اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الوشم حضارة أم تخلف؟!الفراغ والبطالة .. سبب انتشار ظاهرة الوشم

الوشم حضارة أم تخلف؟!الفراغ والبطالة .. سبب انتشار ظاهرة الوشم

نشر في: 9 مارس, 2013: 08:00 م

فكرت كثيرا قبل أن أذهب إلى أحد ملوك التاتو كما يطلق عليهم أو "الوشم " من أجل نقش رسم جميل بسيط على كف يدي لأن جميع الفتيات تقريبا بدأن بفعل ذلك ، وفعلا ذهبنا إلى أحد محال التجميل الكائنة في منطقة المنصور ونحن كنا نقصد هذه المنطقة بالذات ،لأن غالبية ا

فكرت كثيرا قبل أن أذهب إلى أحد ملوك التاتو كما يطلق عليهم أو "الوشم " من أجل نقش رسم جميل بسيط على كف يدي لأن جميع الفتيات تقريبا بدأن بفعل ذلك ، وفعلا ذهبنا إلى أحد محال التجميل الكائنة في منطقة المنصور ونحن كنا نقصد هذه المنطقة بالذات ،لأن غالبية الراغبات بنقش الوشم هن من طبقات متوسطة والأمر ليس بالسهل إنما يحتاج إلى 300 دولار وأحيانا أكثر من ذلك ،والأمر ليس بجديد على مجتمعنا إنما كانوا يقومون "بالدكة" على أجزاء مختلفة من أجسام الرجال والنساء وحتى الأطفال، وكان الأمر يجري باستخدام كعب القدور "الحرق أو السواد الذي تتركه النار ومن ثم يزق بالإبرة ويصبح لونه أخضر ، ولم تحدث أية مضاعفات آنذاك رغم بساطة وخطورة العملية ،فما الذي يحدث الآن والأساليب المستخدمة حديثة ومعقدة ؟!
تاريخ الوشم
عرف الوشم منذ القدم عند الشعوب والأمم  ،و يعود إلى 3400 عام قبل الميلاد حيث استخدم من قبل الحضارات القديمة ،مثل الفراعنة والمايا وقبائل شمال ووسط أوروبا. ويختلف الوشم حسب الطقوس الحياتية والدينية، كالموت،الحياة،الزواج،التعويذات السحرية أو المرتبطة بأعراف قبلية أو نظام طقسي ، واستخدم الوشم في العراق كتعويذة ضد السحر والحسد والزينة والتجميل وخاصة عند النساء ،وانتشر الوشم في فترة الحروب السابقة التي خاضها النظام المقبور وخوف المحاربين من الموت في جبهات القتال ، أما في الوقت الحاضر فانتشرت ظاهرة الوشم بشكل واسع بين الشباب بأشكال ورسوم غريبة، مثل جماجم وعقارب وصور أبطال مسلسلات وفتيات أو شعار نادٍ رياضي وغيرها .وسبب لجوء الشباب إلى الوشم يعود  إلى أسباب عدة، من بينها الفراغ القاتل وعدم إحساسهم بالثقة والأمان من حولهم  إضافة إلى أن الرغبة بدأت بالتغيير.
الآباء قبل الأبناء
ياسر ملك التاتو الذي يملك محلاً لعمل ورسم الوشم الكائن في منطقة الكرادة قال:هذه الظاهرة ليست غربية على المجتمع العراقي وإنما الرسوم والأشكال التي انتشرت بعد عام 2003 جلبت معها تغييرات  بين صفوف الشباب والتأثر بالفنانين والرياضيين الأجانب أو رسم شعارات للأندية الرياضية، مثل برشلونة والريال وغيرهما من الأندية ، وهذه حرية شخصية وليس لها تأثير على المجتمع ونحن عندنا دليل أو كتلوك للرسومات والأشكال المختلفة ، أما الزبائن الذين يترددون على  المحل من مختلف الأعمار من عمر 18 إلى عمر 40 سنة ، و شهدت  هذه المهنة رواجا  مما ساعد على انتشار المحال والمراكز التي تعمل الوشم في الكرادة والمنصور وشارع فلسطين والكثير من مناطق بغداد والمحافظات .
عملية التوشيم
بينما قال (ملك التاتو): يختلف الوشم والطريقة التي أعد بها ،فمثلا هناك وشم مؤقت وآخر دائمي يبقى للأبد  من خلال استخدام آلة كهربائية خاصه تتكون من قضيب متصل بوحدة تذبذب ، هذه الوحدة تقود الإبرة داخل الجلد وخارجة بسرعة كبيرة تقدر بحوالي من 80 إلى 150 مرة بالثانية وبعدها ينظف الجلد ويعقم ويتم إعطاء الموشوم كريما خاصا يضعه على الجرح ليندم بسرعة .أما الأسعار فتختلف حسب الوشم ،حيث تصل تكلفة الوشم الواحد من 100 ألف إلى 150 ألف دينار عراقي وحسب الألوان المستخدمة .
 أما عامرمحمد ويعمل موظفا،  قال  : إن أغلب الشباب يرسمون أشكالاً ورسوماً لها معانٍ مختلفة تعبر عن رمز أو الحرف  الأول من اسم الحبيبة .
بينما قال عدد من الشباب: يعود انتشار التاتو أو الوشم  لانفتاح العراق على العالم الخارجي و تقليد الفنانين والرياضيين المشهورين، وهذه حرية شخصية .
 أما مريم سامر  طالبة مرحلة رابعة هندسة ميكانيك فقالت : الرسم على الجسد ظاهرة جميلة وعصرية واعتبرها انفتاحاً على الغرب ،وهناك رسوم على اليد أو الكتف بأشكال جميلة، مثل وردة ، سعفة والعديد من الرسوم التي تعطي جمالية للجسد ، أنا رسمت سعفة على كتفي وتعتبر هذه الرسوم زينة للمرأة وذوقا شخصيا .
إلا أن سالي محمد  طالبة مرحلة ثالثة هندسة معمارية فكان لها رأي آخر ، حيث علقت قائلة : ظاهرة الوشم من الظواهر التي انتشرت بعد عام 2003 والانفتاح على الغرب ،وهي ظاهرة سلبية غير محببة فضلا  عن أن الدين الإسلامي حرّمها .
رموز وطقوس
 أما الدكتور محمد الكناني أستاذ الرسم في كلية الفنون الجميلة قال : لم يكن التاتو أو ما يشاع عنه الوشم بجديد ،فقد عرفه الإنسان منذ القدم من أجل التمايز ، نوع من الطقوس السحرية ،عادات وتقاليد مرتبطة ببيئة ،قبلة ،نظام طقسي ،شعائر ويوضع الوشم في مناطق محددة من الجسد ،وأحيانا هذا الوشم يمثل منطقة أو عشيرة ، علامات خاصة بالمركز الاجتماعي الذي ينتمي إليه صاحب الوشم ،وأضاف الكناني :يختلف الوشم من منطقة إلى أخرى وحسب طبيعة التقاليد العرفية ،يعتبر نوعا من الطقوس المقدسة للهنود الحمر وحضارة المايا ،والفراعنة .والوشم بمثابة هوية تعريفية لكل شخص في تلك الحضارات، فالنساء المتزوجات لهن رسوم تشير  إلى أنهنّ مرتبطات. والمحارب له رموز خاصة من اجل التميز وبعضها تدل على القوة والشجاعة وأخافت الأعداء ،وإلى يومنا هذا يعتبر كل رسم أو وشم له قصة أو حادثة معينة في حياة الفرد ،وخاصة في أوروبا وأمريكا،  وأضاف الكناني :في العراق انتشرت هذه الظاهرة بفترة العشرينات في جنوب العراق ،حيث توشم المرأة يدها ومعصميها للزينة بديلا عن الأكسسوارات ، وأنا أعتقد أن كل فرد حر في ما يفعل ،هذا أولاً ويفعل الإنسان كل شيء إلا القتل والإساءة  للآخرين ، وأيضا أن نحترم المجتمع الذي نعيش فيه لأنه مجتمع ديني عشائري يرفض هذه التصرفات ،سواء كانت من الذكر أو الأنثى ،وليس من يعتقد أن الوشم يمثل التطور والتقدم ،بالعكس إنه في قمة التخلف ،وأنا مع الرسوم والأشكال المعقولة التي تعطي جمالية للجسد وتكون مخفية من أجل احترام العادات والتقاليد .

عادات وتقاليد أم مرض نفسي ؟!
 يقول زيد فريح الدكتور في  علم نفس:إنّ عشاق الوشم فخورون بأنفسهم كثيراً ،فقد اتّخذوا قرارهم بوشم أجسادهم، ويودّون أن يعلنوا بفخر أنّهم يفعلون ما يودّون فعله، إنّهم أشخاص عاديّون، إلاّ أنّ لديهم إحساساً كبيراً بذواتهم التي لا يرغبون بإخفائها، كما أنّهم لا يكترثون بالرأي العامّ، ولديهم الرغبة بأن يعرف الآخرون ما يؤمنون به. ‏إنّ من يتعمّق بالجانب النفسي لأولئك الذين يضعون الوشم، يتراءى له أنّ هؤلاء يعانون إلى حدّ ما من مشاكل ذهنيّة، وسينظر إليهم بالطريقة التي ننظر فيها إلى حيوانات غريبة محبوسة في قفص، فهم يودّون التمتّع بروح الحرّيّة، وقد وشموا أجسادهم ليتذكّروا شخصاً عزيزاً على قلوبهم، أو للإشارة إلى دين ما أو قبيلة، أو ببساطة يظهرون معتقداتهم السامية، وإذا ما تعمّقت قليلاً في المعاني التي تحملها تصاميم الوشم، ستفهم لماذا يرسمونها على أجسادهم ويبرزونها أيضاً. ‏علماء النفس الذين يحاولون وضع أنفسهم في موقع الرجال والنساء الموشومين، يخفقون في عمل ذلك أغلب الأحيان ، لأنّهم يعانون من عقبة ذهنية تشكّلت عبر قرون، تلك التي ربطت الوشم بالمجرمين والقتلة، ولكن على الرغم من أنّ المجرمين اعتادوا عليه حقّاً، ولا يزالون يضعون الوشم إلا أنّ هذا لا يمنع من أن يكون واضعو الوشم من بين الناس الأكثر ودّاً ولطفاً في العالم. ‏تمّ النظر إلى الوشم بشكل دائم من وجهة نظر سيكولوجية، فأولئك الذين يجهلون أسبابه، سينظرون إليه على أنّه نوع من الاضطراب الذهنيّ، علماً أنّ الذين يضعون الوشم لديهم في الحقيقة أسبابهم القويّة لوضعه. ‏
أيّاً كانت الطريقة التي تنظر بها، ستعرف على الأقلّ شخصاً واحداً يحمل وشماً، وستدرك أنّها ليست بطريقة تثبت انحطاط الثقافة الحديثة أو أنّ الناس قد فقدوا قوّة الحكم على الأشياء وأصبحوا أتباعاً عمياناً لقائدٍ ما. ‏
في الواقع إنّ الوشم قد انتشر بشكل هائل على الرغم من العار الاجتماعيّ الذي كان مرفقاً به دائماً في الماضي، واكتسب على مرّ القرون شعبية كبيرة بدلاً من أن يصبح عادة منقرضة، وهذا يثبت بأنّ هذه العادة وقفت على بوتقة الزمن وبقيت على الدوام.
ربما لو تعمّقت قليلاً في دلالة تصاميم الوشم، ستكون قادراً على فهم الوشم والمتحمّسين له أكثر، فتصميم الوشم دائماً يحمل معنى ما ويخبرك شيئاً عن الشخص وخلفيّته/ها. ربما بعض الأحيان يبدو تصميم الوشم غريباً ومروّعاً، إلاّ أنّه من الممكن أن يكون ممّا ورثه الشخص من الماضي، رغم أنّه فتح صفحة جديدة الآن. ‏
بدلاً من رفض مبدأ الوشم أو إضمار مشاعر سلبيّة تجاهه، علينا أن ننظر ما وراءه ونعرف أنّ هناك دائماً قصّة وراء كلّ وشم.
عدوى وأمراض انتقالية
هل يمكن أن يكون للوشم مضار ، هذا ما أكده الدكتور أخصائي الأمراض الجلدية الدكتور رامي الصفار، قال : مخاطر الوشم كثرة لأنة ناقل وخاصة على الجلد غالبا ما يتم عمل التاتو من خلال حقن المادة الملونة بالإبرة، وقد تستخدم إبرة واحدة لعدة أشخاص مما يؤدي إلى نقل العدوى من الأشخاص المرضى أو ممن يحملون الإمراض ،مثل الآيدز أو التهاب الكبد الوبائي. وأضاف الصفار: معظم من يقومون بعمل الحقن والألوان غير مؤهلين طبيا لحماية الصحة العامة، مما يسهل انتشار العدوى، فمنهم من يجيد الرسم والتلوين ولكن لا يعرف شيئا عن المخاطر الصحية لما يقوم به من عمل ، وأن المواد المستخدمة شديدة الحساسية ،فهي مواد كيمياوية تسبب الحساسية والتهيجات والتشققات الجلدية، والبعض منها يسبب أمراض السرطان، وقد تؤدي إلى الأمراض الجلدية التي  يصعب الشفاء منها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    الوشم هو القاسم المشترك بين المجرمين ارباب السوابق والمنحرفات بنات الليل والكوفي شوب والمساجات اجلكم الله وابعدكم عن هذه اللعنة

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram