TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غسيلنا المنشور في بريطانيا

غسيلنا المنشور في بريطانيا

نشر في: 6 مارس, 2013: 08:00 م

في كانون الثاني الماضي تلقيت رسالة من مجلة "نيو سيتيتسمان" الأسبوعية البريطانية تقترح فيها هيئة التحرير أن أكتب مقالاً لمناسبة مرور عشر سنوات على حرب 2003 وتغيير نظام صدام، على أن يتضمن إشارات إلى تجربتي الشخصية بوصفي منفياً عائداً للتو إلى وطنه، ومدى وما أتمتع به في بغداد من الحرية اللازمة لصحفي يعمل في ظل نظام ديمقراطي (نظرياً بالطبع).

كتبت المقال ونشرته المجلة في عددها الصادر في 21 شباط الماضي. لم أخفي يوماً في كتاباتي شعوري القوي، كما سائر الناس، بخيبة الأمل حيال ما جرى في البلاد طوال السنوات العشر الماضية، فما تأسس من نظام ليس هو الذي ناضلنا من أجله ولا يشبهه في أي حال. وهو أيضاً ليس الذي ضحّى بحياتهم في سبيله عشرات الآلاف من مناضلي الحركات السياسية المختلفة بعدما تحملوا صنوف العذاب في المعتقلات والسجون وفي ساحات المواجهة مع قوات النظام السابق، وهو ليس الذي تطلعت إليه عائلات هؤلاء الضحايا والأغلبية الساحقة من الشعب.

ولأن المجلة أجنبية فقد حرصت على ألا أنشر على حبالها غسيلنا القذر كله، فركزت في المقال على السياسات والاتجاهات العامة للدولة ومواطن الخلل والخطأ الرئيسة، معرباً عن مخاوفي، وكثيرين غيري، من استمرار الحال على ما هي عليه عشر سنوات أخرى ومن قيام نظام دكتاتوري جديد بدل الديمقراطي المنشود.

امتنعت عن نشر الغسيل القذر، وبخاصة على صعيد الفساد المالي والإداري وتردي مستوى الخدمات العامة، لكنني أشعر الآن بندم شديد لأن صحفياً بريطانياً قام بالمهمة بدلاً عني... إنه باتريك كوكبرن المحرر المعروف في صحيفة "ذي اندبندنت" المتخصص في شؤون الشرق الأوسط. فهو زار العراق منذ مدة وبدأ الأحد الماضي بنشر سلسلة من التقارير عما رآه وسمعه هنا، وهو في مجمله وتفصيله لا يسر صديقاً ولا عدواً ربما أيضاً.

كوكبرن نقل حقيقتنا كما هي .. وهي حقيقة مخزية للغاية في الواقع، ومن المفترض أن يمتلئ حيالها مسؤولو دولتنا في مؤسساتها العليا قاطبة بالشعور العارم بالعار، إن كان يجري في عروقهم دم نظيف.

ختم كوكبرن الحلقة الأولى من تقاريره بجملة قصيرة نقلها عن أستاذ جامعي. قال: إذا سألتَ الطلبة عماذا يريدون، فسيجيبك 95 بالمئة منهم أنهم يريدون مغادرة العراق.

نعم ، صدق ما قاله الأستاذ الجامعي، فشباب العراق محبطون إلى أبعد الحدود ويتطلعون إلى خلاص في الخارج، وهذا بالضبط ما جعلني أُعرب في مقال "نيو ستيتسمان" عن خشيتي من أننا سنحتاج إلى عشر سنوات أخرى لكي تستقر الأحوال في البلاد ويصبح العراق مغرياً لأبنائه في أن يبقوا فيه.

أرجو أنني كنت متشائماً أكثر من اللزوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. سمير طبلة

    متشائم، يا صاحبي؟! بل انت اكثر من متفائل لاحتياجنا الى عشر سنوات أخرى... فإن بقي هؤلاء المتغانمين، يشحذون السكاكين الأثنية - الطائفية، لن تقوم للعراق وشعبه قائمة. قبل اشهر استضفنا زميلك أحمد المهنا، في امسية بالتوكية، في ينابيع العراق . أجاب في خاتمتها ع

  2. كاطع جواد

    المشكلة العراقية حلها سهل جداً فالحرية وحدها لاتكفي ان لم يصاحبها ايجاد فرص عمل للأعداد الغفيرة من العراقين وهذه الفرص لاتتم الا بتنشيط قطاعي الزراعة والصناعة الوطنيتين وهذا لا يتم الا من خلال قادة أكفاء وطنيون يفضلون مصلحة بلادهم على مصلحة الدول المجاو

  3. رعد كريم

    سلامات استاذ عدنان عدت لنشاطك رعد كريم عزيز

  4. جليل اسماعيل

    كم كانت فرحتنا كبيرة بمعافاة صاحب الكلمة الشريفة وكل عام وانت بالف خير

  5. Ahmed Mubarak

    Iraq is creeping on to the dark ages, to overcome the problem send the Mulsims back to their mosques otherwise you will nee 300 years.

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram