لطفي حاتميدور بين آونة وأخرى سجال حول مشاركة أحزاب اليسار الاشتراكي في الانتخابات التشريعية في الدول العربية، ويثير السجال المحتدم حزمة من القضايا الإشكالية الفكرية والسياسية مثل ما هي طبيعة البنى الفكرية والتنظيمية لأحزاب اليسار الاشتراكي المشاركة في الحياة الانتخابية؟ وما هي طبيعة القوى الاجتماعية الحاملة لبرامج أحزاب اليسار الاشتراكي المشارك في العملية الانتخابية؟. وقبل هذا وذاك ما هي إمكانية أحزاب اليسار الاشتراكي على تطور البناء السياسي/ الاقتصادي الديمقراطي اللاحق لهذه البلدان.
قبل الحديث عن الشرعية الانتخابية في البلدان العربية ومشاركة أحزاب اليسار الاشتراكي فيها لابد لنا من تدقيق بعض المفاهيم التي أراها ضرورية لإثراء الحوار الجاري والمتمثلة بــالموضوعات التالية : ــ الموضوعة الأولى: ـ قبل البدء في المشاركة الانتخابية لابد من دراسة طبيعة المنظومة السياسية السائدة في البلدان العربية ما يعنيه ذلك من معرفة ـــ طبيعة نظامها السياسي، مضامين القوانين الداخلية الناظمة للانتخابات الوطنية، حدود حرية الأحزاب السياسية، مدى قدرة أبنيتها الفكرية/ التنظيمية التعبئة السياسية.الموضوعة الثانية: ـ بات ملحاً التفريق بين الشرعيتين الانتخابية (الشكلية) التي تتسم بها الأنظمة السلطوية والشرعية الديمقراطية، استناداً الى اختلاف مضامين كلا الشرعيتين حيث تتركز الشرعية الديمقراطية على أسس قانونية ودستورية ـــــ التداول السلمي للسلطة السياسية، فصل السلطات الثلاث، فصل الدين عن الدولة، ناهيك عن مبدأ المواطنة ـــ بينما تكمن فعالية الشرعية الانتخابية (الشكلية) في إضفاء شرعية (وطنية) بهدف مواصلة احتكار السلطة.الموضوعة الثالثة: ـ عند الحديث عن الدولة العراقية ومنظومتها السياسية يجدر بنا التوقف عند بنائها السياسي الراهن المتسم بــ:ـــ1ـ تواصل المحاصصة الحزبية/ الطائفية بين الكتل السياسية النافذة وما نتج عنها من تنامي بناء طائفي/ عرقي للدولة العراقية ونظامها السياسي . 2ـ كثرة الأحزاب والتجمعات الصغيرة الفاقدة لحواملها الاجتماعية والمرتكزة على رؤى سياسية وأخرى أيديولوجية فضلا عن امتداداتها الخارجية .3ـ تواصل الاحتلال الامريكي للعراق بمعاهدات دولية تفتقر إلى المساواة والتكافؤ وما أفرزه ذلك من تزايد التأثيرات الخارجية على بناء الدولة ومؤسساتها العسكرية الأمنية.4ـ الوصايا الدولية على الاقتصاد العراقي وخضوعه لوصفات المؤسسات المالية الدولية والشركات الاحتكارية الامر الذي أفضى الى اعتماد السوق الحرة والاستثمارات الأجنبية المفتوحة.5ـ عدم اكتمال البناء الاجتماعي للتشكيلة العراقية وضعف طبقاتها الاجتماعية بسبب التبدلات السياسية وتأثيراتها المباشرة على نمو وانحلال الشرائح الاجتماعية ، خاصة بعد الاحتلال الأمريكي وما أفرزه من حراك اجتماعي متواصل تميز بتحطيم فئات اجتماعية ونهوض قوى طبقية جديدة.6ـ رغم هامشية وإقصاء كثرة من الفئات الاجتماعية عن الحياة الاقتصادية إلا أن سلطة الدولة وأحزابها السياسية المتنفذة تقوم بأدوار مهمة في إعادة تشكيل كثرة من الشرائح الطبقية الجديدة من خلال المشاريع الاقتصادية التي دأبت السلطة السياسية على تقديمها لأحزابها السياسية.على أساس تلك السمات لابد لنا من دراسة كيفية تحول حزب اليسار الاشتراكي الى حزب انتخابي قادر على خوض المنافسة الانتخابية بفعالية وطنية/ ديمقراطية عبر متابعة المفاصل التالية: ـ المفصل الاول: الجانب النظري انتقال أحزاب اليسار الاشتراكي من الشرعية الثورية الى الشرعية الانتخابية يتطلب بناء رؤية فكرية جديدة تشترط التخلي عن حزمة من المنطلقات النظرية منها: ــ ــ التخلي عن الإرث النظري للأممية الثالثة وثوابتها النظرية التي شكلت حاضنة فكرية لنشاط أحزاب اليسار الاشتراكي مثل ــ الطريق الثوري لتسلّم السلطة السياسية/ بناء سلطة الحزب الواحد/ اعتماد نموذج الدولة الاشتراكية/ ملكية الدولة العامة واقتصادها الأوامري... الخ ـــ من الموضوعات الفكرية/ السياسية الساندة لنشاطها السياسي المعتمد في حقبة المعسكرين.ــ تبني الشرعية الديمقراطية للحكم بالتداول السلمي للسلطة السياسية والعمل على تسلمها من خلال الشرعية الانتخابية.ــ القبول بعلاقات الإنتاج الرأسمالية والعمل ضمن إطار السوق الرأسمالي، الأمر الذي يعني بناء نظام اقتصادي/ سياسي يتطور ضمن البنية الاقتصادية الرأسمالية لا تمس مصالح القطاع الخاص والمصالح الدولية.المفصل الثاني: البنية التنظيمية إن نجاح أحزاب اليسار الانتخابي في المشاركة الديمقراطية وتحولها الى كتلة شعبية انتخابية يشترط تكييف بنيتها التنظيمية بهدف تطوير قاعدتها الاجتماعية الأمر الذي يعني اعتماد آليات ديمقراطية تستند الى: ــ ــ إشاعة الديمقراطية الداخلية في المؤسسة الحزبية عند مناقشة المفاصل الأساسية لنهوج الأحزاب اليسارية ــ إشراك القاعدة الاجتماعية والقوى الديمقراطية في مناقشة التوجهات السياسية قبل اعتمادها كبرامج سياسية لأحزاب اليسار الانتخابي.ــــ بناء النهوج السياسية على رؤية معللة فكرياً من أحداث العصر لغرض اعتماد هوية يسارية ديمقراطية واضحة المعالم ساندة لتوجهاتها ــ الأحزاب ــ السياسية/ الاجتماعية.ــ تبني المشاريع الاقتصادية/ الاجتماعية المنبثقة من مصالح القاعدة الاجتماعية الفعلية ودراسة إمكانية تحقيقها قبل اعتمادها كبرامج سياسية. المفصل الثالث ـ القاعدة الاجتماعية لحزب اليسار الانتخابيقبل تناولنا لهذا المفصل ا
موضوعات حول حزب اليسار الانتخابي
نشر في: 26 سبتمبر, 2009: 05:59 م