في بداية آذار 2013 تمكن البرلمان العراقي أخيرا من تمرير الموازنة السنوية التي تأخرت لعدة أشهر بسبب النزاع بين حكومة إقليم كردستان و الحكومة المركزية بشأن السياسة النفطية التي ينتهجها الإقليم. هذا النزاع لم يجد حلا في الوقت الذي جرى فيه التصويت،
في بداية آذار 2013 تمكن البرلمان العراقي أخيرا من تمرير الموازنة السنوية التي تأخرت لعدة أشهر بسبب النزاع بين حكومة إقليم كردستان و الحكومة المركزية بشأن السياسة النفطية التي ينتهجها الإقليم. هذا النزاع لم يجد حلا في الوقت الذي جرى فيه التصويت، ما أدى الى تذمر التحالف الكردستاني. فيما يتعلق بالموازنة الفعلية فإنها تعدّ الأكبر في تاريخ العراق، كما أنها تتضمن اكبر إنفاق للاستثمار إلا أن العديد من الوزارات أثبتت عدم قدرتها على إنفاق جميع الأموال المخصصة لها . الموازنة تعدّ عادة واحدة من الفقرات التشريعية القليلة التي يمكن ان تتفق عليها كل الأطراف لأنهم جميعا يستخدمونها لإغناء أنفسهم و إدامة شبكات المحسوبية الخاصة بهم. موازنة العام الحالي أثبتت انها انقسامية كما هي الحال مع القوانين الأساسية الأخرى ، كما انها تبين الخلل الوظيفي المتصاعد في بغداد . في السابع من آذار 2013 ، صوّت البرلمان العراقي على الموازنة السنوية. كان عدد النواب الحاضرين 168 من مجموع 325 ما وفر ما يلزم من النصاب القانوني لتمريرها. نصف أعضاء القائمة العراقية لم يحضروا جلسة التصويت بينما قاطعها التحالف الكردستاني. بقيت الموازنة أمام البرلمان لعدة أشهر ، حيث أعادها مجلس الوزراء بعد الموافقة عليها في ت1 2012 . السبب وراء التأجيل كان النزاع حول السياسة النفطية لإقليم كردستان، حيث طالبت حكومة الإقليم بما مقداره 3.5 مليار دولار عن مستحقات شركات النفط العاملة في الإقليم على مدى السنوات الأخيرة الماضية. من جانبها أدعت حكومة بغداد بأن الكرد لم يقوموا بتسليم كافة إرباحهم للحكومة المركزية و بأنهم يمارسون تهريب النفط و انهم لم يقدموا سجلاتهم، و لم يلتزموا بحصصهم من الصادرات. عقدت اجتماعات على مستوى عال بين الجانبين في أربيل و بغداد في شهر شباط إلا انها لم تساعد في حلحلة المشكلة لأن الكرد يقولون ان الموازنة ستكون بمثابة عقوبة لهم في حال عدم تنفيذ ما عليهم اداؤه بينما لا تقع على الحكومة المركزية أي عواقب في حال عدم أداء التزاماتها . بالنتيجة لم يتم استخدام أكثر من 650 مليون دولار لشركات الطاقة في كردستان و هذا هو سبب عدم تصويت التحالف الكردستاني على الموازنة . بعد ذلك اعترض أعضاء من القائمة الكردية على تمريرها، و ذكرت وزارة الموارد الطبيعية في كردستان بأنها لن تلبي حصتها من التصدير البالغة 250 ألف برميل في اليوم الواحد، كما ان هناك كلام عن الانسحاب من الحكومة المركزية .
كشفت الموازنة الخلافات المتزايدة بين الحكومات الإقليمية و المركزية و القوائم الكبيرة . حيث ان القائمة العراقية انقسمت بعد يوم واحد من انتخابات 2010 لكون الكثير من الإطراف لهم أجندات مختلفة، و هذا هو سبب عدم حضور نصف القائمة العراقية الى جلسة التصويت. منذ سنوات و الخلافات مستمرة بين بغداد و أربيل حول سياسة الطاقة. حيث تطالب حكومة إقليم كردستان بحقها في توقيع عقود النفط بشكل مستقل بينما تعتبر وزارة النفط ذلك أمراً غير قانوني. كما ان الكرد متهمون بتهريب النفط الى تركيا و إيران منذ سنوات التسعينات ، و اليوم لديهم اتفاقية مع أنقرة لشحن كميات صغيرة من المنتجات المصفاة، ما يزيد من غضب الحكومة المركزية. و من أجل الرد بالمثل، فان رئيس الوزراء نوري المالكي لا يدفع مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم إلا بين حين و آخر ما أدى الى تلكؤ مستمر في صفقات الطاقة بين الجانبين . منذ سنوات وعدت حكومة الإقليم شركات النفط بان قانون النفط و الغاز سيتم تمريره و ان عقودهم سيتم إقرارها من قبل حكومة بغداد و سيكون بإمكانهم التصدير و تسلم المستحقات. ان الموازنة هي آخر قصة في النزاع، و قد خسر الكرد هذه الجولة .
هذه الموازنة ( 118.6 مليار دولار ) تعتبرالاكبر من أي وقت مضى، حيث تزيد على الموازنة السابقة بنسبة 18% ، و ان 93% من الأموال تأتي من النفط . 38% من قيمتها الكلية – 45.5 مليار دولار – مخصصة للاستثمار و هي أعلى نسبة من اي وقت مضى على الإطلاق. ما يتبقى منها يذهب الى الموازنة التشغيلية التي يذهب اغلبها الى رواتب القطاع العام الذي يعتبر احد القطاعات الأكبر نسبة للسكان في العالم . و قد حصلت قطاعات الطاقة و الأمن و الخدمات على أعلى النسب : 21% ، 14% ، 13% على التوالي . و من المتوقع ان يكون هناك عجز بمقدار 15.5 مليار دولار و الذي تستعد الحكومة لتغطيته من الأموال غير المنفقة، و عن طريق قروض من المؤسسات الدولية . لم تتمكن بغداد و المحافظات من إنفاق كل الأموال ، ما يعني ان يكون هناك فائض كالسنوات السابقة . ففي عام 2011 مثلا، تم إنفاق اقل من 50% من الأموال المخصصة للاستثمار في الخدمات و الأمن و الثقافة، بينما كان قطاعا الطاقة و الصناعة الوحيدين اللذين انفقا أكثر من 90% من الأموال المخصصة لهما .
موازنة العام الحالي تكرر حدوث ثلاث مشاكل . الأولى هي أن الموازنات التشغيلية الضخمة لا تسهم في تطوير الاقتصاد . انها تشكل عائقا من خلال إدامة قطاع الدولة الكبير . المشكلة الثانية هي ان موازنة رأس المال الضخمة المخصصة للاستثمار من الممكن أن تعني بأن أموالا أقل سوف تنفق لأنها ستغرق العديد من الوزارات التي تفتقر الى قدرات إدارة أموالها . الثالثة هي ان قطاعات مهمة مثل التعليم و الصحة و المياه لا تحصل على ما تستحقه من الأموال لتلبية احتياجات البلاد . في الماضي، كانت الموازنة عبارة عن وثيقة توحيدية، أما هذا العام فانها تشير الى انقسامات حادة تحدث في البلاد. فالنزاع حول النفط بين بغداد و أربيل ظهر مرة أخرى من خلال عدم تلبية رئيس الوزراء المالكي لمطالبة الكرد بمستحقات الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم و التي يعتبرها كبيرة.
الزيادة الهائلة في الإنفاق ستكون مختلطة أيضا . لقد أثبتت حكومة بغداد قدرتها على دفع رواتب موظفيها، إلا ان ذلك يعيق تطوير البلد من خلال اقتطاع أموال كان يجب إنفاقها في تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط . كما ان جزءا كبيرا من الأموال المخصصة للاستثمار من المحتمل ان لا يتم إنفاقها بسبب سوء إدارة الدوائر الحكومية في تنفيذ المشاريع . كان من المتوقع ان تؤشر موازنة 2013 خطوة تجاه تلبية خطة التنمية الوطنية في البلاد و التي تدعو الى فك الاعتماد على البترول و الى تقليل نسبة الفقر و إعادة بناء البنية التحتية للبلد . يبدو و كأن الأمر سيتكرر بسبب الخلافات السياسية و افتقار الحكومة الى القدرات .
عن : أفكار عن العراق
جميع التعليقات 1
مواطن
كيف تسهم في اقتصاد البالد ويذهب منها 80% الى الرئاسات الثلاث ورواتب تشغيليه و دوائر مستهلكه غير منتجه يعني( بوك )على عينك يتاجر..