TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اغلاق ملف الاجتثاث وأخطاء "المخرج"

اغلاق ملف الاجتثاث وأخطاء "المخرج"

نشر في: 9 إبريل, 2013: 09:01 م

معه كنا او عليه، فإن الموضوع لا يتعلق بالعواطف. لقد اصبح موضوع الاجتثاث عائقا امام السلم الاهلي. ولازلت اتذكر مقالين كتبهما اثنان من ابرز اولاد المراجع الشيعة هما من اهم المواقف في هذا المجال.
قبل ٣ اعوام كتب السيد جعفر محمد باقر الصدر، الذي مرت امس ذكرى رحيل والده كقائد عراقي نبيل جاهر برفضه لنهج صدام حسين وتعرض لابشع جريمة... جعفر كتب ان والده وعمته الشهيدة بنت الهدى، قدما حياتهما من اجل مستقبل مستقر مليء بالسلام لشابات وشباب العراق. واذا كان ثمن السلام هو العفو عن قادة النظام السابق مثل سلطان هاشم وطارق عزيز، فان جعفر وأسرته لا يترددون في قبول اي خطوة تعزز السلام.
وبالتزامن مع جعفر، كتب حيدر عبد المجيد الخوئي سليل الاسرة المعروفة، كلاما مشابها، ذكر فيه ان ارواح الشهداء ستظل تشعر بالالم طالما ظل العراق يتناحر ويتخاصم بسيل من الدم والكلمات الموجعة، دون ان يتفرغ لمتطلبات استقراره. كان هذا عام ٢٠١٠.
مواقف المجلس الاعلى والتيار الصدري واحمد الجلبي وقادة شيعة بارزين، بل والمرجعية نفسها، كانت تصر على الانصات لمطالب المتظاهرين في المنطقة الغربية عام ٢٠١٣. وقد تحدث الصدر بوضوح انه ليس مع إلغاء كامل للاجتثاث، لكنه مع تعديل كبير يرفع الظلم ويهدئ النفوس.
لقد تكونت فرصة فهم طيبة سياسيا، للانتهاء من هذا الجدل الذي يعقد السلام الاهلي بين شيعة البلاد وسنتها. لكن لا احد استثمر هذه الفرصة بشكل مناسب.
فأولا بقينا نضيع في الشعارات لا المعلومات، فريق يصرخ بأنه مظلوم بالاجتثاث، وفريق يقول انه لا يريد عودة الظالمين الذين جرى اجتثاثهم، الى السلطة.
لكن لا البرلمان ولا الحكومة ولا القضاء، ولا مراكز القوى المعارضة والمؤيدة، حاولوا ان يقدموا لنا دراسة وافية تفرش قاعدة بيانات عن عدد ونوع المشمولين بالاجتثاث، والاثار الاجتماعية والسياسية المترتبة عليه. كي نتمكن من فهم جيد لظلامة المظلوم، ومخاوف المعترض. بقينا عالقين في عموميات اتهامية من الطرفين.
وثانيا فإن التوقيتات جاءت مشوهة. فقبيل الانتخابات باسبوعين، سيتعرض كل حزب شيعي لاحراج كبير امام خصومه لو اراد تعديل موقفه من ملف خطير شعبيا كالاجتثاث، سيتيح للاخرين استغلاله ضده. وقد كان ممكنا فتح نقاش جدي حول الموضوع غداة اندلاع التظاهرات، الا ان السلطان صار يرمي المحتجين بالنعوت "الفقاعية" قبل ان يجد نفسه امام خيار رهيب بالرضوخ لمطلب جمهور عنيد لم يعد الى المنزل منذ ١٠٠ يوم او اكثر ومصمم على التظاهر بقوة.
بعد كل ما جرى يسأل كثيرون: ما قيمة موافقة المالكي على الغاء تاريخي لملف الاجتثاث بعد ان خربت سياسته كل العلاقات الوطنية؟ وهل بقي المالكي صالحا لاتخاذ قرار كهذا؟
لقد سبق له بمناسبة قرار كبير كالانسحاب الامريكي، ان اتخذ اجراء ايجابيا حين اشرك كل الكتل السياسية بمناقشات رفيعة قبل ان يحزم امره. لكنه منذ ذلك اليوم عاد يتصرف يمفرده دون اشراك الاخرين.
ان جزءا كبيرا من اعتراضات الشيعة واعتراضات غيرهم على اقفال ملف الاجتثاث نهائيا، ليس سببه عدم رغبتهم بالتخلص من هذا العبء السياسي، بل لطريقة المالكي في صناعة السياسات. كأنه يريد الفراغ سريعا من قضية تاريخية خطيرة ويلقيها "براس البرلمان" ويخلص من مسؤوليتها. بينما تحرص اي قيادة مسؤولة على اشراك كل مراكز القوى في صناعة موقف حساس كهذا، لضمان ان يكون قرارا للامة كلها واعلانا وطنيا للتصالح، لا مجرد ملف عادي يناقشه المالكي مع نفسه ويمنح شرف اعلانه للدكتور صالح المطلك الذي صار يعاني هو الاخر من عزلة محزنة.. سلبت منه فرح ان يحتفل باعلان التطور المفاجئ في ملف الاجتثاث، وجعلته كمن يزف خبرا كبيرا دون ان يصفق له احد. ان الخطأ العراقي يحصل دوما في شكل الاخراج.
لم يعد احد يقبل عودة الصداميين الى الحكم، والاهم ان لا احد يمكنه ان يصدق امكانية ذلك، الا حين يريد السلطان الضحك علينا، وهو الذي تحيطه مظاهر "صدامية" بامتياز.
اذن فالامر حساس ولم يعد وقت لتأجيل مناقشته. لن يحله تبادل اللعنات بين المالكي وخصومه. وهو ملف محاط بانعدام ثقة رهيب. المطلوب طرح القضية لنقاش صريح جدا، نستعيد فيه اهمية ان نبدأ العقد الثاني بعد صدام بتفاهمات متماسكة. لا يوجد عراقي راغب في احياء الذكرى العشرين لسقوط صدام حسين، وسط نقاشات مشابهة، ستشغل الامة وتشاغلها عن حياتنا المخربة بأخطاء "المخرجين".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. المدقق

    بس اريد اعرف انتو من يا ملة ؟؟ كل شي يسويه المالكي تعترضون عليه .. رفض قرار الاجتثاث ما رضيتو .. قبله هم ما رضيتو .. متكلولي انتو شتردون والله حيرتو الرجال .. جوزوا عاد من هالخرابيط وروحو شوفولكم قصة ثانية وجلبو بيها .. ويطبة مرض الما يحب المالكي

  2. المهندس حيدرهاشم

    تحياتي لكل الأحرارومحبي السلم الأهلي : أن كل ما جرى ويجري في العراق هو من تخطيط ونع البعثيين وأسيادهم خارج الحدود , وأن البعث لم يجتث ولكنه يزاحم ويصارع لأتخاذ دلمبادر في أعادة ...*( جولة المقابر الجماعية , والحروب العبثية , وتحطيم ما تبقى من صمود الشعب

  3. علاء البياتي

    أليس المالكي اليوم في تصرفاته اكبر صدامي بعثي؟؟

  4. علي الموسوي

    حاولت أن أحزرمن يكن هذا المدقق في زمن فيه الصحافة تدعى حرة مقارنة بزمن المقبور صدام حيث كان المدقق حين ذاك احد رجال الأمن الغير أُمي . فمن هو المدقق إذن ؟ إذ لم يكن رجل الأمن ذاك . في الحقيقة أن المددق لم يدم لغزل لي فقد خلصني منه صديقي المتدين المتنور ا

  5. المحارب

    هاي صار عشر سنين واحنة نفس القوانة يعني بهاي العشر سنين ماكو ناس اسوء من صدام قتلت الله العالم بعدد الي قتلهم هدام لعنة الله على الي بعلق اللوم على الحقبة السابقة ومايفكر بهاي الايام السودة على الاقل الحقبه السابفه فيها الامن والامان

  6. احمد

    من المؤسف الى اين وصلت طريقه تفكيرك وتمسكك بشتم لمالكي اونت تكون ضده مهما فعل ومهوس بكل مايفعل المالكي اكثر من مالكي نفسه اعتقد انت مريض بداء حساسيه المالكي المزمنه واين اصبح صوتك الاعتدال وتقيمك الى الواقع والنضرة الاوسع الى كل العراقين والمصالحهم ومستقب

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram