تحتدم المنافسة على الترشيح للانتخابات القادمة ، بكيل الوعود ، والتفاخر بالأنساب والألقاب ، وهدر الأموال للترويج ، وزيارات المدارس ، وإقامة الولائم ، و..و.. فماذا يبتغي الطامح من هدر الأموال والجهد ؟؟
هل يبتغي خدمة المواطن ؟ وإعلاء شأن الوطن ؟!
هراء ... هذا هو الجواب الجاهز الناجز على ألسنة المواطنين المسحوقين ، وطي ضمائر كثير من المتربعين على عرش المسؤولية .
صار الشك يقينا ، إن هذا التكالب والسباق المحموم على نيل قضمة – ولو قضمة-- من كعكة السلطة ، هو الغاية والأمل المرجى للغالبية العظمى من المرشحين ،، لما يوفره الفوز – لو تحقق – من مكاسب وامتيازات ، لا يحلم بها نواب ووزراء أكثر الدول غنى واستقرارا .
تذكر البيانات المعلنة _- والخافي أعظم – إن راتب النائب هو ( 22) ألف دولار شهريا ، وحسابها بالدينار العراقي يصيب المواطن العادي بالصعقة . فإذا ما أضفنا إليها مخصصات السكن ، ورواتب أفراد الحماية ، ومخصصات الخطورة ، والتنقل ، والراتب التقاعدي البالغ ثمانين بالمئة من الراتب الاسمي ، والإحتفاظ بالجوازات الدبلوماسية _ وامتيازاتها الجمة – حتى بعد تركهم المنصب . و..و.. أدركنا السر الدفين الكامن خلف النوايا .
عبر إحصاءات متداولة على المواقع ، نعرف أن النائب يكلف ميزانية الدولة العراقية ألف دولار في الدقيقة الواحدة ، فاحسبوا كم دقيقة في الساعة الواحدة ، وكم ساعة في اليوم الواحد ، والمفارقة المحزنة أن بعض النواب لم يحصل على الأصوات المطلوبة ، فجرى اختياره بشفاعة من هذا الكيان ، أو تلك الكتلة .
ثمة اقتراح متواضع ، أسفحه على الورق ، عله يجد منفذا لتطبيقه :
ماذا لو جعلنا راتب النائب يعادل راتب موظف عادي ، أو راتب أستاذ جامعي ؟؟ ماذا لو جردنا النائب من امتيازاته المادية الخرافية ، المتعددة الأسماء والمسميات ؟ كتحجيم راتبه الحالي، وخفض نسبة راتبه التقاعدي ؟ وتقليص أو حذف رواتب طاقم حمايته ، ورفع مخصصات الخطورة ، واقتصار حمله لجوازه الدبلوماسي على مدة خدمته الفعلية .
ترى ،، هل سيكون الترشيح بهذه الكثافة والتكالب والضراوة؟
أغامر بجواب نفسي منطقي : لا .. لا..
عندئذ ، سيعرف المزيف من الحقيقي : الشبه من الذهب الخالص ، الفحمة من الماسة ،
عندئذ ، ستكون الساحة ملعبا ، لعمل وطني حقيقي , شبه تطوعي ، لمواطن يرشح وملء عينيه وطن ممزق يتوق لرتق شقوقه ، ملء صدره هموم مواطن تاق لتذوق العسل ، فبشم بباقات بصل ، مرشح لا يسعى لمنافع مجانية ، ولا تطلبا لوجاهة وأبهة فارغة ، ولا انتظارا لامتيازات خرافية ، لم تراوده حتى في الأحلام .
صدقوني .. لن يتقدم للترشيح إلا قلة قليلة من أهل العلم والنزاهة والتقى ، من علماء يرون التكسب من العلم والتعليم عيبا ومثلبة . من مثقفين باتوا على الطوى والفاقة ، الذين فضلوا شبع الذهن والقلب والضمير على ورم المحفظة وتخمة الرصيد ...
أدري ،، يقينا أدري ، أنني أصيح في واد وأنفخ في رماد ، وأنني أخرق المبدأ المتوطد في عالم مترجرج الانتماءات : فالعملة الرديئة –دائما – تطرد العملة الجيدة .