إنها المرة الأولى في تأريخ موازنات ما بعد 2013 التي يأتي فيها إقرارها وفق مبدأ الأغلبية، وهو أمر وان كان خلله كبير، كما يبدو على السطح، إلا أني أؤمن أنه حلّ لا بد من أن يأتي في نهاية الأمر، فلم تنقلب الدنيا بالأغلبية أيضاً!
وان أردنا أن نكون أكثر تحديداً، فإنها أغلبية شيعية ، وذلك بامتناع الآخرين عن الحضور، إلا القلة، فيما المقاطع الأكبر لهذا الحضور هو التحالف الكردستاني، ولعل أهم نقطة وقع عليها اشد الاختلاف والتي منعته من الحضور، هو أمر عدم تسديد مبالغ بذمته لصالح الشركات النفطية العالمية العاملة هناك، وهي مبالغ متراكمة منذ سنوات كما نعلم.
الجديد، أن المبالغ التي بذمة الإقليم، لم يكن ثمة اتفاق بينه والمركز بشأنها طوال تلك السنوات، في حين أنها شهدت مؤخرا حصول اتفاق مبدئي حيال تسويتها، وهي نقطة تحول إيجابية مهمة حدثت مؤخراً، لكن على ما يبدو أن ثمة ثلاث قضايا رئيسة، هي التي حالت دون الوصول إلى اتفاق بشأن وصول أمر التسديد إلى آخره، ومن ثم تمريرها ضمن الموازنة، عندئذ لكنا قد وصلنا إلى توافق شيعي كردي على أقل تقدير.
الثلاث هي مبالغ تلك الديون وكيفية السداد وعامل الوقت. وكان الأخير لا يرحم بحق، إذ تأخر الإقرار إلى مستوى كبير وكانت كل الظروف غير مؤاتية لاستمراره خاصة ضغط الشارع، بعد نزول التيار الصدري لاعباً رئيساً لغرض إقرار الموازنة تحديداً ومن قبله تظاهرات بعض المحافظات لأغراض أخرى.
لذا فان الوقت لم يكن بصالح الطرفين، مؤيدو إقرار الموازنة من جهة و التحالف الكردستاني من جهة أخرى، والذي اختار خيار المقاطعة الكلية..
كنا نأمل أن ينجز أمر تسوية تلك المبالغ قبل مدة كافية من الآن، خاصة أن الاتفاق على أمر التسوية قد تم منذ وقت بعيد، لكن يبدو أنها عادة عراقية متجذرة تلك التي تبقي الأمور من دون حسم حتى اللحظات الأخيرة.. لحظات قد تصيب أو تخطيء!
أما أمر كيفية التسديد، فكان الأجدى أن يجري هو الأخر، وفق فريق من أصحاب الرأي والاختصاص، بعد أن يصار إلى تثبيت أصل المبلغ، وهي المعضلة الأكثر حراجة على ما يبدو. وقد اقترحنا فيما سبق أن يتم ذلك وفق مبدأ التقسيط، بدل أن يكون على دفعة واحدة وذلك منعاً لإرهاق كاهل موازنة 2013، التي طالتها قرارات كثيرة هذه المرة، لجهة زيادة نفقاتها قطعاً.. لدرجة أصبح فيها ثمة قلق، أن لا تستطيع الإيفاء بكل تلك المتطلبات.
لم يعترض التحالف الكردستاني على أصل الإقرار، فيما سيذهب إلى خيار تسجيل اعتراضه لدى المحكمة الاتحادية على فقرتين منها، وهو أمر كان بالإمكان تجنبه أيضاً لو تم التريث قليلا من أطراف الخصام، والنزوع إلى حله بشكل (أوقت). لكن ماذا نفعل وأمر إقرار الموازنة أتى وفق أجواء مشحونة للغاية.










