مع أن أربيل مدينة ذات طابع سياحي عالمي على مدار أيام السنة إلا أن هذه الأيام تشهد زيادة كبيرة وضخمة جداً في عدد الفعاليات والنشاطات السياحية،فالجميع هنا يعيش ويستنشق نسمات نوروز الذي دخل الاحتفال به في جميع مفاصل الحياة بلا استثناء وذاع صيت هذا
مع أن أربيل مدينة ذات طابع سياحي عالمي على مدار أيام السنة إلا أن هذه الأيام تشهد زيادة كبيرة وضخمة جداً في عدد الفعاليات والنشاطات السياحية،فالجميع هنا يعيش ويستنشق نسمات نوروز الذي دخل الاحتفال به في جميع مفاصل الحياة بلا استثناء وذاع صيت هذا الاحتفال في الداخل والخارج وازدحمت المدينة بجميع الجنسيات الراغبة بمشاهدة فعاليات الاحتفال بنوروز وتكفي زيارة سريعة للمدخل الرئيسي لمدينة أربيل أو مطارها الدولي لنرى كثافة الزائرين وتنوعهم وحماستهم للمشاركة بالاحتفالات التي وصفت بأنها الأضخم في تاريخ الإقليم.
الأضخم
يؤكد مدير العلاقات والإعلام بمحافظة أربيل حمزة حامد أن الاحتفالات مستمرة طوال شهر آذار الذي تمر فيه عدة مناسبات عزيزة على الشعب الكردي، ومنها إعلان آذار سنة 1974 وانتفاضة آذار سنة 1991، وهناك عيد نوروز التقليدي في 21 من آذار.
وقال حامد في حديث لــ(المدى) إن الاستعدادات لمهرجان العام الحالي وهو السابع من نوعه بدأت منذ فترة مبكرة، حيث وجهت الدعوات لفرق فنية عالمية من السويد واليونان والأرجنتين وبلغاريا و فنلندا وجورجيا وتركيا وإيران وإفريقيا وعدد آخر من الدول وفرق محلية تمثل جميع القوميات بالإضافة إلى التحضير لمجموعة معارض فنية وعروض مسرحية وأمسيات شعرية واحتفالات أخرى لأداء المقامات العراقية والمقامات الكردية المعروفة كالحيران واللاوك.
وأضاف حامد إن الفعاليات متواصلة يومياً منذ 11 آذار وحتى 21 حيث سيكون باكورة الاحتفال بأعياد نوروز، مبيناً أن الفعاليات التي تقام مساء كل يوم في متنزه شاندر تشمل تنوعا كبيرا،فهناك فرق الفنون والدبكات الشعبية وهي تمثل العديد من ثقافات العالم بالإضافة إلى الثقافات المحلية، وهناك السيرك العالمي الذي قدم عرضاً جميلاً يوم الأحد الماضي ونال إعجاب واستحسان الجمهور، وأيضا احتوى على عروض للأزياء وكذلك عرض الألعاب النارية الكبير الذي تم التعاقد مع شركة عالمية مختصة به.
أربيل تدخل غينيس
اعتادت أربيل على إضافة كل ما هو جديد ومتميز في احتفالات نوروز من كل عام،فبعد اختيارها عاصمة للسياحة العربية 2014 وتثبيت قلعتها على اللائحة الدائمة لليونسكو تميز احتفال هذه السنة برقم قياسي لأطول دبكة في التاريخ حين أدى أكثر من 6000 رجل وامرأة الرقصات الشعبية بعد أن شكلوا طوقاً يحيط بالقلعة التاريخية في المدينة.
وأوضح مسؤول الموقع الالكتروني لمحافظة أربيل تانيا كردي في تصريح لــ(المدى): أن الرقم السابق لأطول دبكة في العالم كان مسجلاً باسم دولة لبنان التي حشدت أكثر من 5050 راقصا وراقصة لأدائها، مبيناً أن دبكة أربيل شارك فيها أكثر من 6000 رجل وامرأة يمثلون كل شرائح المجتمع الكردي ومن مكوناته الدينية والمذهبية والقومية، ويرتدون أزياءهم التي تشير إلى مناطق الإقليم المختلفة ،علاوة على مشاركة العديد من ضيوف كردستان في أداء هذه الفعالية.
من كل حدب وصوب
شهد المدخل البري لمدينة أربيل زحاماً كبيراً قبل حلول أعياد نوروز،حيث تجمعت طوابير طويلة من سيارات الشركات السياحية والسيارات العائلية الخاصة وكذلك الحال في مطار أربيل الذي اكتظ بالأعداد الكبيرة من الوافدين إلى الإقليم لمشاهدة الاحتفالات.
ويحدثنا علاء كوركيس وهو من سكنة العاصمة بغداد بأنه لم يكن معتاداً على السفر في مثل هذا الوقت من السنة ،لكنه قرر هذا العام اصطحاب أفراد أسرته إلى أربيل بناء على نصيحة مجموعة من الأصدقاء الذين أمضوا أعياد نوروز للسنة الماضية في أربيل.
وأضاف كوركيس الذي أمضى أكثر من أسبوع في أربيل: لم يكن لدينا أي وقت فراغ،حيث وضعتُ للأسرة برنامجا يشمل اغلب المناطق السياحية والترفيهية في المدينة، إذ زرنا قلعة أربيل الأثرية، وتجولنا في السوق التجاري القريب منها وأعجبنا المكان وخصوصاً النافورات الكبيرة وأسراب الحمام والمقاهي السياحية والكثير من المناظر الجميلة التي للأسف نفتقدها في باقي المحافظات"، مشيراً إلى أن برنامجهم تضمن زيارة مصيفي شقلاوة وبيخال.
وفي صالة الوصول بمطار أربيل الدولي حيث لا تهدأ الحركة أبداً نجد سلام الدليمي الذي جاء بصحبة عائلته من العاصمة القطرية الدوحة لقضاء عشرة أيام في أربيل يستغلها لرؤية احتفالات نوروز التي سمع الكثير عنها وليجمع الشمل مع إخوته ووالدته الذين حضروا من بغداد لرؤيته.
فرصة لتغيير الأجواء
ويقول الدليمي: أعمل في الدوحة منذ أربع سنوات، وهي المرة الأولى التي أعود فيها إلى العراق وتحديداً أربيل، حيث اتفقت مع العائلة على قضاء عشرة أيام معهم نستغلها في متابعة احتفالات نوروز وزيارة الأماكن السياحية هنا، وان كانت المدينة بمجملها سياحية، مضيفاً إن سفرته جاءت بناء على نصيحة العديد من أفراد الجالية العراقية في قطر.
ووصل كريم إسكندري إلى أربيل قبل يومين، حيث يقوم في كل شهر آذار بزيارة ابن عمه المقيم في كردستان، مبيناً انه أنهم يمضون عطلة نوروز معاً في زيارة الأماكن السياحية والترفيهية، وهي فرصة لتغيير الأجواء خصوصاً وأن حركة الإعمار والبناء في أربيل شملت بشكل كبير قطاع السياحة الآخذ بالازدهار.
ويضيف إسكندري انه شخصياً يحرص على زيارة جميع الأسواق التراثية والشعبية التي تعج بها أربيل وكذلك المناطق الطبيعية الخلابة، حيث تفترش العوائل الأرض ويتناولون طعامهم ويستمتعون بسحر الطبيعة ويستمتعون بمشاهدة حلقات الرقص والدبكات التراثية المصحوبة بالموسيقى مما يجعل من عطلتهم هذه تجربة تستحق التكرار كل عام، مستدركاً بأن بقية أفراد أسرته يميلون أكثر إلى التجوال في المولات الكبيرة خصوصاً وأنها تضم كماً هائلاً من البضائع المنوعة ومن أرقى المناشئ العالمية بالإضافة إلى احتوائها على مدن الألعاب وصالات التزلج والبولينغ وغيرها من وسائل الترفيه التي تجذب الجيل الجديد أكثر من الكبار في السن.
وكانت حكومة الإقليم قد اعلنت في وقت سابق عن استعدادها لاستقبال مليوني سائح خلال موسم اعياد نوروز وفصل الربيع، مشيرةً في بيان لها إلى أن اجتماعا مشتركا عقد بين رئيسي هيئتي السياحة وحماية البيئة في الإقليم وتم تداول الآراء بصدد اتباع أفضل الطرق لاستقبال أعياد نوروز القومية وأنجع سبل التعاون بين الهيئتين ، لاسيما في فصل الربيع الحالي وأعياد نوروز.
مهرجان متعدّد الجنسيات
أجمل ما في الاحتفالات التي تشهدها المدينة أنها عملت على إلغاء الحدود الجغرافية والاختلافات الناجمة عن تعدد وتنوع اللغات، ففي متنزه شاندر وسط المدينة تجد جنسيات مختلفة، ولا نبالغ إذا استطعنا التعرف على زوار أو مقيمين من مختلف أنحاء يجتمعون ويفهمون لغة واحدة هي لغة الموسيقى والغناء التي تصدح يومياً والى ساعة متأخرة في هذا المكان، فهذه فرقة للموسيقى والغناء المعاصر من تركيا وتلك فرقة فنون شعبية من جورجيا، وتصعد بعدها المسرح فرقة تراثية من إفريقيا، وقبل كل هذا كان هناك عرض جميل قدمت فيه مجموعة من الفرق بالتعاقب دبكات كردية وعربية وتركمانية وآشورية أضفت على الاحتفال أجواء حماسية ظهرت في التفاعل الكبير الذي أبدته الجماهير الحاضرة.
وقال العازف التركي باراس كان إن مشاركتهم في هذا الاحتفال تأتي ضمن تقليد اعتادوا عليه في شهر آذار من كل عام وإن هذه هي زيارته الثانية للعراق وتحديداً مدينة أربيل،حيث سبق لهم إحياء حفل مماثل فيها في نوروز من العام الماضي.
وأضاف كان: إن الفرق الغنائية التركية المشاركة في الاحتفال قدمت عدداً من الأغاني بأربع لغات إضافة إلى المقطوعات الموسيقية التي تمثل ثقافة وتراث شعوب المنطقة لتؤكد أن الغناء والموسيقى هي رسالة إنسانية ترمي بالدرجة الأساس إلى تكريس مبدأ التعايش الإنساني المشترك بين شعوب العالم، مبدياً إعجابه بتفاعل الجمهور العراقي الذي أكد أنه يتمتع بحس فني مرهف.
أما كرستيا فستافيو وهي إحدى راقصات الفرقة الفنلندية فترى أن الجماهير في كل أنحاء العالم ومنهم الجمهور العراقي بحاجة لمثل هذه الفعاليات الترفيهية التي توفر لهم فرصة الاطلاع والتعرف على ثقافات الشعوب والقوميات في المنطقة من خلال الفرق الغنائية والموسيقية.
وتبين فستافيو أنها وزميلاتها في الفرقة أثنينَ على الجهود الكبيرة للقائمين على تنظيم الاحتفال من حيث اختيار المكان الملائم والفرق الغنائية المميزة بالإضافة إلى الخدمات المجانية المقدمة للجماهير، مبينةً أن هذه العوامل أدت إلى نجاح الاحتفال وهو ما يمكن أن تلمسه من خلال الحضور الجماهيري الكثيف.
خيارات منوّعة
القادم إلى كردستان عموماً وأربيل خصوصاً في أعياد نوروز سيجد صعوبة في زيارة كل الأماكن والفعاليات خلال مدة قصيرة، فهناك عشرات الاختيارات والمناطق لتمضية العطلة بحسب ذوق ورغبة الزائر، فمحبو الموسيقى والغناء سيجدون عشرات الحفلات اليومية من موسيقى ورقص ودبكات شعبية وغناء منفرد وجماعي بالإضافة إلى الاحتفالات العفوية التي تقام في المناطق المفتوحة، حيث تتوجه معظم العوائل لقضاء الفترة الممتدة من الصباح إلى قبل غروب الشمس، ومحبو الفنون يمكنهم زيارة عدد كبير من المعارض التشكيلية والفوتوغرافية المقامة في قاعات تتبع لوزارة الثقافة والشباب في الإقليم وأخرى في الأماكن السياحية والترفيهية وكذلك عروض مسرحية، أبرزها في قاعة الشعب وسط أربيل. وللنساء هناك عروض أزياء متخصصة تتضمن احدث الموضات الممزوجة بالأزياء التراثية والفولكلورية وبتوقيع أمهر المصممين ودور أزياء مشهورة ولم ينس القائمون على الاحتفال حصة الأطفال أحباب الله، وهناك أيضا مهرجان مخصص لهم في ما ينتظر وصول فرقة طيور الجنة الأردنية المختصة بأناشيد الأطفال إلى أربيل قريباً، في حين استمتع الجمهور بفعاليات بهلوانية وألعاب خفة جميلة ومبهرة قدمتها فرقة السيرك العالمي المؤلفة من جنسيات مختلفة.
خارج هولير
لم يختلف حال نوروز في باقي محافظات الإقليم ،حيث أصبح شارع سالم في السليمانية عبارة عن مجموعة لوحات ملونة متداخلة ومتحركة تميز منها الأزياء التقليدية للمشاركين الذين أحيوا فعاليات تنوعت بين الغناء والرقص وعرض أعمال فنية مختلفة وموائد كبيرة للأطعمة الشعبية في وقت شارك طلاب ثانوية من الجنسين في تقديم عروض فنية ابتهاجاً بالمناسبة التي ستتوج بإيقاد شعلة مدينة السليمانية.
وقالت تابلو أمين إن أغلب سكان السليمانية والوافدين إليها يحيون احتفالات نوروز على مراحل،منها ما يكون في داخل المدينة وفي شارع سالم بالتحديد في حين يكون الاحتفال الأكبر بالخروج إلى الأماكن السياحية والمصايف المحيطة بالمدينة،وتقام هناك الدبكات الشعبية الجماعية على أنغام الطبل و الزورنا (آلة موسيقية هوائية).
وكذلك الحال في دهوك نجد أن جميع شوارع وأبنية المدينة تزينت بالأعلام والإضاءة الملونة ويسمع فيها صوت الموسيقى والأغاني الكردية الجميلة، في حين قامت إدارة المدينة بتنظيم حفلات غنائية عديدة في المناطق الواسعة من المدينة وشارك فيها مطربون من داخل وخارج دهوك التي شهدت منذ أيام حملة تشجير كبيرة شملت العديد من أنحاء المدينة ويكون ختام الاحتفالات بإشعال النيران على قمة جبل زاوا المطل على دهوك.
ختامها شعلة وألعاب نارية
استمرت الفعاليات الأسطورية لأعياد نوروز على مدار العشرة أيام الماضية وستصل اليوم الأربعاء إلى ذروتها حين يتم إيقاد شعلة نوروز في متنزه شاندر، حيث اعتاد كبار المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني حضورها مع عدد من الوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي في أربيل التي تضم قرابة الـــ30 قنصلية تمثل دول العالم، ويشارك منتسبوها في حضور العديد من فعاليات الاحتفال بأعياد نوروز، وتبدأ بعدها حلقات كبيرة جداً من الرقصات والدبكات الكردية ويشارك فيها أغلب سكان الإقليم والوافدون إليه، وعند منتصف الليل يتم إطلاق الألعاب النارية التي تشكل لوحة أسطورية بعشرات الألوان تضيء سماء كردستان إيذاناً ببداية سنة جديدة مصحوبة بأمنيات ودعاء الجميع بأن تكون سنة سلام وخير ووئام على شعوب الأرض التي يحتفل قسم كبير منها بهذه المناسبة منذ أن ثار البطل الكردي كاوه الحداد على ظلم وجور الملك الضحاك وقضى عليه وأشعل النار على رؤوس جبال كردستان إيذاناً بانتهاء عهد الاستبداد وقدوم ربيع الحرية.
جميع التعليقات 2
Abu Semir
Happy Naurouz to all of you
احمد
احمد الساعدي