في زمن بعيد وقبل  الدخول إلى عصر الشاورمة والكنتاكي ، كان الخباز وهو من النباتات الطبيعية  يدخل مادة أساسية في وجبة غذائية تعرف باسم "التولة " يتناولها أبناء القرى والأرياف،  القابعون تحت خط الفقر ،وتناول التولة  باستمرار  يحمل إشارة واضحة إلى تدني دخل الأسرة ، وهذا ما حصل مع زاير صيهود الذي  خلف لأسرته لقب "أبو تولة " لكثرة تناوله الخباز ، وعندما صدر قانون بعد ثورة  الزعيم في العام 1958  يقضي بالاستيلاء على أراضي الإقطاعيين ومنحها  للفلاحين لم يحصل تحول نوعي في حياة زاير صيهود  فغادر الحياة من دون أن يجد إجابة لسؤال رفيقة حياته " شو بعدنا ناكل الخباز " استفسار الزوجة يكشف في كل الأحوال عن التفاوت الطبقي بين أبناء المجتمع العراقي،  والفرق الشاسع بين الريف والمدينة ، وهذه "الإشكالية " على حد  تعبير المثقفين مازالت حاضرة ، لان "التولة" انتقلت  إلى المدينة ، واخذ يتناولها أبناء المدن بعد تحسينات أضافتها ربات البيوت.
 سلالة صيهود من  الأسلاف لم يبق منها إلا العدد القليل ومنه امرأة تجاوزت السبعين ، جمعت الأبناء والأحفاد لاجتماع موسع، وأثناء ترؤس الجلسة أعلنت أنها ستكشف عن وصية زاير صيهود "أبو التولة "  الحاضرون لم يتوقعوا إطلاقا توزيع ميراث أو ممتلكات لمعرفتهم بأنه لم يخلف سوى مجبس جلبه من إيران ومسبحة  101 من نوع اليسر الحجازي  انتهى بها  المطاف لدى الابن الأكبر اضطر لبيعها ليركّب أسنانا صناعية ، بدا الاجتماع بقراءة  سورة الفاتحة على أرواح موتاهم ثم تكلمت  المرأة السبعينية فاستهلت حديثها بأهمية الزواج بين الأقارب   وزيادة الذرية ، وخاطبت الحاضرين "وصية الزاير تكول ابن فلان يأخذ بنت فلانة" وأخذت تعدد الأسماء وتشجع السامعين على الاستجابة  لتنفيذ الوصية ، احدهم  وهو الوحيد  استطاع إنهاء دراسته  ثم أصبح معلما  بمدرسة ابتدائية،  اعترض وأخذ  يذكر أسماء المعاقين من  سلالة الزاير نتيجة زواج بنت العم من ابن العم ، فلم تفلح الأسرة في تحسين نسلها ، ولم يستطع احد منها أن يحصل على شهادة الدراسة المتوسطة ، وفي كل عام تضيف رقما جديدا  لقائمة المعاقين .
 أجواء الاجتماع وبعد توضيح وتفسير وشرح مفصل ،  لأن العقول الحاضرة  تدرك  الأمور بالتكرار الممل أفرزت معارضين ومؤيدين لما  طرحه المعلم  صاحب الشهادة الدراسية الوحيد في سلالة "أبو تولة " الذي طالب باعتماد التصويت للموافقة  على تنفيذ الوصية أو رفضها ، ورأيه  حمله  أعباء الدخول في  معاناة جديدة  ليشرح مفهوم الديمقراطية ومعنى التصويت ثم اتخاذ القرار المناسب.
فشلت "سلالة أبو تولة "  في  تحقيق اتفاق نهائي على تنفيذ وصية زاير صيهود ومن المستبعد أن تتوصل إلى حلحلة لتجاوز أزمتها الداخلية  ، لأن الأمر يحتاج إلى فتح دورات لفهم وإدراك معنى  للديمقراطية ،  وهذه المشكلة المستعصية لا تتعلق بتلك السلالة ، فهناك أحزاب وتنظيمات سياسية  تصر على أن يكون زعيمها أو أمينها العام مدى الحياة  وفي حال وفاته ينتقل المنصب إلى  ابن أو حفيد لم يتناول "التولة " في حياته ،  بل يفضل الكنتاكي.