديا سوداء تثبت بالدليل القاطع اننا لم ندخل بعد عصر الديمقراطية الحقيقية، فان يصر البعض على تثقيف المجتمع حول مضار نشر صورة المرشحة ، لأنها بدع لا تنتمي لثقافتنا، لنكتشف في النهاية كيف وصل الاستخفاف بعقول الناس إلى هذه الدرجة!
والحاصل أننا نعيش حاليا كوميديا انتخابية أقرب إلى الهلوسة السياسية، ذلك أنه في الوقت الذي يسعى البعض الى زج أقاربه في سباق الحصول على المنافع والمكاسب، فأنه يصر على اعتبار أننا شعب نعيش في عصر الحريم الذي لا يسمح فيه للمرأة أن تكشف عن وجهها إلا بموافقة صاحب الشوارب الغليظة، وإذا كان هؤلاء السادة من أنصار نظرية الوصول إلى المناصب عن طريق تزييف إرادة الناس والضحك على عقول البسطاء، فهذا شأنهم، فليس كل الناس يمكن ان تنطلي عليهم هذه الشعوذة الانتخابية.
ولأننا لا نملك غير أصواتنا، وهم يملكون الحظوة والمال، فإننا نرفض هذه المرة ان نساق الى مهرجان ابطاله مزيفو الوطنية، ولهذا فالحل الوحيد للوقوف امام هذه النماذج هو ان نفرض كلمة "لا" وان نبدأ بحملة مقاطعة لمهرجاناتهم، وان نتوقف عن التعامل معهم، وان نجعلهم يدركوا جيدا اننا لسنا بحاجة الى بضاعتهم المنتهية الصلاحية.
الحل ان نجعلهم يدركون أننا بدأنا بناء عالمنا من جديد، وأننا لن نلقى عليهم التحية الانتخابية، أننا سنرفض كل شعاراتهم المزيفة، وأننا لن نقترب من دكاكينهم الانتخابية، وسنقاطع كل مؤتمراتهم،، وكل تصريحاتهم، وقبل كل شيء خطبهم وصرخاتهم.
سنصر على ان نقول لا، مرة ومرتين وثلاث وعشر، لكل المرشحين الذين يصر صبيان السياسة تصديرهم الينا ليتحكموا في رقاب العباد.
ايها السادة يا من تريدون الاستمرار في مهرجان الشعوذة السياسية، لقد مللنا منكم، فلنحيا نحن، ولتجبروا انتم على الرحيل من المشهد السياسي.
انتخبوا مرشحة عصر الحريم
[post-views]
نشر في: 5 مارس, 2013: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
سامر الفضلي
صح لسانك و عاشت ايدك على هالكلام. والله البلد راح يكون أفضل حال لو تركوا الشعب يختار ممثليه بحرية وبدون فرض. لأن بصراحة هذه الأسماء و المرشحين و الكيانات كلها مفروضة و هي بذلك شكل من الدكتاتورية. الأغلبية الساحقة منهم غير معروفين و حتى لو كانوا معروفين عل