TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زمن علم دار.. وميماتي

زمن علم دار.. وميماتي

نشر في: 1 إبريل, 2013: 09:01 م

لم أتحمس يوما لمشاهدة مسلسل (وادي الذئاب) التركي ولم تجتذبني رجولة مراد علم دار أو إخلاص رفيقيه ميماتي وعبد الحي لأن نسبة سفك الدماء فيه دون حسيب أو رقيب تجعل المسلسل خارجا عن الواقع وصورة مشوهة للمجتمع التركي الذي لايحترم القانون وهو ماكان يحدث أيضا في أفلام المافيا القديمة فأظنها مبالغة سينمائية، ذلك أننا اعتدنا أن يصبح المواطن مجرما إذا ماقتل أحدا وتطارده السلطات ويحاكم كما اعتدنا أيضا أن يكون القتل حقا تمارسه الحكومات حصرا إذا ما(زعلت) على الشعب أو أرادت معاقبته، وعادة مايكون القتل إما بزج الرجال في حروب لاداع لها ويحسب المقتول فيها (شهيدا) –على سبيل الترضية وامتصاص النقمة – أو بدفن عدد كبير منهم في مقابر جماعية كعقوبة رادعة لمن يحاول التطاول على الحكومة أو إعدام البعض الذي يجرؤ على مخالفة خط السير الذي ترسمه الحكومة للشعب ويجب ألا يحيد عنه،وهنا يدفع أهل المعدوم ثمن الرصاصات التي قتل بها وتكتم الأمهات أو الزوجات نشيجهن أمام جثمان الابن أو الزوج لأنه (خائن) في نظر الحكومة ولا يستحق دمعة واحدة!
حين جاء زمن التغيير، تصورنا أن يتحول القتل إلى فعل يمارسه الخارجون على القانون فقط فيحاسبون اشد الحساب لأنهم يشكلون حجر عثرة في طريق بناء دولة ديمقراطية، لكنه تحول إلى مهنة يمارسها كل من يعاني من البطالة أو يؤمن بأفكارمتطرفة أو خارجية هدامة، وهكذا تساقط آلاف العراقيين تحت أقدام الطائفية المقيتة وأحداث العنف الدموي والتفجيرات التي تفرزها الأزمات السياسية المتواصلة..ورغم ذلك، وبعد أن تم لنا ما أردنا وغاب المحتل جسدا لاروحا وتم تسليم السلطة لنا واستمتعنا بتلويث أصابعنا بالحبر الأزرق وبخوضنا تجربة انتخابات حقيقية حتى لو كانت نتائجها محسومة مقدما وخاضعة لمحاصصات ومجاملات لاتخلو من استخدام (العين الحمراء) في الوصول إلى السلطة، صار لابد أن يعود القاتل مجرما يحاسبه القانون فيأمن المواطن بالتالي من أن يقتله مواطن مثله كما يتجنب القتل على يد السلطة إذا ماسار – جنب الحيط – كما يقول أشقاؤنا المصريون، لأن القتل دائما وكما عودتنا حكوماتنا هو حق مشروع للسلطة فقط..
أعتقد إذن أن مسلسل وادي الذئاب التركي بدا من نسج الخيال لأن تركيا في ظاهرها بلد مستقر أمنيا وخاضع لسلطة القضاء، وبالتالي لايمكننا أن نصدق ماتفعله العصابات فيها من استهتار بالقانون، أما لدينا فماتزال مسلسلات القتل الواقعية تحدث يوميا دون رادع قانوني والأغرب ألا تخجل السلطة وهي تسمي تلك المسلسلات بأسماء (مسلسل قتل الكفاءات) و(مسلسل قتل القضاة) و(مسلسل قتل الأطباء)ومسلسلات عديدة،آخرها مسلسل قتل المرشحين للانتخابات في قوائم بعينها..والأغرب من ذلك أن يتم القتل في وضح النهار وأمام أعين رجال السلطة من حرس وشرطة فلا يتدخلون في الحوادث إلا بعد حدوثها كرجال البوليس في الأفلام السينمائية ثم يتبخر القتلة مع مركباتهم دون أن يوقفهم (سونار) أو مفرزة...
يقودنا هذا المسلسل الجديد الذي تنتجه جهة مدعومة ماديا إلى التساؤل عن دور الحكومة في هذه المسلسلات، فهي إما أن تكون عاجزة تماما عن ردع المجرمين وطمأنة المواطن من شر أخيه المواطن أو أن عائدية هؤلاء القتلة هي للسلطة أصلا وإنها تقتل المواطن العراقي ليس (زعلا) منه أو (عقوبة) له بل (تصفية) لكل من يعترض طريقها حتى لو سار-تحت الحيط وليس جنبه لأن القتل مازال- كما يبدو- حقا مشروعا  للسلطة فقط -!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram