TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل يتحمل الائتلاف الوطني مسؤولية تقسيم العراق؟

هل يتحمل الائتلاف الوطني مسؤولية تقسيم العراق؟

نشر في: 13 مارس, 2013: 09:01 م

لم اكن ارغب في كتابة هذه السطور، ولكنني مثل غيري من الكُتاب، نجد انفسنا مجبرين لأن نقول وبصراحة: هل يتحمل الاثتلاف الوطني مسؤولية تقسيم العراق؟ ولماذا يصمت قادته على حالة التجيش الطائفي التي يلعب عليها ائتلاف دولة القانون؟

قبل ايام كنت اتحدث عبر الهاتف مع قيادي في الائتلاف الوطني، حيث كانت نبرات صوته تحمل أسى وحزنا حقيقيا، فالرجل قال لي وبالحرف الواحد: لم يكن الائتلاف الوطني  مرتبكا وحائرا  يتخبط في دروب قلة الحيلة مثلما هو هذه الايام.. مضيفا ان ما تسمعه من أصوات قادة الائتلاف ما هي الا زئير يدوي في فراغ.. وقبل ان ينهي الرجل حديثه معي لخص الازمة  بجملة  واحدة: خياراتنا في الائتلاف الوطني محدودة  فنحن اليوم مثل لاعب الشطرنج الذي لم يعد امامه  سوى نقلة واحدة ليموت في النهاية ملكة.. واعتقد انه توصيف برغم تشاؤمة إلا انه في غاية الدقة والواقعية.

اليوم يواجه الائتلاف الوطني امتحانا حقيقيا وجادا، وهو ما يتطلب من قادته التحلى بأقصى قدر من الإحساس بالمسؤوولية، السياسية والاخلاقية، لإبطال مفعول اللغم الذي زرعه المالكي تحت أقدام الجميع، ويخطيء الائتلاف كثير إذا اعتقد ان الخلاف مع المالكي هو خلاف مع الشيعة، وان المطالبة بتحديد ولاية رئيس الوزراء هو محاولة لاقصاء الائتلاف الوطني، او انه انتقاص من  شعبية  هذا الائتلاف، وبالقدر ذاته يخطيء البعض من قادة العراقية، ان اعتبروا المالكي صاحب الولاية على الائتلاف الوطني، ولهذا اعتقد ان هناك فرصة حقيقية اخيرة ليتصرف الائتلاف بروح المسؤولية الوطنية، فيما يتعلق بمطالب الاطراف الاخرى بالعملية السياسية، خصوصا أن الحلول لاتتطلب أكثر من احترام التعهدات التي وقع عليها المالكي نفسه عام 2010 وبالتأكيد لو ان هذا الامر تم بالوجه الصحيح سينقل الكرة إلى ملعب  الاطراف الاخرى التي عليها ايضا ان تدرك جيدا أن الأوضاع فى البلاد  لا تتحمل شحناً طائفياً ولا مغامرات سياسية على حساب امن الناس واستقرارهم.

اعرف وكما يعرف السادة قادة الائتلاف الوطني ان السيد المالكي لم يستوعب بعد، فكرة ان التغيير الذي حصل عام 2003، يعنى فى المقام الاول التخلى عن عقل احتكار السلطة، وان العملية السياسية لم تعد تحتمل جدالا من نوع.: هل تحبني أم تكرهني؟ وهل أنت مع الشيعة أم  تدافع عن السنة، اعتقد ان السؤال اليوم هو في كيفية صناعة نظام ديمقراطي  بعد عقود من السلطة المطلقة؟ وهكذا سؤال يتطلب من قادة الائتلاف الوطني ان يضمنوا للعراقيين جميعا بلا استثناء، مباديء العدل والمساواة، وان يدركوا ان الحكم لايعني  الحصول على الامتيازات، واستعراض العضلات، وممارسة لعبة الشحن الطائفي.

في هذه اللحظات العصيبة يحتاج العراقيون الى سياسيين شجعان لايمارسون لعبة قذف التهم بينهم، ولا تعليق المشاكل على شماعات وهمية.. يحتاجون الى سياسيين يرفضون  توريط الجيش في مغامرات غير محسوبة المخاطر، هذه مسؤوليات لا تحتاج إلى دفاع عن المخطيء لتقويته أو لحمايته. فالامر في النهاية يتحول الى لعب بالنار. والخطأ يولد خطأً اكبر، على الائتلاف الوطني ان لايتصور انه يجلس في مقاعد المتفرجين، انه جزء أساس فيما يجري، بل هو في موقع المسؤولية الكبيرة، وعليه ان يقف موقفا موحدا ضد كل من يريد ان يحرق العراق او ان يذهب به الى خيار التقسيم، فأهم  من ان يفوز فلان في هذا الصراع، هو ان نطمئن على العراق وعلى مستقبله وعلى مصيره، واهم من ان يطمئن البعض على استمراره المالكي في ولاية ثالثة ورابعة، هو ان نطمئن جميعا على امن البلد واستقراره ومستقبله.. العراقيون انحازوا للديمقراطية، لكن ساستهم انحازوا لمصالحهم الشخصية، فخلطوا شعارات مصلحة الوطن باطماعهم السياسية.

على الائتلاف الوطني اليوم ان يجيبنا على سؤال مهم.. من يريد ان يطلق الرصاص على وحدة العراق وأمنه واستقراره... على قادة الائتلاف ان لا يواصلوا لعبة الاستمتاع بروايات المالكي فقط.. فمهمتهم اليوم ان يقرءوا الأحداث كما هي مرسومة بعيون جميع العراقيين سنة وشيعة، عربا وكرداً، مسلمين ومسسيحيين، صابئة وايزيديين.. على الائتلاف ان يدرك ان مسؤوليته الحقيقية أن يكون ائتلافاً لكل العراقيين وليس ناطقاً باسم المالكي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. كاطع جواد

    المشكلة تبدأ من النظام الانتخابي فالكتل النيابية هي ليست مجموعة من ممثلي الشعب بل مجموعة من النفعين والطفيليين جاء بهم رئيس هذه الكتلة او ذاك لذا غابت السلطة الرقابية والتي هي الأهم في العملية السياسية لذا نرى هناك شلل تام في عمل هذه السلطة فالفاعلون الحق

  2. ابو اليوث

    الاخ كاتب العمود المحترم كلامك جيدولكن لي سوال ماذا عمل المالكي لكي الكل يثورون عليه ولماذا يسكت الاتلاف الشيعي اذا كانت له اخطاء فلماذا لاينبههوه هل هم يخافون منه والسوال الاخر لوكان شركائنا كما هم يدعون لايعجبهم المالكي لانه يحرص علئ وحده العراق ولا

  3. رمزي الحيدر

    الائتلاف الوطني لا يجيبك على سؤالك المهم..لأنهم هم جميعاً مَن أسسو الطائفية في هذا البلد ، وعلى المرجعيات الدينية أن تقوم بخطوة جريئة بمنع الأحزاب الدينية من الدخول إلى الحياة السياسة و إرجاعهم إلى مكانهم الحقيقي في الجوامع و الحسينيات ، قبل فوات الأ

  4. عامرعمار

    الفيدرالية يجب أن تكون هدفا ساميا لكل العراقيين..ولكن الوصول أليها يجب أن يكون عبر التفاهمات وأحترام الأقليات وحب العراق وهو ما يجب أن يترسخ في نفوس كل المواطنين فمرحبابها فهي خطوة بالأتجاه الصحيح للنظام الديمقراطي وهي نتاج طبيعي لخطوة الحكومات المحليه..و

  5. Souad او سعاد

    لا احب المدح المبالغ, ولكن صوتك وكتاباتك لها اهميه كبيره في هذه المرحله التي يمر بها العراق من الخراب علي كافه الاصعده بل وتشمل حتي النخبه المثقفه وها تنتجه من خراب طائقي الثقافه علي حسين.. انت تكتب وتلمس جروحناالعراقيه الحقيقيه, والتي لم تاخذ مكانتهاالح

  6. علي الموسوي

    لقد إحتوى المقال على تمنيات ميتافزيقية كما اعتقد ذالك , متمنياً عدم إسائة الأدب ,من هذه التمنيات مثلاً ؛أن على الائتلاف الوطني ان يقرءوا الأحداث كما هي مرسومة بعيون جميع العراقيين. وبهذا حاول الكاتب الكريم أن يتناسى الطبيعة السياسية الطائفية للائتلاف الو

  7. مواطن

    لقد جاء بريمر الخبير في معالجة الارهاب وفي جعبته بذور 13 شيعي و6سني و5كردي 3 متفرقه من عدة أطياف بعد أن أقتلع ما تبقى ما في الارض من مؤوسسات حكوميه من جيش وامن ومخابرات وغيرها زرع الخبير البذور وها نحن نحصد ما زرع الى يوم يبعثون المساله بسيطه ما بنيه على

  8. علي الموسوي

    لقد إحتوى المقال على تمنيات ميتافزيقية كما اعتقد ذالك , متمنياً عدم تجاوزي الياقة الأدبية في هذا. ومن تلك التمنيات التي قد إحتواها المقال مثلاً أن على الائتلاف الوطني ان يقرءوا الأحداث كما هي مرسومة بعيون جميع العراقيين . وبهذا حاول الكاتب الكريم أن يت

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram