يبدو أن تسارع التطورات في المنطقة، دفع العاهل الأردني لعقد قمة مع الرئيس الأميركي، هي الثانية في غضون شهرين، حيث من المقرر أن يقوم بزيارة واشنطن أواخر الشهر الجاري، ليبحث مع أوباما التطورات الراهنة في الملفين السوري، حيث الوضع الإنساني المتفاقم نتيجة لتداعيات الأزمة ، والتأثيرات المباشرة لذلك على الأوضاع في الأردن، خصوصاً الاقتصادية، والفلسطيني، حيث يسعى الملك، كما يقول الإعلام الرسمي، لإقناع الإدارة الأميركية، بالانخراط جدياً في جهود التوصل لحل الدولتين ، كما أنها ستكون فرصة لإطلاع واشنطن على الخطوات الإصلاحية المتدرجة، التي يقودها الملك.
في تعبير عن رغبات النظام السوري، سرّبت دمشق معلومات عن زيارة قام بها الملك سراً، ليلتقي الرئيس السوري، ويبلغه أن عدو عمان ودمشق واحد، وهم التكفيريون والإخوان المسلمين، وانه مستمر بالتنــسيق الأمني مع النظام السوري، وكنتيجة للزيارة المزعومة، فإن الملك أبلغ ضيفه الأميركي، أنه سيظل حليفاً أساسياً لأميركا في المنطقة، لكنه لن يسمح بأن يطلب من الأردن السير بسياسات تتعارض مع سيادته واستقراره، وسيرفض استغلال وضعه الاقتصادي الصعب من قبل البعض، وابتزازه بإجراء مقايضة بين استمرار المساعدات التي يتلقاها، وبين فتح الحدود لتدفق المقاتلين التكفيريين إلى سوريا، وعدم استعداده لتحويل حدود الأردن منصة لانطلاق أعمال حربية ضد سوريا، وتمضي التسريبات إلى أن أوباما تلقف مخاوف الملك باهتمام وايجابية، ما دفعه إلى تكثيف مساعيه مع روسيا والصين للإسراع في التوصل إلى تسوية في الملف السوري، في ظل الأسد.
على أن هذه التسريبات، لم تمنع صحيفة "الثورة" السورية الرسمية، من كشف الواقع قائلةً، إن الأردن اقترب كثيراً من فوهة البركان، باعتماده سياسة الغموض المزدوج، مشيرةً إلى تزايد التسريبات الأميركية عن الدور الأردني، بشأن تعاون عمان مع واشنطن، في تدريب "الإرهابيين"، وتسهيل دخولهم إلى سوريا، وعن معسكرات التدريب الثابتة والمتنقلة داخل الأراضي الأردنية، ورفضت الصحيفة النفي الرسمي الأردني لكثير من التصريحات والمعلومات، وقالت إن محاولة إطفاء شرارة التسريبات لا تتيح له المضي في لعبة الغموض إلى النهاية، لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الأردني من التصريح بأن موقف عمان يتمثل بالمطالبة بوقف العنف، والوصول إلى حل سياسي، وبأن موقفه منسجم مع الغالبية العربية، الساعية لإقناع الأسد أن الحل السياسي يجب أن يدخل حيز التنفيذ الآن.
عن الدور الأردني في الملف الفلسطيني، وبسبب توقيع اتفاقية الوصاية الاردنية على القدس، والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، تثار الشكوك حول العودة لفكرة الكونفدرالية مع فلسطين، ورغم أن وزير الخارجية الاردني رفض هذا الربط، مؤكداً أن الاتفاقية تأكيد على شيء قائم وهو "الوصاية الهاشمية"، المتمثلة بشخص الملك عبد الله، كوريث للشريف حسين بن علي، الذي أعطيت له هذه الوصاية عام 1924، وأن الهدف من التوقيت الزمني لها، هو الحد من الإنتهاكات الإسرائيلية المستمرة على الأماكن المقدسة، فإن الشكوك تأخذ مداها، نظراً للخطوات اللاحقة للاتفاقية، وهي كلها تصب في خانة حل المسألة الفلسطينية، بالرجوع بشكل أو بآخر إلى ما كان سائداً قبل عام 1967.
المهم أن التطورات على صعيد الحرب في سوريا، وحشر الأسد في الزاوية، على وقع تقدم الثوار صوب عاصمته، والعمل على إنشاء منطقة عازلة عند حدود الأردن مع سوريا، إضافة لقناعة تبلورت بضرورة ولادة جديدة للعلاقة ما بين ضفتي الأردن، هي ما يدفع العاهل الأردني للسفر إلى واشنطن، في زيارة من المؤكد أنها ليست للترفيه، بقدر ما هي خطوة للدفاع عن النفس، وعن بقاء الدولة الأردنية، إن لم نقل توسيع حدودها.
قمة أردنية أميركية ثانية.. لماذا؟
[post-views]
نشر في: 7 إبريل, 2013: 09:01 م