إن صحّت الأنباء عن أن واحداً من أهداف زيارة أوباما للمنطقة، التركيز على مضامين خطة السلام العربية، والتشجيع على مفاوضات تقود إلى العودة لخطوط 67، وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين، وبحث مكانة القدس كعاصمة الدولة الفلسطينية، مقابل تعهد كل الدول الإسلامية والعربية بالاعتراف بإسرائيل، وفي المقابل فإن واشنطن تقترح على الفلسطينيين، قبول مبدأ تبادل الأراضي، وبمعنى شرعنة الاستيطان، والاعتراف بالكتل الاستيطانية، فإن ذلك يعني تفريغ مبادرة السلام العربية من مضمونها، رغم إدراك الإدارة الأميركية أن نتانياهو لاينوي التعاطي مع المبادرة، وغير مستعد للحديث عن تسوية دائمة فورية.
لم نكن بحاجة لانتظار وصول أوباما إلى «أرض الميعاد»، ليعلن التزام بلاده بالوقوف إلى جانب تل أبيب، والفخر بأن تكون أقوى حليف لها، وليعلن غبطته بالمشاركة في الاحتفال بمرور 65 عاما على قيام دولة إسرائيل، والتأكيد أن اختيارها لتكون المحطة الأولى لزيارته أمر له مغزى، فقد أعلن مثل ذلك وأكثر حين استقبل زعماء المنظمات اليهودية الأميركيين المشاركين في أعمال مؤتمر الأيباك السنوي، حيث أكد عدم وجود خطة سلام أمريكية في اللحظة الراهنة، وأن الزيارة ليست مكرسة لحل قضية سياسية معينة، ولكنها فرصة للتشاور مع حكومة نتنياهو حول إيران وسوريا والوضع في المنطقة وعملية السلام، وبما يعني أن إدارته تجاوزت عملياً فكرة حل الدولتين، وهي أساس المبادرة العربية، وتمسكت باعتراف العرب والمسلمين بالدولة العبرية.
ليس منتظراً أن تسفر جولة أوباما عن نتائج عملية مؤثرة، لأن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، والبحث عن مخرج له لم يعد أولوية في واشنطن، بعد التيقن من أن أي انفجار للوضع لن يقود إلى مجابهة بين القوى العظمى، إضافة إلى تراجع أهمية المنطقة برمتها، بعد اكتشاف كميات هائلة من النفط والغاز في أميركا وكندا والمكسيك، بما يقلل مخاطر حظر البترول العربي، إضافةً « للأسف « أن القضية الفلسطينية لم تعد الأولى عند العرب والمسلمين، المنشغلين اليوم «بربيع» يقودهم إلى حروب طائفية، بدأت بوادرها في أكثر من قطر عربي ليس آخرها سوريا، وهي في حال اكتمال اندلاعها، ستؤدي إلى تغيير في الخرائط السياسية، لن تنجو منها أي من دول المنطقة.
اليوم وبعد أن وصل الاهتمام الأميركي بالمعضلة الفلسطينية إلى أدنى درجاته، واقتنعت واشنطن بعدم ضرورة بذل أي جهد في هذا المجال، يحق لنا أن نسأل هل تؤمن الإدارة الأميركية بإمكانية بقاء الوضع الراهن كما هو عليه، مع تطويره بزيادة وتائر الاستيطان في الضفة الغربية، وبما يحول إسرائيل إلى دولة محتلة، تحكم أكثر من مليوني فلسطيني، وهل تضمن واشنطن ومعها تل أبيب، عدم اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية، تغير المعادلة برمتها، مع وجود أطراف في المنطقة تنتظر مثل هذه الفرصة، للإسهام في تغيير يخرجها من أزماتها، وهل تضمن واشنطن استمرار وجود دول موالية لسياساتها في هذه الحالة.
كان أوباما واضحاً، حين أعلن قبوله أن لا تعود إسرائيل لواشنطن، حول مسألة التعامل مع التهديد النووي الإيراني، أو إصدار أمر بالقيام بعمل عسكري، ضد منشآت إيران النووية، وأن البلدين سيبدآن المحادثات لتمديد صفقة المساعدات العسكرية للدولة العبرية، لما بعد 2017، وكشفه أنه على الرغم من أزمة الميزانية في واشنطن، فإن تمويل نظام القبة الحديدية الإسرائيلية لاعتراض الصواريخ لن ينقطع، ما يعني التزاماً أميركياً قاطعاً بسياسات حكومة نتنياهو، وبما يفرض على الجانب العربي، البحث عن لغة جديدة للتعاطي مع السياسات الأميركية خلال حكم الديمقراطيين للبيت الأبيض، بعد توجيه سؤال محدد للضيف مفاده، لماذا جاء إن لم يكن من أجل حل القضية الفلسطينية؟
لماذا جاء أوباما؟
[post-views]
نشر في: 23 مارس, 2013: 09:01 م