TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مثــل الخرسـة

مثــل الخرسـة

نشر في: 11 مارس, 2013: 08:00 م

في الصباح الذي سبق بيان صدام إعلان الحرب على إيران كنت في مبنى الإذاعة وفي قسم البرامج الريفية بالذات، أضع اللمسات الأخيرة على برنامج الشعر الشعبي الذي كنت أعدّه. كنت لوحدي عندما دخل مدير الإذاعة، ليبلغ بضرورة تغيير البرامج كلها ضد إيران.  سألته هل بدأت الحرب؟ كلا بل بدأت المعركة لأن الحرب قائمة منذ أشهر.  دبّ في قلبي خوف لم أعهده من قبل. ربما هو الذي ترسب عندي في اللاشعور ليظهر في بيت شعر كتبته بعد أعوام قلت فيه:
مثل الخوف .. بس مو خوف
عصر قلبي عصر، ويكلي مدري شصار؟
الحالة ذاتها انتابتني حين قرأت عمود الأمس "جمعة ارحمونا" للزميل علاء حسن، الذي يسحرني دائما بانتقاء عناوين أعمدته. أي خوف هذا الذي يعتصر قلب زميلي حتى صوره "عفريتاً"؟ ولماذا لم يحتج إلى توضيح معالمه؟ أعتقد انه يعرف جيدا انه ليس بحاجة لذلك لأن "للعفاريت" بالعراق رائحة تغني عن مشاهدتها. إنها رائحة الحرب التي لا أظن أن شعباً يجيد تشخيصها أكثر من العراقيين. من يقول إن الحرب الطائفية على الأبواب فهو مخطيء لأنها قائمة بالفعل. "العفاريت" جاهزة في انتظار ساعة الصفر لتبدأ المعركة، وعلاء يحشّم لتشكيل جبهة عريضة لمحاربتها.
المعركة، أي معركة، خارجية أو أهلية، تبدأ بحرب. حتى إن كانت بين صباح الساعدي وطارق حرب. فالشتائم والتهديدات وإلصاق التهم بهذا الطرف أو ذاك، وتحضير القصائد والأغنيات، حرب. إنها تحضيرات للمعركة الطائفية التي قبل أيام بشرنا بها المالكي بكل ثقة. الوقود السريع الاشتعال مرشوش. وعلبة الكبريت مفتوحة. الأمر متوقف على جاهل يشخط العود فتشب النار.
في الفيسبوك الحرب واصلة "لخوة موزة". لا أتحدث عن المهاترات والشتائم والتكفير والتخوين، بل عن الأناشيد والأغنيات الحربية. قاسم سلطان ومعه محمد عبد الجبار لديهما أغنية الآن يشحنان فيها شخصاً لا يصرحان باسمه بل يقولان انه "يعرف روحه". منو؟ يظهر في الصورة علي حاتم سليمان يشمّر ذرعانه والشرر يتطاير من بين عينيه. أبوذيات وهوسات كتلك التي كانت تقال لصدام، صارت اليوم تشحن المالكي وتمتدحه كي يشهر سيفه طلباً "للثأر". أوليس هو مختار العصر؟!!
على الفضائيات بيانات واعترافات تبثها القوى الأمنية تجعل من أعداء القاعدة قاعدة. اغتيالات لقادة التظاهرات وشيوخ عشائر. رصاص يخترق صدر متظاهرين. جيش ينسحب بناء على طلبات المتظاهرين فيصورهم احدهم وبجنبه من يتحسر لأنهم عادوا أحياء إذ كان يجب أن يُقتلوا وكأنهم جاءوا من بلد آخر!
كل ذلك يحدث والحكومة "مثل الخرسة". هل تعرفونها؟ إنها تلك التي صار اسمها مثلا على ألسنة أهل العمارة. ففي إحدى القرى كان لتلك الخرسة عشيقاً. وإن أراد أن يختلي بها "يندسها" على كتفها فتفرش عباءتها. ذات يوم أوشك النهر المحيط بالقرية أن يفيض فتحزم أهلها للفرار. تذكر العاشق حبيبته فركض نحوها ليخبرها كي تهرب مع الهاربين. ندسها، ففرشت عباءتها ظناً منها أنها زيارة غرامية!
تذكرت قصتها وأنا استمع إلى خطاب المالكي بمؤتمر القانونيين العرب فصار يستغله للترويج لقائمته الانتخابية. أي دولة قانون والحرب قائمة يا دولة الرئيس؟ ما هكذا تورد "الحسجة" يا رجل.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. جاسم الاسدي

    كان الاحرى بك ان تحذو حذو زميلك علاء حسن وتختار عنوان يتقبله القارئ لكن المشكله في طبعك والتدني الذي داخلك هو الذي يدفعك لكي تختار هكذا عنوان وهو عبارة عن مثل تافه لايمثل واقع سوى من همه الجنس واللذة الرخيصه وهذا مجالك وانت فارسه

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram