TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الانتخابات .. ما عادت تفرحني

الانتخابات .. ما عادت تفرحني

نشر في: 30 مارس, 2013: 09:01 م

منذ اختياري العيش بالمنفى لم يفرحني من أخبار الوطن غير حدثين: سقوط صدام ويوم خرج العراقيون ينتخبون بكامل حريتهم لأول مرة بحياتهم في أول انتخابات برلمانية. لم أنم تلك الليلة حتى الصباح إذ كنت خائفاً على الناس من الإرهابيين وعلى الانتخابات من الفشل.  لكن خوفي تحول الى فرح عارم وأنا أرى العراقيين يزحفون صوب صناديق الاقتراع زرافات ووحدانا ليذهلوا الدنيا بشجاعتهم.
حين أغلقت الصناديق، ولم تحدث في يومها جرائم إرهابية، احترت كيف أعبر عن فرحتي. بكيت أولا، وهلهلت ثانياً، ثم ركضت صوب جاري الهندي أحكي له عن عظمة شعبي. لم أرو غليل فرحي فلذت بالشعر. كتبت أغنية مرتجلة لحّنتها على طريقتي الخاصة وأطفالي كانوا يغنون معي:
الحمد لله سلامات    انتصرنا يا انتخابات
نعمة يا وطن نعمه    صعدنا وياك للنجمه
نطش عالدنيا بوسات
اتصلت بالصديق المطرب، وجار الصبا، حسن بريسم. قرأتها عليه بالهاتف فكتبها واستأذنني كي يذهب للأستوديو لتسجيلها. وفعلا أكمل اللحن والتسجيل في ليلة واحدة. ثم تم تصوير الأغنية وبثها قبل ظهور النتائج.  إنها أول وآخر قصيدة في حياتي كتبتها عن الفرح.
لم أزر العراق خلال ربع قرن إلاّ مرة واحدة. كانت بعد سقوط صدام بأشهر. لكني في يوم الانتخابات أحسست انه هو الذي جاء الى بيتي. كان كما الحلم الجميل فنهضت لأقبله وأغنيه:
يا حبيبي .. اليوم تدريني شكبرني؟
آنه من زغري چنت اتنه الفرح، بلجي يدك الباب
أنا بغيرك الي وي الدنيا ألف حساب
ولي وي الفرحه كومه اعتاب
لچنّك من اجيت ..
الفرح ما خله بعد بالروح .. لا حسبه .. ولا ظل اعتاب
وجاءت الانتخابات الثانية في نهاية العام الذي أجريت فيه الأولى، فازدادت فرحتي أكثر وأكثر. أحسست في يومها أن العراقيين ثأروا لكل تضحياتهم وعوضوا كل سني الصبر المرة. حسبتها بداية النهاية الحقيقية لزمن الدمار والخراب والقتل والفساد.
لكن .....
يا فرحة الما دامت. سنوات مرت على من انتخبهم الشعب ولم نشم منهم غير روائح الفساد وانشغالهم بحماية أنفسهم بين أسوار الخضراء تاركين الناس بلا أمن ولا أمان ولا خدمات. وشيئا فشيئا صاروا يهدمون ما بنيناه من آمال وأحلام، طابوقة طابوقة. بغداد التي كنا نتوقعها ستناطح هونك كونج ودبي، صارت أقرب الى حال مقديشو.
تحولت الفرحة الى غصة في صدري، حتى عدت لا أحب سماع الأغنية التي كتبتها. لقد تغير شكلها ولونها وطعمها بعد أن قتل "الدعاة" فرحتي. إنهم أعداء للفرح بامتياز، ومن يعترض فليقدم ما عنده. أما الذي عندي فإنهم سرقوا أحلامي كلها حتى أتوا على فرحتي بالانتخابات فخنقوها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. دلشاد

    مازال الامل فينا ومازالت الفرحة تجارينا وسيأتي اليوم الذي نغني به كل اغاني الفرح واهازيج النصر الحقيقي .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram