TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "خطف" العيساوي وصلاة المطلك

"خطف" العيساوي وصلاة المطلك

نشر في: 12 مارس, 2013: 08:00 م

هل سمع الفريق السياسي والعسكري للسلطان نصيحة عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية التي تضمنها مقاله اليومي في جريدة العدالة؟ ان عليهم حقا ان يقرأوها لو كانوا يقرأون اصلا هذه الايام. وقبل التذكير بما قاله عبد المهدي اريد ان اقوم بتذكيركم بما كتبته بالامس، لاتحدث كذلك عن فكرة ان نأخذ خطيب جامع ابي حنيفة للصلاة في النجف.
في مقالي السابق تساءلت عن احتمال ان يقوم السلطان بتنفيذ المذكرة القضائية بحق ابو ريشة، بعد ان "زهت الدنيا في عين المالكي" وقرر ان يقوم باعتقال كل من يعارض "سلطانه". وقبل ان يجف حبر اقلامنا حاول الجيش خطف او اعتقال نائب رئيس الوزراء السابق ووزير المالية السابق رافع العيساوي حسبما قال هو عن الحادث الذي وصفه رئيس اقليم كردستان بأنه "زج سافر للجيش في الخلاف السياسي".
العيساوي هو اكثر وجه تقدره مظاهرات الانبار لانها انطلقت على خلفية استهداف حماياته في بغداد. وقد استيقظت صباحا لأقرأ الى جوار خبر التعرض للعيساوي، افتتاحية السيد عادل عبد المهدي، التي تجول خلالها في ذاكرته عن انتفاضة عراق 1991، وسرد مواقف مشتركة في الحي اللاتيني بباريس بينه وبين الرئيس جلال طالباني، ومع ساسة اكراد اخرين مثل الدكتور محمود عثمان وعدنان المفتي الرئيس السابق لبرلمان الاقليم.
ويتحدث عبد المهدي عن تقديرات كتبها يومذاك تضمنت توقعا بتمرد او ثورة شعبية تندلع في العراق بسبب سياسات صدام وانهيار جيشه على وقع حرب الكويت. وينهي عبد المهدي مقاله بالعبارة التالية "جاءت الشرارة الاولى للانتفاضة المباركة من ساحة سعد/ البصرة في 1/3/1991، عندما اطلق احد الجنود العائدين النار على تمثال صدام حسين، فانتشرت كالنار في الهشيم". ثم ينهي نائب الرئيس مقاله بسؤال "فهل نتعلم الدروس؟".
ان عبد المهدي يأتي بمثال من انتفاضة 91 لا لمجرد الاستذكار، بل يطرح المعطيات كدرس على الطبقة السياسية اليوم ان تتعلم منه. وفي الحقيقة فإن عبد المهدي يتمنى ان يقوم المالكي بتعلم تلك الدروس، قبل ان يصنع تراجيديا ومبررات في المنطقة الغربية تؤدي الى تحويل الاحتجاجات الى "انتفاضة" ندفع ثمنها جميعا. لكن يبدو لي ان نائب الرئيس يطرح سؤاله بنغمة حزينة، تقول لنا انه شبه يائس من وجود لحظة مناسبة للتعلم في قاموس الفريق السياسي والعسكري للسلطان والذي يرتكب الخطأ ويحاول اصلاحه بحزمة اخطاء اضافية.
لن اعيد ما كررته بالامس محاولا شرح طريقة تفكير حاشية المالكي التي تفترض ان اعتقال العيساوي وابو ريشة قد يؤديان الى اخماد التظاهرات. لكنني اريد ان انطلق من شعورنا جميعا بأن اللحظة تنطوي على خطورة كبيرة. وان احتمالات ان يلجأ المالكي الى "الحل الامني" للتعامل مع المظاهرات، بدأت تتزايد وتتكاثر مؤشراتها. وهذا السيناريو غير مستغرب في طريقة الرجل بإدارة الدولة، ومن يقوم بإغلاق هواتفه وتأجيل "الحوار الوطني" الى ما بعد الانتخابات، لن يكون امامه سوى استفزاز الناس بالعنف.
ولذلك وفي دردشة مع الدكتور صالح المطلك بشأن ازمة المنطقة الغربية، كان يقول للحاضرين انه سيذهب الى الصلاة في جامع ابي حنيفة يوم الجمعة كمحاولة لتعزيز معنى الاحتجاج والتفكير بطريقة لحماية المتظاهرين خشية انزلاق الوضع، وفي اساليب لرفض كل مظاهر التطرف التي من الطبيعي ان تشوب مظاهرات كبيرة وبلا قيادة مركزية مثل احتجاج الشباب في الرمادي والموصل، لكن من الضروري ان ننصت الى نصائح بارزة لكيفية التخلص من اثارها.
لكنني علقت على الموضوع وقلت للمطلك بأن ما يحتاجه العراق اليوم هو ان نصنع حدثا كبيرا يهز ضمائرنا ويمنع المتصيدين في الماء العكر من استغلال انقسامات اهلنا البسطاء الذين يحاول زعماء الطوائف التلاعب بعواطفهم، وفي اعتقادي ان المصلين في جامع ابي حنيفة يؤدون الصلاة كل جمعة بانتظام ولن يكون حضور السيد نائب رئيس الوزراء حلا لازمة كبرى تعيشها البلاد. بل المطلوب هو ان يأخذ المطلك او اي سياسي نافذ في الدولة اليوم، إمام جامع ابي حنيفة الشيخ احمد حسن الطه، ويذهبا معا للصلاة في النجف. ويمكنه ان يقيم هناك اياما وينظم ندوات ومؤتمرا ويدعو شريحة من معتدلي كل الاقوام العراقية لتوقيع ميثاق شرف او كتابة اعلان عراقي يرفض بقوة محاولات زج القوات المسلحة في الخلاف السياسي مع اي طرف تحت ذرائع باتت مفضوحة، وهو اعلان يتوجه ايضا الى المتظاهرين بنصائح شبيهة بالتي ادلى بها الشيخ احمد حسن الطه والسيد مقتدى الصدر، بالتخلص من الرموز التي تثير الانقسام.
ان الصلاة في النجف صارت فرض عين اليوم، فالضغوط التي يمارسها البرلمان وكل مراكز القوى السياسية لا تكفي لاعادة التوازن العاطفي الى السيد السلطان، المحب للهليكوبتر والدبابة وباقي انواع السلاح الخفيف والثقيل. وفي وسع "صلاة" الساسة والوجهاء وصانعي الرأي، في النجف ان تكون رسالة مهمة للجميع ومبادرة ستقدرها المرجعية الدينية العليا التي تصرفت بشكل تاريخي ومسؤول في كل الازمات الاخيرة. وكما قلت بالامس: يجب ان نفعل شيئا في اللحظات الاخيرة التي تسبق كارثة "الحل الامني" التي يتبناها السلطان دون رجعة كما يبدو. الوقت يمر والسلطان هو الاسرع حتى هذه اللحظة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 12

  1. المدقق

    اعيد عليك نصيحتي السابقة بضرورة الاهتمام بمرضك والابتعاد عن الانفعال لانالعواقب الصحية ستكون وخيمة عليك .. فانت رجل مريض بشخص البطل المالكي وتحاول القفز فوق الحقائق وتدافع عن الباطل وكل هذا يسبب لك ضغطا هائلا على اعصابك خاصة مع الانتصارات التي يحققها السل

  2. حكمت حسين

    لدي سؤال منذ مقالة أمس ، لماذا لاتتحرك المرجعية النجفية هي نفسهاوتبادر بمجموعة اقتراحات للحل السلمي للازمةوتلزم به اتباعها . تصريحات ممثلي المرجعية في خطب يوم الجمعة غير كافية وعليها اصدار رسائل وتعاليم ووصايا وتمارس العمل المباشر لانقاذ العراق .

  3. حمدان البصري

    والله يااخ سرمد حيرتنا ، لانعرف ماهذا الخلاف المفاجيء مع السيد المالكي ، فبالامس القريب كنت تكتب ونشاهدك على الفضائيات وانت تمدح المالكي والعمليه السياسية فما هذا الذي نراه منك اليوم وهذا الانقلاب الكبير على المالكي ، اعتقد انه يوجد خلاف شخصي بينك وبين شخ

  4. رحيم عبدالشهيد عون

    واضح تماما أن الطائفيين المنتشين بإستخدام الطرق الملتوية لتحقيق الأهداف (و هذا طبعا هو أسلوب السياسيين الإسلاميين في كل مكان سواء في العراق أو مصر أو تونس أو إيران لكونهم مجموعة من الدجالة الذين يلبسون الدين غطاء لتحقيق أهداف دنيوية قذرة) واضح أن هؤلاء لم

  5. كريم علي

    صحيح لماذا لا تتحرك المرجعية وتنصح الحكومة بان تجد حلا للازمة الحالية وفورا حيث اثبت الشهرستاني ان اكثر من 3 سجين اطلق سراحهم كانوا مظاليم واذا لم نسمع من مرجعيتنا الرشيده كلمه حق عالية فاننا سنذهب الى ما يتمناه احد وهذه هي اللحظه التاريخية ان نسمع غدا ال

  6. ابن البصرة

    لا اعرف كيف تمت مقارنة الاحداث الحالية بالانتفاضة الشعبانية. انه امر غريب لقد كانوا الشيعة و الاكراد تحت مطحنة الموت الصدامية بينما كانوا السنة في العراق يتمتعون بكل الامتيازات و الثروات. و الان عندما وصل الينا جزء بسيط من حقوقنا المهدورة انتفض الاخوة الس

  7. حنين العراق

    ونعم السلطان ونعم من المالكي الصادق الامين الحريص على وحدة وتماسك البلد، نعم سلطان لانه لا يداهن اهل الباطل والشراذم، بل يقف بوجه من تسول لهم نفوسهم المريضة بيع البلد الى كل من هب ودب ومن لا يحرص الا على مصالحه الذاتية مثل الكرد الذين لاتهمهم سمعة العرا

  8. مواطن

    لا هجب بان العراق لايتقدم في كل النواحي والاصعده لوجود المتملقين والمنتفعين على شاكلة المدقق!! فهؤلاء من يصنع من الانسان المسالم الى وحش جبار متسلط على العباد ويصنعون له صنما مقدسا لايمكن للبشر المساس به وفي اخر حديثه(المدقققق) لاأدري هل هو تحذير أو تهدي

  9. كاطع جواد

    يبدو ان السياسة في العراق اصبحت غالب او مغلوب وليس هاجس وطني على الجميع التمسك به والدفاع عنه فشهوة السلطة والمغانم التي تدر على من يمسك بها تجعل صاحبها في حالة لا يفيق منها الا بعد فوات الأوان ..

  10. احمد

    إلى السيد المدقق بالمقلوب ان السيد سرمد الطائي مثقف ويحب الخير للعراق. ويبدو انك تعتبر العنجهية والدكتاتورية وفرض الارادة على الاخرين طريقا مفيدا لبناء العراق لقد أخطأت ألف مرة ،ماذا تقول لو اعلن الكرد استقلالهم عن العراق غدا،فمن سيتحمل المسؤلية السيد الم

  11. فادي أنس

    أستاذي الفاضل سرمد الطائي يبدو أن للسلطان مؤيدون تحت أغراء المال أو السلطه وأن الوضع الحالي يناسبهم تماما. كما يبدو بأن المدقق متأكد من أن عمه المالكي سائر في طريق اللاعوده ألى نهايته. أنا لاأزعم بأن خصوم المالكي سوف يقتلون كذا و سيحرقون كذا ولكن ماأجزم

  12. ابو التسطير

    مثل هذه المقاللات لافائدة منها لكون اصحابها نائمين ورجليهم بالشمس اذا عدكم مثل هذه الحكمة والتسطير ليش تهربون من المسؤلية ولانريد ان نسمع مثل هذه المقالات التي لاتغني ولا تسمن ..نامو احسن او اذهبو من حيث جئتم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram