تتواتر الأنباء يومياً عن أحداث مؤسفة يشهدها مخيم الزعتري، الذي يؤوي عشرات الآلاف من الإخوة السوريين، الفارين من جحيم الحرب في وطنهم، وتتراوح تلك الأنباء بين اشتباكات بين اللاجئين أنفسهم، أو بينهم وبين رجال الدرك، المكلفين السهر على أمن المخيم، وتأتي الاشتباكات على خلفية عدم رضا اللاجئين عن الظروف غير الإنسانية للمعيشة في المخيم، واحتجاجاً على ما وصفوه سوء الخدمات المقدمة لهم، وبالرغم من أن المسؤولين وقيادات الأجهزة الأمنية هناك، يسعون لسماع مطالب المتظاهرين، إلا أن ردهم يكون عادة بقذف الحجارة، باتجاه من يسعون لمحاورتهم، ما يضطر رجال الدرك للتدخل بالغاز المدمّع، للسيطرة على الموقف.
من ناحية ثانية تتحدث بعض أجهزة الإعلام عن انتشار ظاهرة الدعارة في المخيم، بسبب الفقر والحاجة للمال، من دون أن تقدم أي أدلة على ما تنشره، حتى أن وكالة أنباء عالمية محترمة، قالت إن رجلاً سورياً باع ابنته لعجوز سعودي بمبلغ 2000 دولار، في حين تبيع المرأة جسدها مقابل 7 دولارات، وتتحدث بعض المواقع الإلكترونية عن انتقال الظاهرة إلى مدينة المفرق، وتنقل عن مصادر أمنية ،أنه تنتشر فيها حاليا نحو 178 بيت دعارة، نتيجة الوجود الكثيف للاجئين السوريين في المدينة، إضافة إلى ضبط كميات من المخدرات يجري تداولها بعيداً عن الأعين، وليس سراً التأثيرات السلبية على المجتمع الأردني، البعيد عن هذه الظاهرة، فيما لو صحّت تلك الأنباء.
في المقابل فإن تقارير صحفية، تتحدث عن حياة طبيعية بدأت تفرض إيقاعها في الزعتري، فهناك من فتح محال لبيع الأغذية أو الملابس، وهناك من وجد لمهنته السابقة سوقاً، فافتتح دكاناً للحلاقة، أو ما شابه من الخدمات، ولا يعني ذلك بحال أن اللاجئين استقروا نهائياً، وأن أكثرهم لن يعود إلى بلاده، فمهما تطورت حياة المخيم، فإنها لن ترقَ لمستوى المعيشة الذي تركه اللاجئون في وطنهم، على ما يمكن أن يكون عليه من بساطة، ثم إن الاستقرار سيظل مفقوداً في المخيم وهو شرط أساس لبناء حياة منتجة.
المعضلة الأكبر التي تواجه السلطات هي بسط الأمن، ومنع الانفلات بكل أشكاله، والملاحظ أن اللاجئين يتعاملون مع قوات الدرك خصوصاً، وكأنها قوة احتلال، أو معادية لهم، ولعل مرد ذلك إلى ثقافة سادت وطنهم لمدة أربعين عاماً، إلى جانب متطلبات، تبدو غريبة وغير منطقية، وكأن الأردن دعاهم للجوء إلى أراضيه، أو كأن لديه إمكانات ضخمة لتلبية احتياجات الرفاه الكامل لهم، وكأنه لم يقدم كل إمكاناته لتوفير متطلبات الحد الأدنى لهم، على ما في ذلك من ضغط على موارده الشحيحة أصلاً، وقد سمعنا مؤخراً أن المزيد من التعزيزات الأمنية في طريقها إلى المخيم، للسيطرة على حالة الانفلات، التي تبيح لأي مجموعة فيه، مهاجمة رجال الدرك، وإيقاع إصابات في صفوفهم.
لا يتحدث أحد عن مخيم آخر للاجئين وهو الذي يؤوي عسكريين انشقوا عن النظام، يقضون أوقاتهم في فراغ كامل الأوصاف، والسؤال هو لماذا لا يتم تدريب هؤلاء على حفظ الأمن في مخيم إخوانهم من اللاجئين، ويمكن لأي جهة دولية تولي الإنفاق على هذه القوة " العسكرية الشرطية" للقيام بواجب تمليه عليها الظروف، بدل الترهل في مخيم خاص، متوقع أن نسمع رفضاً للفكرة، وكلاماً عن السيادة، وعدم جواز وجود قوة مسلحة غير الأردنية، لكن الرد المنتظر هو من جهازي الأمن العام والدرك، حيث سيكون ارتباط قيادة القوة المقترحة كاملاً معهما، وبحيث تقتصر مهمتها على حفظ أمن اللاجئين في الزعتري، أو غيره من مخيمات اللجوء المتوقع إقامتها.
أمن الزعتري.. مسؤولية من؟
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2013: 08:00 م