TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جمعة ارحمونا

جمعة ارحمونا

نشر في: 10 مارس, 2013: 08:00 م

أطراف المشكلة العراقية ، سائرون نحو التصعيد ، والدعايات الانتخابية المنتشرة في بغداد وبقية المحافظات ، غير كافية لإعطاء رسالة اطمئنان للعراقيين تفيد بأن الأوضاع مستقرة ، في ظل استمرار  التظاهرات ، وتبادل  الاتهامات بين المحتجين والحكومة ، ومن توفرت له فرصة متابعة الاحداث بعد الجمعة الماضية يشعر بأن البلد أصبح تحت رحمة عفريت ، يتجه به نحو المجهول .

الأزمة العراقية المستعصية أصبحت مشكلة ، وتتحمل مسؤوليتها الأطراف المشاركة في الحكومة ، لفشلها في تحقيق اتفاق على عقد اجتماع موسع أو مؤتمر، لبحث القضايا التي تهدد مستقبل العملية السياسية ، أو في أقل تقدير إيجاد أرضية مشتركة ، تنقذ البلاد من الانزلاق نحو منعطف خطير ، وإذا كان القادة السياسيون  يصرون على مواقفهم ، ويرون في التصعيد  السبيل الوحيد لتحقيق أهدافهم ، فإنهم بهذا الإصرار  حفروا في الأرض العراقية خنادق طائفية ، يتمترس فيها من شعر  بأن الديمقراطية جردته من امتيازاته ، وأبعدته عن السلطة ، وآخر يتشبث بها ، بذريعة التمسك بالدستور ، وتطبيق مواده .

جمعة "الفرصة الأخيرة "  كشفت عن صعوبة تحقيق تقارب بين المحتجين والحكومة ، ورافقتها أحداث أخرى ، تؤكد أن الأيام المقبلة تتجه نحو التصعيد ، وبغض النظر عما أعلن بخصوص  اتخاذ إجراءات لتنفيذ مطالب المحتجين ، سواء بإطلاق سراح موقوفين ومعتقلين ومحتجزين  وإلغاء قرارات طالت المشمولين بالمساءلة والعدالة ، لم يصل الطرفان بعد إلى نقطة مشتركة ، تعزز الثقة بين الجانبين ،  وهنا تكمن الخطورة ، وبهذه الأجواء المشحونة بخطاب يتجاهل  الفهم الصحيح للديمقراطية ، ظهر العفريت ، فأشاع المخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف ، وقلق من عودة سنوات الاحتقان الطائفي .

من حق العراقيين اليوم وكرد فعل على ما يجري في البلاد أن  يعلنوا رفضهم لكل مظاهر تهديد أمنهم ، وقد تكون "جمعة ارحمونا " خطوة أولى بهذا الاتجاه ، ورسالة موجهة إلى الحكومة والمتظاهرين وجميع القوى المشاركة في العملية السياسية لكي تتخذ موقفا موحدا يمنع العفريت من القيام بأي عمل أحمق ، يطول العباد .

"جمعة ارحمونا " دعوة افتراضية  للحفاظ على السلم الأهلي ، ونبذ العنف ،  والتمسك بالقانون ، ومحاولة لإعادة قراءة المواقف بشكل يخدم مصلحة البلاد من منظار وطني،  بعيدا عن أية دوافع  مناطقية أو مذهبية ، وبخلاف ذلك ، سيجد العفريت الطريق أمامه معبدا ليحقق مكاسب رخيصة لصالح من أسهم في إخراجه من قمقمه ، سواء  بعوامل داخلية أو خارجية .

استغاثة "ارحمونا " صوت عراقي ينطلق من شعور وطني ، لا أحد يستطيع المزايدة عليه ، وهو بانتظار من يدعمه ، من القادة السياسيين والأطراف المشاركة في الحكومة ، وكذلك من المتظاهرين ، ليحافظوا على شرعية حقوقهم ،وتشكيل جبهة  عريضة ضد العفاريت .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram