TOP

جريدة المدى > عام > أثينا السوداء والأصول الإفروآسيوية

أثينا السوداء والأصول الإفروآسيوية

نشر في: 31 مارس, 2013: 09:01 م

أثينا السوداء واحد من الكتب المعنية بالتاريخ والحضارات الشرقية حصراً وصدر قبل ثلاث سنوات الجزء الثاني [ 548 صفحة ] من المجلد الأول وأثار هذا الكتاب جدلاً واسعاً للغاية لم يعرفه كتاب من قبل . ومؤلف الكتاب " مارتن برنال " من الشخصيات الفكرية والتاريخية

أثينا السوداء واحد من الكتب المعنية بالتاريخ والحضارات الشرقية حصراً وصدر قبل ثلاث سنوات الجزء الثاني [ 548 صفحة ] من المجلد الأول وأثار هذا الكتاب جدلاً واسعاً للغاية لم يعرفه كتاب من قبل . ومؤلف الكتاب " مارتن برنال " من الشخصيات الفكرية والتاريخية المعروفة في العالم والمحكوم بالعقل والمنطق والموضوعية في تعامله مع التاريخ القديم والحضارات الشرقية المركزية والتي تعني أنموذجاً للأصول المبكرة في الحضارات التي عرفها الشرق القديم . ويتبادر للذهن من عنونة الكتاب بأن ما ينطوي عليه هو قراءة للمركزية الغربية وإعادة كل مكوناتها الى الشرق الآسيوي وحصراً مصر وسوريا والعراق وهذا ما كشف عنه في الجزء الأول ، وأثينا السوداء هي أثينا ذات الأصول الافروآسيوية . بمعنى الينابيع الأولى هي التي صاغت بلاد الإغريق وبلورت لاحقاً ما يسمى بـ " المركزية الغربية " ومارتن برنال واحد من العلماء المشتغلين في التاريخ والحضارة والمتعارض تماماً مع قراءات علماء الآخر وتصوراته التي حاولت الشطب على شعوب وحضارات لعبت دوراً في التكونات ، وواجه هذا العالم قهراً واضطهاداً ليكون مع كيت وايتلام وجورج طومسونو غيرهما تياراً قوياً ألزم التيارات المعترضة عليه بالإنصات له والاعتماد عليه في معرفة الحقائق . ودخل مارتن بارنال فوراً الى الحضارة الإغريقية وقال بمصيرتها وأكدها عليها معتمداً على الدلائل الدقيقة جداً وواجه هذا الكتاب انتقاداً حاداً وقاسياً . وتميزت هذه الآراء والدراسات والبحوث موزعة على الانشغال الأكاديمي حصراً وعلى المواقف العندية والعدوانية

وكان واستمر " مارتن برنال " جريئاً وشجاعاً في التصدي للحملات التي غزتها مؤسسات أكاديمية وثقافية معروفة بوجهاتها الغربية والتي ظلت خاصفة  لمهيمنات التمركز الغربي وقال مارتن برنال : أن كتابة هذا : عودة الى أثينا السوداء محاولة لتحدي ومناقشة هذه الآراء والحجج التي قللت من أهمية التوصلات التي قال بها برنال وغيره من العلماء المعروفين مثل سايروس  غاردن المختص بالكنعانيات وقر الامشتركات بين هوميروس والكتاب المقدس وترجم نصوصاً كثيرة من الأساطير الكنعانية وقدم أيضا " فيكتور بيرا " كما قال الأستاذ علي الشوك كثيراً من الدلائل التي تشير الى الينابيع الفينيقية الواضحة في الأسماء الجغرافية والتاريخية والأسطورية، في بلاد الإغريق . وقدم سايروس غاردن دراسات مهمة حول أصول الكتابة الكريتية وتوصل الى أنها سامية غربية على الرغم من أن ذوي النزعة الأوربية المركزية والذين يتمتعون بنفوذ واسع في المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحث العلمي . وذهب مارتن برنال في كتابة " أثينا السوداء " الى أن المصرية هي أصل الحضارة الإغريقية وقدم كثيراً من الأدلة والوثائق العلمية التي لا تقبل الدحض وذلك لاهتمامه المتميز باللغة المصرية القديمة ؟ عدد من الكتاب والباحثين الذين اسهموا بإصدار كتاب [ عودة الى أثينا ] لأنه كان ـ برنال ـ متخصصاً بالسياسة وليس التاريخ مع ملاحظة أشار إليها برنال بانه تعامل مع الكلاسيكيات وتاريخ وادي الرافدين . كما انه قدم نسبه واضحة للتأثير اللاتيني بالشرق ولغته حيث أشار الى أن 25/ مكونات لغوية كنعانية و 50/ من المصرية 25/ من اللغة الهند وأوربية ،  وأضاء المكونات الفلسفية الأولى للفينيقيين وكشفا تماماً عن العناصر الإفرو   آسيوية التي اسهمت في نشوء الحضارة الإغريقية في عدد من أهم المجالات الثقافية والدينية وذكر الأستاذ محمود إبراهيم السعدي في مقدمة الجزء الثاني للكتاب بان الى وصول الإلهة المصرية الى الجزر اليونانية ، مثل الإله أمون الى كريت منذ القرن الثامن ق . م .والإلهة نوت الى ساموس ، منذ مطلع القرن السابع ق . م وكذلك الإلهة إيزيس الى أثينا وأكد هيرودتس نقل اليونانيين لألهتهم عن الإلهة المصرية . ولم يغفل الأستاذ محمود السعدني التأثر والحوار الحضاري الفني بين بلاد الإغريق والمصريين وظهر هذا واضحاً في الالهة اليونانية المنحوتة في معبد الالهة هيرا ، حيث تبدت واضحة الأصول المصرية في فن النحت ومن بعد ذلك تقليدهم لصناعة التماثيل البرونزية المنقولة عن عشرات الأصول المصرية .

وقال مارتن بارنال : تعد جزيرة كرين المكان الملائم لأجراء مسح للعلاقات بين الشرق الأدنى وعالم بحر اتجه ، وهناك أسباب تكمن وراء هذا الاختيار . وأول هذه الأسباب هو وجود الأدلة على قيام اتصالات بين هذه الجزيرة وجنوب غرب آسيا الصغرى وشمال إفريقيا منذ العصر الحجري الحديث واستمرت هذه الاتصالات خلال عصر البرونز المبكر ، أما ثاني هذه الأسباب فانه في خلال فترة العصور التي ازدهرت في أواخر الألف الثالثة والثانية لعبت هذه الجزيرة دور الجسر في نقل وبلورة المؤثرات المصرية والشرقية الى بلاد الإغريق .

ورفض كثير من الباحثين في كتاب " عودة أثينا " الى ان الحضارة الإغريقية تشكلت في تربتها بشكل تقليدي ولم تكن صورة للتبادل والانتشار السريع الذي عرفته حضارات العالم ، في محاولة منهم لتنقية الحضارة الإغريقية لكن مارتن برنال قدم الأدلة الكثيرة جداً في كتابه أثينا السوداء ج1+ ج2 وبما لا يقبل الشك . وارى ضرورة اطلاع المثقفين والباحثين المنشغلين بالتمركز الغربي وما بعد الكولونياليه والاستشراق ضرورة الاطلاع على الكتاب المهم للغاية . لأنه صوت آت من بين أصوات الآخر المتطرفة ، صوت شكل مع أصوات أخرى قليلة فريقاً علمياً في مجال التاريخ والآثار والحضارة ، وهم وحدهم اعترفوا بالحضارات الإفرو آسيوية وقدموا ما يكفي لأنصافها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مدخل لدراسة الوعي

شخصيات أغنت عصرنا .. المعمار الدنماركي أوتسن

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

مقالات ذات صلة

في مديح الكُتب المملة
عام

في مديح الكُتب المملة

كه يلان محمدرحلة القراءة محفوفة بالعناويــــن المـــــــؤجلة مواجهتُها، ولايجدي نفعاً التسرعُ في فك مغاليقها.لأنَّ ذلك يتطلبُ مراناً، ونفساً طويلاً وتطبيعاً مع المواضيع التي تدرسها تلك الكُتــــب.لاشــكَّ إنَّ تذوق المعرفة يرافقه التشويق باستمرار،لكن الـــدروب إلى...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram