TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حوار "عا....تي" بين المالكي وكيري

حوار "عا....تي" بين المالكي وكيري

نشر في: 25 مارس, 2013: 09:01 م

هذا المقال كتبته بعد سؤال طرحه الزميل سرمد الطائي عن طبيعة الحوار الذي دار بين السيد نوري المالكي ووزير خارجية أميركا جون كيري.. ونحن نتحدث كنا ننظر الى الصورة التي وزعتها الوكالات للقاء حيث لفت انتباهي الابتسامة المميزة للمستشار الاعلامي لرئيس الوزراء وهو يتمعن في محاسن "كيري"، الزميل الطائي قال لي حتما كيري القى على مسامعهم حديثا عن الصبر الذي بدأ ينفد، أما انا فقد ذهب ذهني بعيدا وأنا استرجع مشاهد من المسرحية الشهيرة  "في انتظار غودو" لصموئيل بيكت.. وكيف ناقش المؤلف مسألة التدجين والاستجابة للأوامر، وكيف يتحول الانتظار الى علامة فارقة في حياة الإنسان فنراه، يردد كلاماً عبثياً لا يؤمن به: 

استراغون: يجب ان يكون هنا.

فلاديمير: لم يقل انه سيأتي.

استراجون: واذا لم يأتِ؟

فلاديمير: سنرجع غداً.

وجاء غودو في لحظة فاصلة  كان فيها السيد المالكي يهدد باقتحام ساحات الاعتصام، وتطايرات على شبكات التواصل الاجتماعي اخبار وشائعات عن قوات تتحرك لاحتلال الانبار والموصل، في ذلك الوقت وقبل ان يحط "غودو" رحاله في المنطقة الخضراء وصف رئيس الوزراء التظاهرات التي تجري في الانبار والموصل بانها  مخالفة للدستور وقال  في حوار مع قناة العراقية "أقول لأصحاب الأجندات لا تتصوروا أنه صعب على الحكومة أن تتخذ إجراء ضدكم أو أن تفتح الطريق وتنهي القضية، وأحذركم من الاستمرار لأنه مخالف للدستور العراقي لقد صبرنا عليكم كثيرا".

بالأمس وفي الفصل الثاني من مسرحية في انتظار "غودو" يكتب لنا السيد المالكي مشهدا جديدا فيه حوار لم نعهده في النص القديم الذي امتلأ بمصطلحات من عينة  "فقاعات" و"مثيري الفتنة الطائفية" فقد تدخل الرقيب "الاميركي" ليخرج الحوار بصورته الحميمية ففي بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء قال المالكي"اشد على أيديكم وأقول لكم لقد استطعتم بمبادرتكم وحرصكم قبر الفتنة التي كاد البعض أن يشعلها لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية لا صلة لها بأهل المطالب الحقيقيين".

ولأنني مغرم بالكتابة للمسرح ومارست لسنوات طويلة كتابة السيناريو فقد قررت بالامس ان ادخل على خط السيد غودو واكتب حوار مفترضا دار بين وزير خارجية اميركا ورئيس وزراء العراق:

رئيس الوزراء: حللت أهلا وسهلا... طلباتكم؟

كيري: هناك احتمالان لا غير، اما ان تغيروا موجة الخطابات، او اننا سندير بوصلة التحالف باتجاه الآخرين وأنت تعرفهم.

رئيس الوزراء : نعم أعرفهم.. لكنهم.

يقاطعه كيري بدبلوماسية بينما تتسع ابتسامة المستشار الاعلامي.. ما هو قولك فيما نسب اليك من انك هددت باقتحام ساحات الاعتصام، وان القوات الامنية تريد استخدام الدبابة الاميركية لضرب مواطنين عراقيين ساهمنا بتحريرهم من "الدكتاتورية".

المالكي:  لم يحدث.. هذه هلوسات اعلام  مغرض.. وأريد تنبيه سيادتكم إلى انني كنت انوي ان اوجه رسالة شكر وامتنان للمتظاهرين لصلابتهم وصمودهم كل هذه المدة، أما حكاية الدبابة الاميركية كما يدعي البعض، فهذا حدث فعلا لكني ارسلتها باتجاه "كردستان" وان البعض...

كيري: مقاطعا من جديد: اذن تعترفون بانكم تستخدمون سلاحنا في غير اوانه ومكانه.

المالكي: لنفترض جدلا اننا نستخدم السلاح، قلت فرضا، ليس معنى ذلك اننا نكره شعبنا.. ولكننا نريده ان يعتاد على الانضباط.. فيا سيد كيري انت لا تعرف الشعب العراقي فهم لا يستطيعون العيش من دون "قائد ضرورة".

هنا يتدخل السيد المستشار الاعلامي ليشرح للضيف الأميركي فائدة نظرية "القائد الضرورة" في بناء دولة قوية تحافظ على مصالح أصدقائها الاميركان في المنطقة.

كيري : ترى من صاحب هذا المصطلح الغريب؟

المالكي: هذا مصطلح قديم يسري في دماء العراقيين.. يا سيدي نحن نحتاجه الان لاننا نواجه قضية امن قومي، فنحن مستهدفون،هناك دول في المنطقة تتربص بنا في الظلام، ولهذا نحتاج الى اجهزة رؤية ليلية مركبة في الأقمار الاصطناعية لمراقبة، الاعداء الذين يريدون تمزيق العراق وتفتيته؟ أليست أميركا حليفتنا؟

كيري: أفهم من كلامك ان هناك من يريد احتلال العراق بعد ان تركناه، "يضحك كيري" هذه أقوى نكتة اسمعها منذ أسابيع.

المالكي: المشكلة أن سيادتك لا تريد إعطائي فرصة لشرح وجهة نظري.

ينهض كيري، ينهض الجميع وراءه، يلتفت وهو يمسك بيد المالكي ليقول: علينا ان لا يخدع بعضنا البعض.. هل لديك اشياء اخرى تريد ان تقولها.. هل لديك أقوال أخرى؟

المالكي يلتفت الى المستشار الاعلامي مخاطبا: اريد بيان يدعم مطالب المتظاهرين ويشد من ازرهم ويشيد بتحملهم "زمهرير الشتاء" وقيض  الصيف.

ويمضى كيري في طريقه لإلقاء محاضرة أخرى على كرزاي في أفغانستان.. فيما سارعت حكومتنا  بالإفراج عن بيان "عا.. تي" جداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. هلال

    سلام لاخ يستحق ان يكون مواطن صورة جميلة ولا تخلو من حقيقة يتناساه الجميغ وهى اننا بلد محتل ولا يمكن لاى ارادة ان تفعل شي سوى ارادة الامريكان وكل شي غير هذا كلام فارغ وضحك على العقول التى يبدو تحتاج لمن يهزأ بها ايران, قطر, سعودية, سوريا, مصر,الاردن,متهم

  2. shathaa

    الله يعينك صرت تألف سيناريو خيالي يرضيك ويرضي من يمول كتاباتك يس وين تقول انك مارست المهنة سابقا مبين عليك ركيك في الفحوى والوالترتيب لو اني كاتبة سيناريو كنت احسن منك الحمد لله انت الان بعيد عن الدراما العراقية والاهي مو ناقصة بس والله انتوا غبنتوا حقكم

  3. بلال الراوي

    رحم الله صموئيل بيكت لكونه ميتا ولايستطيع قراءة تفاهات علي حسين. قرأتك لاشهر ولم ارى بآرائك سوى فقاعات جاهل يردد شعارات فارغه وتبجعا وتكبرا ولؤما. عافاك الله من مرضك.

  4. الشمري فالروق

    الاع العزيز ابو حسين....هنالك اناس لا يجدي معهم النصح والكلمة الطيبه..وينطبق عليهم قول الرصافي رحمه الله.. قوم اذا صفغ النعال وجوههم شكت النعال بأي ذنب تصفغ فلا تعجب ان ينتقل المالكي من التهديد والوعيدالى الترحيب..اكو ناس تبدل كير بالع

  5. مواطن

    عزيزي الكاتب ..عند قراءتك للكومنتات لاتضجر فهكذا العراقي لا يمر يوما الى وهو ساخرا منتقدا وأنت أعلم به (لايعجبه العجب ولا الصيام برجب)!!..

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram