يتذمر مرشح من خارج الكتل الدينية في البصرة من حفل تخللته أغنيات وطنية أقامه مرشح شيوعي،على ضفة شط العرب بالكورنيش،قائلاً:"هذا غير مناسب في مدينة مثل البصرة،طابعها العام ديني،مع وجود مناسبة وفاة شخصية دينية، فيما يذهب مرشح إسلامي إلى أن هذا من أفعال الفاسقين،ولا يمت للإسلام بشيء،غير أننا لا نستبعد وجود كتلة وشخصيات أخرى تقول بوجوب الوقوف بوجه هؤلاء،القائمين على الحفل،وتفريق شملهم،وما إلى ذلك من أساليب الوحشية،التي أصبحت طبيعية في السلوك الإنساني لدينا.في دولة لا تحترم القوانين وتعمل على خرقها ما وسعت إليه يدها.
في دولة أصبح فيها القانون لعبة بيد الجاهلين بالقيم الإنسانية كالعراق يكون كل فعل وحشي ممكن،ذلك لأنها أول من تعمد خرق القانون ،القانون الذي لم تكتبه أو تضعه هي،إنما كتب في لحظات حقيقية،بعيدا عن شكل النظام الذي كتب في زمنه ،وعبر متوالية الحاجة له أصبح لصالح أبناء الشعب،اليوم يقف بائع الخضار أمام المدرسة ومن مكبر الصوت الذي ربطه على عربته وظل يصيح على بضاعته الساعة والساعتين من النهار،والصوت يربك الطلبة في تأدية الامتحانات،لكن مخلوقا ما لا يقوى على ردعه،ومثله يفعل صاحب الموكب والحسينية والمسجد،وفي المناسبة والمكان اللذين يختارهما ليصرخ بأعلى ما في المكبر من صوت،في السوق وأمام المدرسة والبيت ،لكن شرطيا،قاضيا أيَّ مخلوق لن يتمكن من ردعه بدعوى أن المناسبة هذه أشرف من المدرسة والناس والسوق والقاضي والحكومة وهكذا تخرق القوانين.
في الانتخابات السابقة جنى رئيس الوزراء 100 ألف صوت من أصوات المتجاوزين في البصرة وحدها،حين أصدر قانونه بالسماح لهم بالبقاء في الأماكن المتجاوز عليها من قبلهم،ومن حيث يعلم أو يعلم،فأن القرار الذي قوبل بالتهليل والتكبير ووصف بالفعل الإنساني العظيم صار عائقا كبيرا أمام هيئة الاستثمار والمشاريع البلدية والشركات التي عجزت كثيرا عن تنفيذ مشاريعها في المناطق التي يشغلها المتجاوزون إلى اليوم،واضطرت الحكومة المحلية ومعها عشرات الشركات إلى دفع الرشا والتعويضات مقابل قيام هؤلاء بإخلاء الأماكن التي تجاوزوا عليها،بمعنى أن الدولة تخرق القانون وتكافئ المتجاوز،ومثل ذلك قرارها بحق المواطن الاحتفاظ بقطعة سلاح واحدة من جهة ومنعها إطلاق النار في المناسبات،ترى أي قانون لهذه الدولة،أي مواطن تصنع ليحترم قوانينها هذه؟
منذ عشر سنوات وسكان المناطق الزراعية في أبي الخصيب وشط العرب يستصرخون مجلس المحافظة بتشريع قانون يمنع تجريف بساتين النخيل وردم الأنهار،من خلال منع البيع والشراء وتحويل جنس الأرض،وبحسب قول البعض منهم فأن المجلس أصدر تشريعا يمنع ذلك،بل وأعلن عن تشكيل فوج حماية البيئة الغرض منه حبس وتجريم كل سائق جرافة أو شفل يدخل بستانا،بل وان جزءا من وظيفة الفوج هو الذهاب والإياب على طول الطريق للبحث عن (المجرمين) الذين يجرفون البساتين،لكن الذي حدث أنه ومنذ عشر سنوات والنخيل يسّاقط وتردم به الأنهار وسائقو الجرافات يصولون ويجولون،وعلى مرأى ومسمع من جناب القائمقام وأعضاء الحكومة المحلية والجيش والشرطة وفوج البيئة الذي لم يشكل بعد ،بل والانكى من ذلك كله أن الحكومة المحلية وافقت على إدخال قضاء أبي الخصيب الزراعي بامتياز ضمن خريطتها في التوسع العمراني للمدينة،بمعنى أنها عملت في الخفاء على جعل المنطقة هذه جزءا من المدينة،وبذلك فتشريع المجلس يكون كذبة كبيرة ومؤامرة على سكان القضاء.
وتعمل مديرية كري وتطهير الأنهار في وزارة الموارد المائية الآن على كري بعض الأنهر الرئيسية المتفرعة من شط العرب،ويبدو أن عملا دوريا،روتينيا لها لا علاقة له بالواقع الزراعي،إذ ما معنى ان تقوم جهة حكومية ما بكري الأنهار بقصد إيصال الماء للبساتين والعمل على تفعيل واقع الزراعة فيما تعمل جهة حكومية أخرى على تشريع وفعل من شأنه القضاء على الزراعة،مئات الأنهار ردمت ومئات الآلاف من الدونمات الزراعية في أبي الخصيب جرّفت وتحولت مساكن ومحال وشوارع .ترى من أجل ماذا تقوم وزارة الموارد المائية بكري الأنهار،او ما تبقى منها،عن أي حكومة نتحدث ؟ عن أي دولة للقانون؟
كمواطن لا حول لي ولا قوة،وفي بلاد لا تحترم القوانين، أبحث عن حكومة لا تتجاوز حقي في الوجود الإنساني الكامل،وقد لا أجد حكومة كهذه على مدى ربع القرن القادم بضوء معطيات عقلية الناخب العراقي،الذي ما زال يعتقد بان دخول الجنة وتجنب النار إنما يكمن بعمامة السيد الفلاني والشيخ العلاني والحزب هذه او ذلك غير معتقد بان الحق،كل الحق له في مقاضاة الحكومة لأنها لوثت الفضاء الذي يعيش فيه، من خلال تراكم النفايات في المدينة والطريقة غير الصحية في الطمر،وان من حقه مقاضاة أي كان قصّر في حقه بالتعليم والصحة والخدمات البلدية والسياحة والبيئة والكهرباء والماء وفرص العمل وكل ما يتعلق بحياته،وأسرته ومستقبل أطفاله،هذه الحكومة تعمد على تجهيل وتعمية مواطنيها من خلال الإفراط في خرق القوانين وجعلها من أتفه ما يحتاجه الإنسان لديها.