اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > ستار كاووش.. قصدية الغور في تعبيرية اللّوحة

ستار كاووش.. قصدية الغور في تعبيرية اللّوحة

نشر في: 29 مارس, 2013: 09:01 م

تبرز تجربة التشكيلي العراقي المغترب ستار كاووش على نسقية الأداء التعبيري المشبع بخيوط تجريدية واضحة ، ويمكن الإمساك بأعماله من خلال انسراحه في الغور ببؤرة النسق الأدائي الواضح ، او من خلال نمطية الأداء الذي أعطى مسحة واضحة عرفت خلالها الأبعاد الفنية

تبرز تجربة التشكيلي العراقي المغترب ستار كاووش على نسقية الأداء التعبيري المشبع بخيوط تجريدية واضحة ، ويمكن الإمساك بأعماله من خلال انسراحه في الغور ببؤرة النسق الأدائي الواضح ، او من خلال نمطية الأداء الذي أعطى مسحة واضحة عرفت خلالها الأبعاد الفنية التي تمتع بها ، ومنذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أتابع بحذر أغلب ما يقدمه من لوحات فنية ، فقد كشفت عن وحدة موضوعته ، على الرغم من امتلاكه لمهارات الأداء التشكيلي الحديث ، فاللوحة عند (كاووش) لها أبعاد متعددة ، فهي ليست ابنة الشكل الفني الحديث ، انما هي مشروع جمالي له وظائف أخرى ، وهذا ما جعلنا نتعامل معها على أنها مليئة بالثيمات الحاضرة في يومياتنا ، ولكن بتقنية مختلفة وخاضعة لسلطة اللّوحة ذاتها .

واذا ما حسبنا أسلوبه الطافح في جميع لوحاته ، فانه يظهر المسحات الجمالية من خلال العلاقات الثيمية الحاضرة في كل لوحة ، حيث تقنية الأسلوب ومهارة الشكل ، يمكن ان نسميه باللّغة الفنية التي يعمل عليها الفنان ، او ان الطريقة الأدائية تنطوي عند حدود ما يسمى بشعرية الشكل الفني ، وهنا تقف قصدية العمل التشكيلي عند كاووش بدلالات البناء الذهني ، بمعنى انها تسير بمخيلة واسعة ، ثم تتحول عبر الإسقاطات الى إطار واضح الدلالة ..

في حين تستدعينا لوحات الفنان الى التمعن فيها مرات عديدة ، لنكتشف ثمّة علاقات حضورية مكرورة داخلها ، علاقات دفعت الفنان الى رسم حدود خاصة به ، لايمكن الخروج عنها ، وهذا ما لم ينتبه له في جميع تجاربه ، فاللّوحة التشكيلية لا تكفينا ان نستمتع بها بصريا ، انما المتعة تكمن أيضا في الأبعاد الفلسفية والجمالية ، فهي نص خاضع للقراءة والنقد ، وستار كاووش أغفل الكثير عن ذلك ، مكتفياً بطريقته هذه التي كشفت عن جدل (علائقي) مستخلص لثيمة الرجل والمرأة ، وحولها الى إيقونات ، عبر بهرجة اللّون وتقانة الشكل ، وميوعة الجسد واسترخائه القصدي وبذبذباته الإيحائية ، كل ذلك سحب المتلقي للإصغاء إليه ،فـ( الوجوه .. الأجساد .. الشراشف.. الحيوانات الأليفة ، وغيرها ) ، بانت بشكل لافت للنظر ، غير ان اعتماده على الألوان الحارة والمضيئة والبارزة بالدرجة الأساس مع الألوان الأخرى ، كانت دقيقة جداَ ، بل هي جزء مهم في اشتغاله الفني لأمر يتعلق بشهية هذه الألوان وإثارة الجانب (الايروسي) المتناظر مع الموضوعة المشتغل عليها ..

لمسنا أغلب لوحات الفنان أنها لا تمتلك فضاءات داخلية في إطاراتها ، الأمر الذي جعلها مكتظة بالشكل المعمول عليه ، لا أعلم إن كانت هذه الطريقة جاءت عن تأنٍ مدروس ، أم هي تلقائية منبسطة بشكل فطري ؟.. المهم اننا لمسنا من حيث الموضوع التنقيب الفاحص والغور بتفاصيل الشكل ، إنها اعتمدت على ثنائية الشكل واللون .

إما اذا ركزنا على مسألة الإنشاء ، ونلتقط وحدة الموضوع الراكز في لوحات الفنان ، فانه يتوجب عليها ـ اي اللوحات ـ الإعلان عن الانتماء الموضوعي للمثيولوجية الشرقية ، من خلال التركيز على مسألة العلاقة الحسية لثنائية الرجل والمرأة او للايقاع البصري لجسد المرأة او لثيمة (التفاحة) التي ظهرت كثيراً في لوحاته ، ولعلني اجزم انها مستعارة من الوحي المثيولوجي الكاشف عن خطيئة آدم وحواء ونزولهما الى الأرض ، ليكون فعل الأداء (الايروسي) حاضرا في وعي الفنان ، ومن ثم في عين الآخر/المتلقي ..

ان جلّ الأعمال التي شاهدناها في تجربة الفنان في مناسبات مختلفة تتصل بوعي ذاتي معبر عن آلية فنية معتمدة ضمن إطار موضوعي معين ، فهي تنحدر من النسق التعبيري المجدد للأشكال ، مع الاستكشافات الثيمية المجاورة والمتفاعلة داخل إطار كل لوحة ، ولكن كل ذلك وضعنا تحت تساؤلات مشروعة ، تساؤلات تقف عند حدود قراءة الأشكال بوصفها تحمل بعدين ، (الأول) انها تسير ضمن نمط فني واضح الدلالة لموضوعة الشكل التعبيري المجرد،(الثاني ) انها  أي الأعمال ـ تخضع لموسيقى داخلية ، تكشف عن فعل درامي يكتمل في ذهنية المتلقي ..

نستخلص ذلك بسؤالنا للفنان كاووش ( الى اي مدى يمكن استحضار تقنيات تشكيلية أخرى تغاير ما شاهدناه من نسقية فنية / تشكيلية في ظل الاستحداثات المعاصرة في اللّوحة ؟)..

إن الفنان حين يكمل لوحته ، ينسرح الى عالمه الواقعي ، شاعراً انه امتزج مع هذا العالم ومع كل المحسوسات التي تدور فيه وحوله ، لكنه عالم خارجي ، وما يعني أصحاب الشأن الغور ببواطن الأشياء ، وان لسلطة النقد حق الكشف عن المسكوت عنه ، او عن المعنى الضامر ، وأجدني على محك مباشر مع الفنان لفتح شفرات أعماله ، حيث جميع الأشكال وإن كانت واضحة الدلالة ، تحمل في دواخلها الكثير من الشفرات الجمالية التي بحاجة الى فتحها ..

لا أعرف الى اي حدّ يمكن ان يصل به الفنان في صياغة واحداث ثيمية راكزة ، اعماله بعد هذا الجهد الممتد لسنوات طويلة ، بدأت تقدم نفسها ، او بالأحرى بانت ملامحها من خلال الأنموذج الواحد ، وإن تعددت موضوعاته واستخداماته اللّونية ، ما وددت ذكره ، إننا حين نقف أمام لوحة ستار كاووش ، فإنها تستدعينا لتجارب سابقة ، غير انه أفاض لنفسه الوقوف على مستوى الاشتغال الفارض لقوانين الآخر العام ( المتلقي غير المختص) ، في حين أغلب فناني جيله يعملون على مغايرة نسقية الأداء عبر فضاءات تجريبية/ تجريدية ، ولإبرهن كلامي ، قمت بعرض أعماله على فئة عامة من الناس ، وأخرى مختصة بجماليات الفن التشكيلي ، فكانت النتيجة واحدة ، انها تتمتع بمهارة الشكل ومتعة الموضوع ، وهذا ما جعلنا نؤكد انه فنان تشكيلي أتقن لعبة اللّوحة ، وأتقن موضوعتها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram