تثير المقالات التي انشرها وبعض الزملاء، العديد من التعليقات التي يطالبنا أصحابها بأن نتوخى الدقة ونحن نتحدث عن رئيس وزراء منتخب.. ويذهب البعض منهم شوطا ابعد حين يقول كيف تريدون إجهاض عملية سياسية جاءت عبر صناديق الاقتراع، فانتم بذلك إنما تسقطون الديمقراطية؟.. هكذا هي الاصوات الغاضبة التي لا تزال تقدس الحاكم، ولا تناقشه إعمالا لمبدأ السمع والطاعة، إنهم يؤمنون بأن الحاكم لا يمس... ويريدون أن يوصلوا هذا المعنى إلى جميع المواطنين.. متناسين أن الناس تدافع عن أفعال الحاكم لا عن قدسيته ومنصبه.
للاسف يفهم البعض الديمقراطية على انها فعل مجرد بلا قيم ومبادئ.. ويتصور آخرون أن الديمقراطية يمكن أن تسمح لمن جاء عبر صناديق الاقتراع بأن يمارس الاستبداد والتسلط.. يقرر فلا يراجعه احد، ولا ترد له كلمة.. يقولون إن المالكي حصل على 600 ألف صوت وهي التي تمنحه تفويضاً لملكية الدولة بكل مؤسساتها.
ولكنهم لا يسألون سؤلا مهما: كيف تصل إلى الحكم بطرق ديمقراطية، ثم تصر على فرض أساليب استبدادية؟ كيف تؤدي اليمين على الحفاظ على استقلالية مؤسسات الدولة، ثم تبدأ باحتلالها الواحدة بعد الأخرى، وفرض السيطرة المطلقة عليها.. كيف تصعد الى كرسي الحكم بالديمقراطية، ثم تعمل جاهدا على تدمير كل أسس الدولة المدنية.. أليست هذه خيانة للصندوق ولـ600 الف صوت.. هذا ما لايريد ان يفهمه البعض حين يصر على اقتناص كل شيء باسم الديمقراطية.
عندما يدمر الحاكم مؤسسات النزاهة والقضاء والإعلام، بدلا من تقويتها ومنحها استقلالية كاملة، فهو حتما يهين صناديق الاقتراع، ويسخر من الـ600 الف صوت التي انتخبته، وعندما تُسرق أحلام الناس وتطلعاتهم ببلد آمن ومستقر لتمرير نظام حكم لا يؤمن بالشراكة في الارض والتاريخ،.. فإنه ليس أمامنا نحن الكتاب الذين لا نملك سوى سلاح الكلمة إلا أن نكتب من اجل التنبيه الى الكارثة التي ستطيح بنا جميعا.
هل تجعلنا ممارسات رئيس الوزراء نشعر بالخوف؟ بالتأكيد، لأن صورة البلاد ذات المؤسسات الفاعلة لم يعد لها وجود أصلا، بعد أن قرر السيد المالكي أن يجعل من البرلمان مجرد صورة لديمقراطية زائفة، اليوم الكل يتحدث عن القضاء ودولة القانون ولكنهم يخططون في الخفاء لإعلاء منطق الدولة التي مرجعيتها كل شيء إلا الإيمان بالديمقراطية الحقة. علمتنا تجارب التاريخ أن الأمم الحقة تبنى على أكتاف الزاهدين، لا على أصحاب الصوت العالي والشرهين للسلطة والمال.
عندما تطلع ديغول حوله ورأى فرنسا موحّدة، التأمت جروحها وتجاوزت محنة الانقسام ورأى بلدا مستقرا و مزدهرا اقتصاديا، بلدا انتقل على يديه من عثرات النظام البالي إلى بلد صناعي ينافس أمريكا وبريطانيا، طوى صفحة حكمه ومضى مطمئنا إلى بيته.
بين ديمقراطية فرنسا المتجذرة منذ قرون، وديمقراطية الـ 600 الف صوت نتساءل عن أي عراق ديمقراطي نتحدث، وفي أي خانة نصنفه، هل هو كوميدي أم تراجيدي. إذ ذهب البعض إلى أنه مثير للضحك، وقال آخرون إنه من نوع التراجيديا التي تصدم المشاهد وتصيبه بالكآبة والهموم، بالتأكيد نحن نعيش ديمقراطية اللصوص والمزورين، حين ننظر إلى ما يجري في العالم حولنا سنصاب باللوعة، فقد كنا جميعا نتمنى أن تسود دولة المواطنة وان يصبح العراقيون جميعا متساوين بالحقوق والواجبات، وان يكون شعارنا الكفاءة أولا، وان نبني دولة مدنية لا تميز بين المواطنين. اليوم نعيش إحساسا غريبا بالزمن العراقي الذي يموت بين سياسيين لا يشعرون بما حولهم، ومواطنين أصبح الزمن لا يعني لهم شيئا أمام تكرار الهموم والأزمات وضياع الأحلام وسنوات العمر. إلى أين تسير بنا سفينة الديمقراطية ؟ ماذا يفعل مسؤولونا الذين وضعوا المال والسلطة في كفة عليا والشعب والقهر والفقر في كفة سفلى، إلى أين تسير سفينة الديمقراطية والناس أسرى لاحتياجاتهم ولأمنهم ولمستقبل أبنائهم، بعد سبع سنوات مع المالكي وصناديقه تعالوا نقرأ التقرير الذي نشرته الامم المتحدة والتي وضعت العراق في المرتبة 131 لننافس جيبوتي والسودان وموريتانيا وجزر القمر.
هل يجرؤ المالكي وفريق عمله ليخرجوا لنا معترفين بأخطائهم أو خطاياهم، لم يعلن يوما احد منهم أنه أساء ولم يكن صائبا في قراراته.
ما يجري اليوم هو تشريع للديكتاتورية القائمة على الغاء الآخر. وهذا يجعلنا أقرب الى ديمقراطية "القائد الضرورة"، من ديموقراطية الشعوب الحية، وحيث يصبح الحاكم، هو القائد، وهو الجيش والشعب، وهو القانون وكل ذلك بـ600 الف صوت لا غير.
جميع التعليقات 15
المدقق
يالسذاجتكم بل يالمكركم وانتم توهمون الناس بان مفاتيح الحل والربط بيد المالكي وحده وتناسيتم بان اي شيخ عشيرة يستطيع ان يشتم المالكي دون خوف او وجل .. فاين دكتاتورية المالكي ايها الاشاوس ؟؟؟ انسيتم ان الاقليم الذي يعتبر نفسه دولة مجاورة هو خارج عن سيطرة الم
A.Weis
Unfortunately I cannot write in Arabic on this one but Al-Mudaquiq is helarious when saying if anybody elso has gotten 600,000 votes out of what? How many Iraqis voted? 18 million may be, Usama Nujaifi got over 800,000 votes way more than Al-maliki and K
کاظم الشمري
هل باقي الشخصيات السياسية المعارضة و غير المعارضة حصلت علی 600 الف صوت؟ لا تنسوا ان جميع قادة العراقية اصواتهم متساوية تقريبا مع صاحب 600 الف صوت. تخدعون الناس؟ المالکي يفتعل الازمات لو الساسة الطائفيين اللي يصرحون کل يوم بکلام ناري. کنت اتمنی ان اعلامکم
المساند
هذه الحقيقة معروفة تماما اخي المدقق وانا اتفق معك جملةوتفصيلا عما اشرت اليه . هذا حال الاقلام اليائسة تكتب ما يحلو لها وتتناسى الحقائق . خطا الوحيد هو ان الحكومة يجب ان تكون حكومة اغلبية حتى لا تسمح لتلك الاقلام التي تشارك العملية السياسة الان وبنفس الوقت
سعاد SouadHindi
الي المعلق باسم( المدقق) هل تعلم ان تعليقك يذكرني بثقافه استبداد مثقفي المرحله الصداميه واللذين كانو يدافعون بشكل مستميت عن القائد الاوحد بل المقدس, واليوم تنتشر موضه لدي المداقعين عن القائد بتبرئته من كل المسؤوليات ورميها علي المحتجين والمعترضين . وهل تع
علي لفته الوائلي
لا يخفى على احدمن المتابعين لصحيفة المدى التوجهات الشوفينيه والعنصريه التي تتبناهاالصحيفه فعند حدوث اي خلاف بين المركز والاقليم الانفصالي تنبري هذه الصحيفه بمهاجمة دولة القانون ورمز القائمه السيد المالكي وانا اسال السيد كاتب المقال هل ان السيد المالكي يحك
علي لفته الوائلي
لا يخفى على احدمن المتابعين لصحيفة المدى التوجهات الشوفينيه والعنصريه التي تتبناهاالصحيفه فعند حدوث اي خلاف بين المركز والاقليم الانفصالي تنبري هذه الصحيفه بمهاجمة دولة القانون ورمز القائمه السيد المالكي وانا اسال السيد كاتب المقال هل ان السيد المالكي يحك
Husseini
يا سادة يا قراء.. غفل كاتبنا المسكين ان المالكي حصل على ٦٠٠ الف صوت في بغداد فقط يعني وما يراد الها فهم لو رشح المالكي يومها على عموم العراق يا ترى كم سيحصد سوف يحصد ٩٠٪ من اصوات دولة القانون .. بس للاسف كاتبنا لو غشيم لو يغشم نفسه وبالامرين ظلم نفسة ...
المهندسس وسام النجار
ليس با بالمالكي ولكن حبي للعراق يجعلني استغرب كيف تكتبون وانتم اكثر الناس دراية بانه البعض من النواب لم يحصلو على 1000 صوت وصعدو وكانهم الممثليين الشرعيين للشعب , ارحمو الشعب كفاكم تضحكون على ذقوننا, انظرو الى التظاهرات وانظرو كيف يتم الاستهزاء برئيس الوز
علي لفته الوائلي
عيب عليكم متنشرون تعليقي شكد انتو خايفين من الصوت المعارض لافكاركم التافهه وتحجون على المالكي فوكها
علي الموسوي
كان بودي أولاٌ أن أُضيف ثعليقاً قصيراً على المقال وهذا ماسأعمل فيه لاحقاً. لقد إختطف المدقق الأسبقيةَ من الثعليق على المقالِ عندما إستخدم الفاضاً لا تتمشى لا مع الأخلاق الدارجة و لا مع أخلاق أهل البيت ع ,حيث إني أظنُ إن المدقق يعتقد بأنه من مريديهم وأذ
طارق الوائلي
القائمة العراقية هي التي فازت في الأنتخابات التشريعية الأخيرة و زعيم القائمة الدكتور أياد علاوي حصل أيضاً على اكثر من نصف مليون صوت . و خلافا للأعراف الديمقراطية و لأن القضاء أصبح أداة طيعة بيد المالكي استصدر قرارا مما يسمى بالمحكمة الأتحادية لصالحه و هل
مواطن
مفاتيح الحل والربط بيد من ايها المدقق؟؟ اه صحيح بيد الميليشيات أو الارهابيين التي تصول وتجول في الشوارع أذا كان ليس اهلا لها كما تدعي فليخرج منها بكرامه على الاقل اليس هذا هو الأصوب ام كل من هب ودب يأتي ومعه أيبوكسي اميركي يضعه على كرسي الرئاسه قبل ان يجل
سعاد او Souad Hindi
الي المعلق باسم( المدقق) هل تعلم ان تعليقك يذكرني بثقافه استبداد مثقفي المرحله الصداميه واللذين كانو يدافعون بشكل مستميت عن القائد الاوحد بل المقدس, واليوم تنتشر موضه لدي المداقعين عن القائد بتبرئته من كل المسؤوليات ورميها علي المحتجين والمعترضين . وهل تع
ابو الطيب
عزيزي ابو حسين 000صح هي 650 ألف ولكنها الأعلى بين كل احبائك الصاعدين الى البرلمان وأكثر ( المالكي فقط ) من الأصوات التي حصل عليهامرشحي ( حزبك العريق!) الحزب الشيوعي مجتمعين في عملتين انتخابيتين .