TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غاز إسرائيلي للأردن!

غاز إسرائيلي للأردن!

نشر في: 15 مارس, 2013: 09:01 م

نصيحة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى للأردن، بشراء الغاز الطبيعي من إسرائيل، بما يمكنه من حل مشكلة الطاقة، التي استفحلت بعد وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، وما رافق ذلك تفجيرات غامضة لخط الغاز المزود للأردن من مصر، والقول إن زيارة الرئيس الأميركي المنتظرة للمنطقة، ستكون فرصة مثالية لإظهار الدعم للتعاون الإقليمي، الذي من شأنه أن يضع حلولاً لمشاكل الطاقة التي تواجهها الأردن، تبدو كما لو كانت فخاً تنصبه واشنطن لعمان، خاصة حين نطالع ما يتوقعه المعهد من زيارة أوباما، حيث يعتبرها فرصة لما يصفه مجابهة الخطاب السياسي والأفكار السيئة، التي تُعيق الحلول المنطقية للطاقة، حتى ليبدو أن الإدارة الأميركية عبر هذا المعهد تقول، إن على الأردن إدارة ظهره لأمته والنوم في حضن إسرائيل، ووقاحة الطرح هنا لاتحتاج لمن يؤشر عليها.
وهدف آخر لم يخجل المعهد من الإفصاح عنه حين قال، إن إنشاء طريق لنقل الغاز بين إسرائيل والأردن، سيزيد من احتمالية الاستفادة من الغاز غير المستغل، المستخرج من قبالة ساحل غزة، وبما يعني أن هناك عمليةً لتسويق الغاز الذي تستخرجه إسرائيل، للأردن أولاً، ولقطاع غزة ثانياً، وبحيث يحل محل الوقود المستخدم في تشغيل محطة الطاقة المحلية، والمدهش أن هناك ما يشبه التحذير من اعتماد الأردن للطاقة النووية السلمية، ورفضه الرضوخ لأي قيود أمريكية بشأن تخصيب وقود اليورانيوم، اللازم للمحطتين النوويتين، اللتين يتفاوض مع روسيا واليابان وغيرهما لبنائهما، والمدهش هنا الإشارة إلى اهتمام أوباما بتقليل خطر انتشار الأسلحة النووية، وكأن المفاعلين يبنيان لإنتاج السلاح، وكأن الغرب لا يعرف اتجاهات السياسة الأردنية، بالنسبة لهذا الموضوع.
المصلحة الإسرائيلية هي الهدف إذن، فالمعهد يتحدث عن احتمالات تصدير إسرائيل للغاز إلى الأردن، بمجرد أن يبدأ حقل "تمار" البحري الضخم في الإنتاج، حيث تنظر إسرائيل إلى الأردن والأراضي الفلسطينية، كعملاء تصدير من الدرجة الأولى، لأن توصيل الغاز إليهم، لن يتطلب سوى إضافة أميال قليلة لخط الأنابيب، في الوقت الذي تتسم فيه خياراتها التصديرية الأخرى بالتعقيد، حيث تتضمن إنشاء خطوط أنابيب طويلة تسير تحت البحر، أو إنشاء محطات غاز طبيعي سائل باهظة التكلفة، ومسبقاً يؤشر المعهد إلى مشكلة منتظرة يمكن لإسرائيل طبعاً مواجهتها، تتعلق بكيفية ضمان تدفق العائدات التجارية إلى السلطة الفلسطينية في رام الله، بدلاً من أن تصل إلى أيدي مسؤولي حماس، الذين يسيطرون على قطاع غزة.
معضلة الطاقة التي تواجه الأردنيين حقيقية، وتستنزف الكثير من "طاقتهم"، وهم بالتأكيد يفتشون عن حلول لها، غير أن المؤكد أنهم ليسوا معنيين أخيراً بالارتهان للسياسات الإسرائيلية، حيث يستحيل ضمان إمدادات الغاز من الدولة العبرية، حتّى لو كان الخيار مطروحاً، وهو مرفوض حتّى اليوم شعبياً، حيث تتنامى مشاعر الرفض لأي تطبيع مع الدولة العبرية، والسبب هو التعاطي السلبي الذي تنتهجه إسرائيل مع معاهدة السلام، التي تأمّل الأردن الرسمي أن تكون خطوةً حقيقيةً لسيادة السلام في هذه المنطقة، وإذ ينظر الشارع الأردني بسلبية لزيارة أوباما المنتظرة للمنطقة، فإن اقتراح المعهد يؤجج هذه المشاعر، لإدراك الجميع أن السياسات التي تتبناها واشنطن، إنما تتم صياغتها في تلك المعاهد، ومنها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
ما يلفت النظر، أن الدول النفطية العربية تتفرج على هذا الموضوع بحياد سلبي، والمؤلم أن ترد إلى الذهن أفكار سلبية عن مشاركتها في إيصال الأردن إلى هذا الحال، ولنا أن نأمل أن لا تكون مثل هذه الأفكار حقيقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram