لو وضعت النقود في جرة لحركة أذنيها ، يقال هذا كناية عن أثر النقود في تغير النفوس والأحوال ولا أحد ينكر ذلك في زينة الحياة رقم واحد . وهذا شأنها منذ فجر التاريخ . وقد يكون هناك علاقة طردية بين زيادة المال وتسارع الفعالية في الغالب . إلا في حالة واحدة إما الزهد على المستوى الفردي أو الفشل في الأداء على مستوى الجماعة . فمشروعنا الاستثماري استعطى علينا رغم ثروتنا من خلال عودة مال كثير إلى الخزينة المركزية سنوياً والمخصص للاستثمار حصراً من الموازنة والمصروف منه تتقاذفه الأيدي الفاسدة وعمليات التأجيل والحذف والتلاعب والترحيل للعام الذي يليه.
وبما أن المشروع الاستثماري وكما نلمس من قوانينه وأهدافه فإنه يعبر عن نقلة نوعية لا نملك من مقوماتها سوى التخصيص المالي، ولهذا لم نفلح، وبذا يصبح الاستثناء وليس القاعدة حتى في التخصيص المالي فإنه يأتي بعد التشغيلية من حيث حجم التخصيص والمصرف . هذا مالياً .
وهذا الاستثناء يحتاج إلى أدوات استثنائية إضافة إلى المال الاستثنائي ، وأبرز استثناء يواكب المال هو الإدارة الكفوءة التي يكون همها الأول الاستثمار كما حصل في ماليزيا و تركيا . رغم جميع عوامل الفساد والإرهاب في تركيا مثلاً أو الفرقة بين مكونات الشعب في ماليزيا عنصرياً وطائفياً .
فالإرهاب وحدة لا يسقط دولاً إلا إذا استعمل وتم تأجيره أو التواطؤ معه من قبل الأطراف السياسية الداخلية . ولذلك تكون التنمية في هذه الحالة هي العلاج الوحيد وليس الحلول الأمنية والترقيعية والتوافقات العسيرة .
ولهذا يشكل هذا الاستعصاء نداء التاريخ بمكره وعمقه لينهض الرائد والبطل الذي يتشرف متحرراً من أدرانه المذهبية والعنصرية . فمثلاً تركيا المعاصرة كما في اتفاقها الأخير مع كردها كان جزءاً من عمل القيادة التاريخية لمواصلة زخم التنمية الذي أوصلها إلى أن تكون رقم ( 17 في الاقتصاد العالمي )، والتحرر من الأدران لا يتم بالإنشاء والشعارات وأنت في ازدواجية بين محدودية الانتماء الحزبي وسعة الانتماء الوطني الذي يرتفع في حالة العراق إلى مستوى الإنسانية لما لدينا من تنوع يثري ويعمق النشاط والإبداع .
ولو كان الإرهاب والفساد أو العمل المسلح المعادي مؤثراً لما نهضت تركيا رغم استعماله وتجنيده وتركيا ليست دولة نفطية أي مالها يأتي عن جهد جهيد وليس مجرد متلقي بركات وتراخيص . التي أوصلتنا الآن لأن نستورد تمر ومشتقات نفطية يبدو أنها ذات خطة بعيدة المدى كما في استيراد الغاز للمنظومة الكهربائية . فالقوانين المعرقلة للاستثمار والتي كانت و مازالت نافذة من العهد الشمولي كانت سبباً يحول دون العمل الاعتيادي وحتى التدحرج بحيث لا تتحرك آذان جرتنا وهذه القوانين تتراوح بين ستة آلاف إلى خمسة وعشرين ألفاً . أما التنفيذ فخير شاهد على سوئه رغم قلته تقارير هيئة الرقابة التي لا يلاويها صلف أو فاسد، فاستثمارنا علته ليست في التخصيص بل في أدواته البشرية أولاً . فمثلاً ما هي مصلحة ( الطائفي أو العنصري أو العشائري ) في تنمية يقال له نصيب متساوٍ منها مع أبسط خلق الله ؟ لماذا لا يأكل الآن عشرة عصافير خير من واحد طائر من شجرة الديمقراطية المقلوبة والتنمية المزعومة بخطة خمسية أو سنوية لربيع قد يأتي ولا يأتي . وهؤلاء الثلاثي يشكلون البيئة الحاضنة للقرار كأمر واقع بات يشكل بوضوح ساطع وعائق لجميع الإرادات الخيرة في قمة القرار . فلنبتكر طريقنا أو نقتدي بغيرنا .
انسداد استثماري
[post-views]
نشر في: 1 إبريل, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...