TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يعـزّ على جـدّك يا آدم

يعـزّ على جـدّك يا آدم

نشر في: 2 إبريل, 2013: 09:01 م

يوم الأحد الفائت حضرت، لأول مرة، سباقا بالقفز العالي شارك به حفيدي آدم. عندما بدأ السباق صعب علي الجلوس بفعل القلق فوقفت على قدمي في شرفة مرتفعة. كان هناك متسابق يكبره سنا ويزيد عليه بالطول كثيرا. والطول في سباق القفز العالي من أهم عوامل الفوز.

المتسابقون الآخرون خسروا عند ارتفاع 1.37م. وعندها تصرف المنافس الطويل بتحد طالبا أن يقفز 1.43م كي يمارس حربا نفسية ضد آدم. لم تنطل اللعبة على بطلنا الصغير وطلب ان ترفع عارضته، وفق نظام اللعبة، 3 سنتمترات فقط لتصبح 1.40م. وكان على آدم ان يجتازها كي يواصل المنافسة. قال لي بعد انتهاء اللعبة انه فكر أولا ان يتحداه أيضا، لكنه عاد وقرر ان لا يرفع العارضة فوق المعتاد حتى يُشعِر الآخر بأنه غير مهتم بحركاته. نجحت قفزة آدم في المحاولة الثانية. بعدها رُفِعت العارضة الى 1.43م. كان على اللاعب الآخر أن يبدأ أولا، بحسب قواعد اللعبة. فشل في المحاولة الأولى. ثم قفز آدم وفشل أيضا. فشل الآخر بالمحاولة الثانية. نطّ آدم بكل رشاقة وعبرها. ارتبك المنافس ولم يتمكن من اجتيازها في المحاولة الثالثة والأخيرة له. هنا أعلن الحكم فوز بطلنا. تقدم المذيع نحوه مهنئا وأجرى معه حوارا جميلا وسط تصفيق المتفرجين، وأخبره ان بطل بريطانيا بالقفز العالي دالتون جرانت كان يتابعه. التفت الناس، وانا معهم، واذا بالبطل يقف على المدرج الذي خلفي. نادى على آدم ليأخذ معه صورة تذكارية. صعد راكضا نحوه فحاوره جرانت شارحا له نقاط قوته وضعفه. قال له انه على ثقة بأنه سيكون بطل بريطانيا حين يكبر. استأذنه حفيدي ان يدعوني لالتقط صورة معهما. رحب البريطاني الأسمر بذلك. التقطنا الصورة ثم دار بيننا حوار حول العراق وما تعرض له هذا البلد العريق من خراب.

ودّعنا البطل فأمطرت آدم بالقبل والدموع. قلت له أتمنى ان يطول عمري، فقط من اجل ان أراه بطل بريطانيا. رد علي: لكني أتمنى ان أكون بطلا عراقيا. قالها وهو لم ير العراق أبدا. ثم سألني: أما وعدتني يا جدو بأنك ستفاتح الجهات الرسمية العراقية ليضيفوا اسمي مع لاعبي العراق؟ قلت له لقد فعلت وما زلت انتظر الرد. قلت ذلك حتى لا أخيّب أمله. أما الحقيقة فهي اني لم أتصل بأحد لأني أعرف النتيجة مسبقا. اكتفيت فقط بالكتابة عنه في صفحتي على الفيسبوك يوم نجح في تحطيم الرقم البريطاني القياسي لمن هم في مرحلته العمرية.

انزويت بعيدا لأقول له الحقيقة من دون ان يسمعني: يا بني، ان لدينا حكومة يرأسها من يضع أطفال العراق في آخر سلم اهتماماته إن كان له اهتمام بالناس أصلا. فهناك يا آدم من هم بعمرك، وأصغر منك، يستجدون من الصباح الى المساء وبلدهم من أغنى بلدان الدنيا. ينامون في بيوت من تنك ويلتقطون خبزتهم مما تمن عليهم به المزابل. أما أبناؤه وبناته وأحفاده فينعمون بمنطقة تسمى الخضراء، حيث لا حرّ ولا برد ولا مفخخات. يا ولدي، ان هناك أطفالا تُقطّع رؤوسهم وأيديهم وأقدامهم المفخخات، ودولة الرئيس لا يعتذر ولا يغادر كرسيه لأنه عجز عن حمايتهم .

نفثت ما في صدري من حسرات ثم دمدمت مع نفسي: يعزّ والله على اي جدّ ان تدعوه، يا أطفال العراق، فلا يجيبكم. وان يجيبكم فلا يغني عنكم شيئا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. المدقق

    لم نكد نتخلص من عقدك الميتافيزيقية حتى اتحفتنا بعقدك الدينية , وهذه المرة لم يسلم منك حتى السبط الحسين عليه السلام , فاستعرت مقولته وحورتها ثم نطقتها ,, وباي مناسبة ؟؟ انها في مناسبة فوز حفيدك البريطاني بلعبة القفز العالي ولم تنسى ان تعرج على الذي كان يسم

  2. الموج الهادر

    استاذ هاشم ....... ان شاء يطيل اعمارنا ونرى لحظه القفز العالي لاسوار المنطقه الخضراء المشؤمه ... للقضاء على تنابلتها ولصوصها ...

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram