كيف تدار الدولة اليوم، وكيف نحلم بتحلية ماء شط العرب عبر تجفيف هور الخميسية بذي قار، او نحلم بوقف التظاهرات عبر اعتقال زعيم مثل ابو ريشة؟ وما هو رد معارضي السلطان على هذا، وهل سيجدي انسحابهم؟ اما نحن فمتى نمل من طرح هذه الاسئلة؟
الساسة الذين نحدثهم عما يجري في الرمادي والموصل يعربون عن خوف كبير مما يمكن ان يحصل. نحدثهم عن امكانية اطلاق حوار مع اطراف معتدلة لتطويق اي خطر ولحماية المظاهرات وايضا لتوظيف زخم مظاهرات صحيحة وناضجة من اجل الضغط لوقف التفرد عند حده، فيجيبون ان الفريق السياسي والعسكري للسلطان "أسرع من الجميع" وبيده كل الادوات لاستفزاز المتظاهرين، وان الخطر ينجم عن قرارات اعتقال منظمي التظاهرات، خاصة لو طالت الاعتقالات زعماء من طراز ابو ريشة.
حقا، ماذا لو نفذت مذكرات الاعتقال بحق ابو ريشة وحاتم علي السليمان، ولاحقا ربما وزير الزراعة المستقيل، وهلم جرا؟
ويبدو ان هناك من يقول للمالكي ان لديه طريقة "سهلة جدا" لانهاء المظاهرات التي هي "فقاعات" كما يتخيل. ويؤكد له ان بإمكانه اعتقال بضعة شباب ينظمونها وزعيما اجتماعيا مثل ابو ريشة، ليسكت المتظاهرين ويقنعهم ان يعودوا الى بيوتهم، كي يبقى هو ينقض القرارات ببركة السيد مدحت المحمود، ويصوت على الموازنة بغياب العراقية والاكراد. وكي يبقى المالكي يواصل البحث عن اكباش فداء آخرين فيما تبقى من دوائر الدولة الحساسة يشبهون سنان الشبيبي ومظهر محمد صالح، لكي يصل الى يوم الاقتراع بعد شهر ونصف ويجد نفسه "السلطان الاعلى" الضامن للنتائج بألف طريقة وطريقة.
ان الخطر يهدد الجميع، واستسهال طريقة "القضاء" على المظاهرات وتدميرها، سيجر آلاما كبيرة لا سمح الله. ولكن "الاختلال العاطفي" لدى السلطان يشجعه على فعل كل ما هو مدمر، وعلى تضييع كل فرص الحوار والاعتدال.
عباس البياتي يقول للمدى امس ان الحوار الوطني لن ينعقد الا بعد الانتخابات! جزء من مخاوفنا يستعر والزعماء يعجزون عن القيام باتصالات مناسبة. وبينما نخشى ان ينظم المالكي حملة اعتقالات تصنع عشرين نموذج لطارق الهاشمي ورافع العيساوي، وعشرين سببا جديدا للتصعيد والانقسام، فإن وزير الزراعة بعد ساعتين من مقتل محتجي نينوى يستقيل.
لقد نسي الوزير وكتلته ان الاستقالة الكبرى التي حصلت عام 2007 من حكومة المالكي الاولى، لم تؤد الى نتيجة، بل ادت الى تقوية المالكي. لقد كانت استقالة مدوية شارك فيها وزراء التيار الصدري ووزراء اياد علاوي ووزراء جبهة التوافق، اي نحو 16 وزيرا، لكن المالكي وعلى طريقته قام بتعيين "وزراء بالوكالة" واستمر يحكمنا حتى هذه الساعة ويوسع نفوذه في كل مفاصل الدولة.
في البصرة لوحدها يوجد نحو 25 مديرا عاما لمديريات مختلفة، وكلهم من الفريق السياسي للمالكي، فقد اصبح هناك "وحده لا شريك له" وقد ذهب يتوضأ "بالماء المالح" لتلك المدينة ممنيا نفسه بفوز جديد، وحين عاتبه الناس بشأن عدم امتلاكهم محطة لتحلية الماء المالح، وأنهم اعادوا الى خزينة بغداد 700 مليون دولار من مخصصاتها، لم يجد اجابة مقنعة. فراح "يصفن" اسبوعا وعثر على طريقة هي قطع مياه "هور الخميسية" في ذي قار لعله يخفف درجة الملوحة في شط العرب وعلى وجوه اطفال البصرة.
هكذا يدير الرجل دولته، يريد اعتقال بضعة رجال لايقاف مظاهرات عارمة تعترض على نهجه، ويريد استخدام مدحت المحمود لاسكات زعماء مهمين من طراز بارزاني والصدر، ويقطع ماء هور الخميسية بهدف "تحلية" مياه شط العرب بقدرة قادر. انه يلجأ الى حلول مضحكة وليس لديه وقت للتفرغ الى حلول استراتيجية للادارة فهو يريد وبأي طريقة "التهام الدولة".
اما وزير الزراعة عز الدين الدولة فلا يجد اي خيار سياسي للتواصل مع باقي معارضي المالكي، او لمحاولة المساهمة في تنضيج خطاب التظاهرات بهدف حمايتها، ويستسهل الانسحاب من الحكومة وترك المكان ليستغله فريق المالكي السياسي والعسكري.
وسوى السيد عز الدين يجلس الكثير من الزعماء مكتوفي الايدي يقلبون مخاوفهم عاجزين عن صناعة لحظة تاريخية بمستوى الحدث.
ان هناك فرصة واحدة على الاقل قبل ان يجري اعتقال ابو ريشة او الاشتباك مجددا مع المتظاهرين، لجمع معتدلي كل الاقوام العراقية، والتمهيد لاعلان عراقي يمنع استخدام الجيش في حل الخلاف السياسي. ولو وجدت الارادة لهذا فإن مرجعية النجف ستكون مع هذا الاعلان، بل ان ملايين العراقيين سيؤيدونه.
افعلوا اي شيء قبل فوات الاوان، فالوقت يمضي، والسلطان اسرع منكم وهو القابض اليوم على "الدين والدولة".
جميع التعليقات 8
ابو عبير
صرخة بكل عناصرها وطنية إنسانية عراقية حقيقية ، بغض النظر عن كل حيثيات المقال لكنه ينتهي بموضوع مهم ( المعتدلون الوطنيون الشباب الذي يقرأون المستقبل بكل حساسية) بحاجة مسؤولة للقاء ، الهدف الوحيد وقف الركض نحو تفتيت الوطن ومراكمة الازمات لتمتد (للمكون) الوا
Son of Iraq
ما زلت تلهث وراء فتات موائد الكرد وهذا ديدن من انسلخ من ..... لتعويض عقدة نقص
العراق اولا وقبل كل شيء
ماهكذت تورد الابل وما هكذا تخاطب العقول ياسيد سرمد .. ياسيد سرمد وانت تكتب نراك شديد التشنج والهوس بالمالكي وفريقه الذي تدعيه .. وانت على الفضائيات دائم التوتر والانفعالات وكثيرا ما يحسب عليك تهجمك وتشهيرك وتشويهك للاخرين . اخي الكريم سرمد ماهكذا توصل ا
هادي فوزي
... أول وأهم شيء أهنئك عليه وعلى ثقافتك الوطنية هو أنك تتعامل مع ابو ريشة وعلي حاتم السلمان ( كزعماء ) وتدافع عنهم ... أما ثاني شيء فأني أهنئك على ما تبذله من جهد جهيد لآرضاء أولياء نعمتك في الأستمرار بشتم المالكي ... وبودي لو تجيبني عن سؤال : هل حقا انك
لينا
هذا الشخص اصبح كالببغاء يردد فقط ما هوه مطلوب منه لم تعد قادر على الاقناع لان الحجج واهية وسخيفة يا سيد سرمد
عبد الله التايب
استاذ سرمد لو اشوفلك شغلة غير الصحافة احسن الك واحسن للقراء لان من ايشوفون هيجي مقالات نتنه يصيبهم خيبة امل كبيرة ممكن اتعرف القراء ليش طردوك من الحرة
احمد
ابشرك السنة اجبن من ان يفعلوا شي جربناهم بياعين كلام
عراقي وبس
مقال رائع اتمنى ان يعي السياسيون والعراقيون لذلك قبل فوات الاوان