TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من يترك الغيتو؟

من يترك الغيتو؟

نشر في: 3 إبريل, 2013: 09:01 م

كنتُ وما زلت، مثل كثيرين غيري، أعتقد بان الاحزاب الشمولية، وبخاصة الاسلامية (الشيعية والسنية سواء بسواء) والقومية، لا تصلح لحكم بلد كالعراق متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وربما لا تصلح لحكم أي بلد آخر أيضاً.

الحزب الاسلامي، وأي حزب يقوم على الدين، هو حزب طائفي بالضرورة. وفي البلدان الاسلامية قاطبة لا يوجد حزب اسلامي يتنوع أعضاؤه بتنوع طوائف الدين الاسلامي ومذاهبه. والحزب القومي عنصري بطبيعته، وفي العالم كله لا يوجد مثال واحد لحزب قومي تضم تنظيماته أعضاء من قوميات مختلفة.

عدم صلاحية الحزب الاسلامي والحزب القومي لحكم العراق هو ما جعل العراقيين العراقي يتحمسون لتبني النظام الديمقراطي البرلماني التعددي، فيتحدون المنظمات الارهابية ويزحفون تحت نثار الرصاص وشظايا المتفجرات نحو صناديق الاقتراع للاستفتاء على الدستور ومن ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات. وراء تلك الحماسة كان الادراك العام بان مشكلة الدولة العراقية تاريخياً هي ان هذه الدولة لم تكن في أي وقت ديمقراطية لتؤسس لأمة عراقية متعددة الأعراق والاديان والمذاهب ولهوية وطنية مستقرة ومتينة.

الغيتوية، وهي نظام منغلق، تتعارض بطبيعتها مع الديمقراطية التي هي نظام منفتح، وكل من الحزب الاسلامي، وأي حزب ديني، والحزب القومي نوع من الغيتو.

ما يفسّر كراهية رئيس الوزراء نوري المالكي للحضور أمام البرلمان لمراجعة أعماله انه ابن مؤسسة غيتوية، لا يتحمل فكرة ان يكون خاضعاً للحساب الا داخل حزبه وبسرية تامة. والا ما السيد المالكي قد عارض ورفض الدعوات المتكررة من مجلس النواب بالحضور اليه وتقديم كشف حساب بشأن ملفات مختلفة، وبخاصة الملف الأمني وملف الفساد المالي والاداري وملف الخدمات.

ما كان للسيد المالكي أن يكون رئيسا للحكومة لو لم يختره البرلمان المتشكل بعملية ديمقراطية (الانتخابات). ومن البديهي أن يكون رئيس حكومة من هذا النوع مسؤولاً أمام البرلمان الذي يستمد منه شرعيته، وملزماً بالمثول اليه كلما تطلب الأمر.

في البلدان الديمقراطية لا يبحث رؤساء الحكومات المعينون من البرلمان عن ذرائع وحجج شكلية للتهرب من المساءلة البرلمانية كما يفعل السيد المالكي. انهم يذعنون لطلب البرلمان بوصفه السلطة العليا التي تمثل الشعب، مصدر السلطات. بل ان من المعتاد ان يذهب رؤساء الحكومات الديمقراطية الى البرلمان حتى من دون طلب من الأخير عندما تواجه البلاد والحكومة مشكلة عويصة تتطلب مشاركة ممثلي الشعب في حلها، وما أكثر مشكلاتنا العويصة. أكثر من هذا انه في بعض الدول الديمقراطية ، كبريطانيا، هناك موعد دوري ثابت لمثول الحكومة ورئيسها أمام البرلمان والخضوع لمساءلة غالباً ما تكون شديدة للغاية لانها فرصة للمعارضة لمحاسبة الحكومة. لكن هذه الشدة لا تنسحب على أجواء العلاقات بين الطرفين بعد انفضاض جلسة البرلمان، ففي الديمقراطية لا يُفسد اختلاف الرأي للود قضية بين الحكومة والمعارضة.

يحتاج سياسيونا، وأولهم رئيس الوزراء، الى الكثير من التدريب والتأهيل ليكونوا ديمقراطيين، لكنهم قبل هذا يلزمهم أن يغادروا غيتواتهم. فهل يفعلون؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. كاطع جواد

    العملية الديمقراطية الوليدة في العراق ،هي ثقافة قبل ان تكون الية, فغياب الوعي الديمقراطي لدى النخب السياسية واعني قبول الاخر هو من جعل الإجراءات الديمقراطية تتعثر ومن ضمنها حضور رئيس السلطة التنفيذية امام السلطة التشريعية التي كلفته بهذا المنصب فالسيد ال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram