اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المكتبـة العامـة صـرح ثقافي حرم منها جيل العولمة

المكتبـة العامـة صـرح ثقافي حرم منها جيل العولمة

نشر في: 23 مارس, 2013: 09:01 م

 دورها في إشاعة الوعي والثقافة وبما إن الكتاب يعد ركيزة مهمة من ركائز بناء الفرد العراقي , فقد كانت تجربة المكتبات العامة والمكتبة المدرسية فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي في العراق تجربة في غاية النجاح في رفع المستوى الثقافي والأد

 
دورها في إشاعة الوعي والثقافة
 وبما إن الكتاب يعد ركيزة مهمة من ركائز بناء الفرد العراقي , فقد كانت تجربة المكتبات العامة والمكتبة المدرسية فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي في العراق تجربة في غاية النجاح في رفع المستوى الثقافي والأدبي والعلمي للفرد ونتائجها لمسناها بظهور جيل مهتم وملم بالثقافة والآداب والفنون والعلوم وجيل وناضج فكريا مدرك لقيمة الكتاب نتيجة توفر الكتب والموسوعات والمجلدات بين يدي الطلبة  في جميع المراحل الدراسية  لإشاعة الوعي والثقافة في فكر ذلك الجيل.
فراس عبد الحميد إلتقيناه في شارع المتنبي يقول (للمكتبات دور كبير في انعكاس مستوى الثقافة للشعوب ونشر المبادئ السامية لدى الناس وتعطي للإنسان قدرة اتخاذ القرارات في كل مجالات الحياة وتكوين شخصية الفرد لأن الكتاب ثروة معلومات لاتضاهيها أي وسيلة أخرى ويوجه القراء للإسهام في تطوير المفاهيم الفكرية والإنسانية لديهم ولمجتمعاتهم".

مرآة المجتمع
سهيلة صباح موظفة متقاعدة "تعد المكتبات مرآة المجتمع وواجهة حضارية للبلد إذ من خلالها يبرز مدى ثقافة شعب ذلك البلد واهتمامه بالمعرفة والمكتبات تلعب دورا مهما في تقدم البلدان لان الشعوب تنمو وتزدهر وتحقق غايتها بالعلم والمعرفة وللمكتبة دور في ذلك لأنها تسمو بواقع الفرد الثقافي ونحن كجيل عاصر تجربة المكتبة العامة لنا فيها ملكة من الذكريات الجميلة, فأنا أتمنى من المسؤولين والمختصين في هذا الجانب إلى إعادة الاهتمام بالمكتبات العامة لتنهض وتزدهر كما كانت في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي, والتي كانت المكتبة السبب في اهتماماتنا بالمطالعة ,كذلك نتمنى من إدارات المدارس إعادة فتح المكتبات المدرسية لأنها هي الأخرى تراجعت ولم نعد نرى لها أثرا في مدارسنا فهي أيضا تلعب دورا في غرس حب القراءة لدى أبنائنا الطلبة لذلك نطلب من المشرفين التربويين متابعة هذا المرفق عند زياراتهم الدورية للمدارس ".
محرومية الجيل الحالي
سارة ستار طالبة جامعية تقول لـ"المدى" جيلنا يفتقر لظاهرة المكتبة العامة التي غالبا ما يحدثنا عنها والدي أيام دراسته وأوقات العطل التي كان يخصص جزءا من وقته كل يوم أثناء العطل ليذهب وأقرانه إلى المكتبة ويقضوا فيها ساعات للقراءة وتبادل الحديث بما يخص كتاب تشاركوا في قراءته, مضيفة "لو كانت هناك مكتبات لسهلت علينا الوصول إلى عدد كبير من المصادر التي تفتقر لها مكتبات الكلية والتي تعد كتب مهمة في عملية أعداد البحوث فاعتمادنا الرئيسي على مواقع الانترنت التي أغلبها ما تكون محظورة ويتعذر الدخول إليها إلا إذا كان هناك اشتراك مسبق وغير ذلك فان مكتبة الكلية مصادرها محدودة وقليلة وهو ما يشكل عبئاً على الطالب في جلب المعلومة "
وأوضحت ستار " لقد سافرت إلى القاهرة ووجدت أن عامة الشعب المصري والذي يعد من رواد الكتابة في الوطن العربي يهتم كثيرا بالقراءة داخل المكتبة العامة ويعدونها من الطقوس المحببة لهم وتمنيت لو كانت هذه الصروح الثقافية مازالت موجودة داخل العراق فنحن كجيل لم نحظ بهذه التجربة وهذا ما أنعكس سلبا على واقع الشاب العراقي الثقافي فأغلب الشباب لم يقدروا قيمة الكتاب بل اقتصروا على قراءة الكتب المنهجية".

أنواع المكتبات
حسام عباس حاصل على شهادة الماجستير في علم المكتبات بين لـ"المدى" بأن المكتبات نوعان مكتبات "عامة , وخاصة" فالمكتبة الخاصة هي ما نملكها داخل بيوتنا وفي مكاتبنا لحفظ الكتب ومصادر المعلومات الخاصة.
أما المكتبة العامة فهي مؤسسة ثقافية وتثقيفية يحفظ فيها تراث الأمة الثقافي والإنساني الحضاري المطبوع والرقمي وتعمل على تنشئة جيل مثقف وواع قادر على تحمل المسؤولية في المستقبل من خلال انسجامه مع الإطار الثقافي العام وهو ما يؤدي إلى تكيفه مع الأنشطة المختلفة, وتعتبر المكتبة العامة من المؤسسات المهمة التي تنشئها  الدولة لتتولى المساهمة في التربية والتعليم والتثقيف بين الأوساط الشبابية والأطفال واغناء فكر الباحثين فهي جهة التنمية الثقافية بمعناها العام.

أرشيف لنقل التراث
ويلفت عباس إلى أهمية المكتبة العامة وضرورة إنشاؤها فقد عدها حلقة الوصل في نقل تراث الأمة الثقافي من جيل إلى أخر, كذلك تؤدي المكتبات العامة دوراً رائداً في الوصول إلى مصادر المعلومات وفي كل الاختصاصات وأيضا تتولى جزءا من مهمة التصدي للمشكلات الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع والإسهام في إيجاد الحلول لها وذلك من خلال الندوات والمحاضرات التي تقام فيها, وتعمل على أن خلق المتعة بأوقات الفراغ عند فئات المجتمع المختلفة وخاصة الأطفال منهم وتضفي الشعور بالسعادة وذلك بترويضهم على ارتياد المكتبة واستعمال الكتب لإكسابهم خبرات ومعلومات قيمة مفيدة لهم لتنمي لديهم مفهوم البحث والإطلاع بعد تخرجهم من المدارس ".
وسيلة لبناء الفرد
وأشار عباس إلى " تجارب الدول العربية والأوروبية وكيف تهتم  هذه الدول بكافة مؤسساتها التعليمية والثقافية بهذا الجانب باعتبار إن ثقافة المجتمع تأتي من المطالعة والمتابعة للكتاب في جميع المجالات الثقافية والأدبية والعلمية وان الشعوب المتقدمة عرفت بما قدمته للمجتمع من تكنولوجيا متطورة وبما أرفدت البشرية جمعاء من علوم وليس بانتصارات جيوشها, فتشييد المكتبات داخل كل محافظة وتوفير الكتاب هي مهمة الدولة أولاً وضرورة دعمها المستمر ورفدها بكل جديد ومواكبة المتغيرات التكنولوجية  وتطويرها بأحدث الوسائل التقنية وضرورة توفيرها في المكتبات العامة والمكتبة الجامعية والمدرسية, إذ لا يمكن أن نبني الفرد ومن ثم المجتمع ما لم نهتم بهذا الجانب الحضاري, فقد اهتمت البلدان العربية ومنها الجزائر ومصر وتونس بالكتاب وتجربة المكتبة المتنقلة في الباصات هي خير دليل على إن للكتاب دورا مهما في حياتنا, وأتمنى أن أراها يوماً ما في العراق.

المكتبات العامة عبر التاريخ
نظرا لأهمية الكتاب في حضارتنا القديمة فقد كان الأمراء والعلماء ينفقون الأموال على نسخ الكتب من خلال ناسخين متخصصين إذ لم تكن الطباعة مخترعة بعد وكانت الحاجة ماسة للكتاب خاصة الطلبة في ذلك الوقت, ومن هنا جاءت فكرة قيام المكتبات في مجتمعنا الماضي.
أما المكتبات العامة فقد كان  الخلفاء والأمراء والعلماء والأغنياء هم من يقيمونها و كانت تشيّد لها أبنية خاصة، وأحياناً كانت تلحق بالمساجد والمدارس الكبرى,  فقد كانت تشتمل على حجرات متعددة تربط بينها أروقة فسيحة، وكانت الكتب توضع على رفوف مثبتة بالجدران تخصص كل غرفة لفرع من فروع العلم، فلكتب الفقه غرفة، ولكتب الطب غرفة، ولكتب الأدب غرفة وهكذا, وكان فيها أروقة خاصة للمطالعين، وغرف خاصة للنساخ الذين ينسخون الكتب، وفي بعضها غرف للموسيقى يلجأ إليها المطالعون للترفيه وتجديد النشاط  وفيها غرف لحلقات الدراسة والنقاش العلمي بين رواد تلك المكتبات , وكانت جميعها تؤثث تأثيثاً فخماً ومريحاً وكان في بعضها غرف لطعام روادها، ومنامة للغرباء.
مكتبة بيت الحكمة
ومن أشهر المكتبات العامة في ذلك الوقت والتي ذكرتها كتب التاريخ " مكتبة بيت الحكمة في بغداد التي أنشاها هارون الرشيد وبسبب هجمات التتار حين احتلوا بغداد وهمجيتهم وجهلهم أحرقوا المكتبات كما احرقوا البشر، والتاريخ يشهد كيف إن التتار الهمج قذفوا بما وجدوا في دور الكتب العامة في نهر دجلة حتى فاض النهر بالكتب الملقاة فيه، فكان يعبر جنودهم عليها من ضفة إلى ضفة، وظل ماء النهر أسود داكناً لأشهر طويلة بسبب حبر الورق.
فريدة الأنصاري موظفة سابقة في المكتبة الوطنية تبين لـ"المدى" بأن سبب انحسار وإهمال  المكتبات العامة عصر المد المعلوماتي إذ أصبحت المعلومة متوفرة بنقرة واحدة على أي موقع الكتروني فهو سهل للناس الحصول على المعلومة في كل مجالات الحياة, إذ تحول القارئ الورقي إلى قارئ الكتروني, أما نسبة الشباب المقتنين للكتاب 2% فقط إذ أصبح خير جليس لهم موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وليس الكتاب ".
مصادر البحوث
وأضافت الأنصاري وهي تحدثنا عن ذكرياتها مع المكتبة العامة" عندما كنا طلبة كان أساتذتنا يكلفوننا ببحوث بعض مصادرها لا نجدها في مكتبة الكلية فكنا نذهب إلى المكتبة المركزية في الجامعة أو المكتبة العامة فهي مفتوحة أيام العطل وكنا نلاقي ترحيبا من موظفيها فنجدها مكتظة بالقراء وبطلبة الدراسات العليا وكنا نلتمس بها روح التعاون وتبادل الأفكار بيننا"
وأوضحت الأنصاري " بأنها من جيل يحبب المطبوع الورقي لأن الكتاب يحمل في طياته متعة وتفاعل ورائحة الورق لها ذكريات جميلة , مؤكدة" بأن الكتاب سيبقى له قيمته لدى القارئ العراقي لأننا مازلنا شعب يملك ثروة من القراء فصدقت المقولة التي تقول بأن الكتاب يكتب في مصر ويطبع في لبنان ويُقرأ في العراق , وتمنت " ان تعود المكتبة العامة وتستوعب قراءها " ودعت الشباب إلى تخصيص جزء من أوقاتهم للمطالعة والقراءة وليكون لهم الكتاب "خير جليس" كذلك تمنت من الآباء الأخذ بمقولة "هنري ميلر" على كل أب أن يهدي بعيد ميلاد أبنه كتاب" وذلك سعيا منا نحن كأولياء أمور على تنشئة أبنائنا منذ الصغر في حب الكتاب ".
التجربة الدنماركية
لقد تميزت دولة الدنمارك بتجربة المكتبة العامة المتنقلة بين الأحياء والقرى بواسطة باص تم تحويله كليا إلى مكتبة مليئةَ بالكتب والمجلات والأفلام وأقراص الموسيقى وهي مبادرة لمساعدة من لا يستطيع الذهاب للمكتبة العامة ,كذلك دعت وزارة الثقافة الدنماركية إلى ترجمة الكتب من اللغات الأخرى إلى لغتهم الأم مقابل مبلغ 40 ألف كرونة لكل كتاب يترجم أي ما يقارب 8000 دولار, بعدها شاهدنا كيف قامت الجزائر ومصر وتونس باستنساخ التجربة ولاقت نجاحا واسعا.
وهذا ما يدعونا إلى التشاؤم إذا ما قارنا تلك التجربة بواقع المكتبات في العراق بسبب الإهمال العام لهذا المرفق المهم من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمشرفين عليها.

رأي علم النفس
الباحثة النفسية إسراء رحمن بينت لـ"المدى" أن للمكتبة دورا كبيرا في ترويض الأفراد للقراءة بسبب أجواءها الهادئة وهو ما يحتاجه القارئ ,وتنوع المادة المقروءة فيها, كذلك تسهم في عملية التنافس لدى روادها الطلبة كون إن الدراسات أثبتت بأن الممارسات الجماعية تعمل على خلق التنافس الصحي , مؤكدة "بأن وجود كلا الجنسين داخلها مهم جدا لأن الشاب في فترة عمرية معينة لديه رغبة في لفت الجنس الآخر له من خلال استعراض معلوماته والتباهي بنوعية المادة التي يقرأها وهذا ما يدفعهم إلى التواصل مع الكتاب لحصد اكبر عدد ممكن من المعلومات".
دور المحافظة
عضو مجلس المحافظة محمد الربيعي بين لـ"المدى" بأن المكتبات العامة بسبب الإهمال استغلت أبنيتها لأغراض أخرى فقد أصبحت مكاتب لمدراء الاقضية والقضية والنواحي وبعضها من لها باحة خارجية واسعة استغلت كمولات.
وأضاف الربيعي" هناك قصور واضح من قبل المحافظة في هذا الجانب ليست كبنى تحتية فقط ولكن عدم توفير الكتاب وتفعيل دور القراءة أيضا يعتبر إسهاب من قبل المحافظة, مشيرا إلى "أن للمكتبة دورا في حفظ الموروث التاريخي والعلمي وعلى الجميع سواء الفرد أو الحكومة أن يقدر قيمتها وأن نعمل على تطويرها تكنولوجيا لكي نربي أجيالنا على ثقافة الكتاب وإكسابهم قدرة البحث والمطالعة , واعدا" بأن يعاد ترتيب هذه الأبنية وأن نسعى إلى أحياءها وإرجاعها إلى سابق عهدها رفدا منا للقارئ والمثقف".
وأكد الربيعي في حديثه " بعد عام 2003 ظهر سياسيون مبدعون في الكتابة لكن للأسف اهتمامهم ينحصر على مؤلفاتهم الخاصة "
مبادرة المدى
وأثنى الربيعي على مبادرة المدى إذ قال:"بأن للمدى دورا كبيرا في أحياء الكتاب وتحفيز القراء من خلال المعارض التي تقيمها في بغداد وأربيل إذ أرفدت الشارع والقارئ العراقي بكتب حديثة ولامعة وعلى المستويين العلمي والأدبي ونحن شاكرين لها هذه المبادرة الكريمة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram