TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معادلة كيري البائسة

معادلة كيري البائسة

نشر في: 9 إبريل, 2013: 09:01 م

فتح الله على وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فأعلن بعد جولات مكوكية في المنطقة، أنه من خلال تلبية الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، وهي حقيقية، وتطلعات الفلسطينيين إلى دولة، وهي حقيقية، عندها سيكون الوصول إلى وضع يكون من الممكن فيه إقامة السلام، وهو هنا يقفز على حقيقة الموقف المتصلب لنتنياهو، الرافض للطلب الفلسطيني بأن تقدم إسرائيل تصورها حول الحدود النهائية، بينها وبين الدولة الفلسطينية العتيدة قبل استئناف المفاوضات، ولعله اختار بديلاً لذلك، ما لمحت إليه الوزيرة تسيبي ليفني، المكلفة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، عن احتمال تخلي إسرائيل عن شرط اعتراف الفلسطينيين بها دولة يهودية، بعدما أيقنت أن هذا الشرط يمنع استئناف المفاوضات.
كيري، الذي انتهز فرصة وجوده في الأراضي المحتلة، ليشارك المسؤولين الإسرائيليين في مراسيم إحياء ذكرى ضحايا المحرقة، يتجاهل بالكامل قضية الاستيطان، وهي حجر العثرة الرئيس في استئناف العملية التفاوضية، وتطرح السؤال عن تأثيرها على التوصل إلى حل، حجر الأساس فيه إنهاء الاحتلال، والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، وكأن المطلوب أميركياً الدخول في مفاوضات عقيمة، بدل التركيز على القضية المركزية المتمثلة بإنهاء الاحتلال، وكل المواضيع المرتبطة به، بما في ذلك وقف الاستيطان، والتخلص من المستوطنات المقامة بعد حرب 67.
لن يكون مجدياً زيارة وفد عربي طويل عريض إلى واشنطن، بهدف تحريك ليس العملية التفاوضية العقيمة، وإنما وضع حد لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ما دامت الإدارة الأميركية تؤكد أن "أمن إسرائيل" أولوية عندها، تهون مقابلها كل المعضلات، وهي تتجاهل أن قمة عربية تقدمت بمبادرة سلام، تضمن اعتراف الدول العربية، وفوقها الإسلامية، بالدولة العبرية، وتتجاهل أن الشريك الفلسطيني على استعداد لبذل كل جهد ممكن ومتاح، بالتعاون مع الإسرائيليين وسواهم، لضمان الأمن، ليس لإسرائيل وحدها، وإنما لكل دول المنطقة، التي يتأثر أمنها بالمعضلة الفلسطينية، طالما استمر الاحتلال.
ليس معروفاً إن كان الوزير الأميركي يدرك أن الإسرائيليين واثقون أن زيارته لن تحدث اختراقاً في المفاوضات، وأن الخطوات التي نجح في جرّ الطرفين إليها، كتخفيف قيود الاحتلال في الضفة، ووقف النشاطات الفلسطينية في الأمم المتحدة، ومحاولته إقناع نتنياهو بتجميد الاستيطان، دون إعلان رسمي، وأيضاً التعهد بالإفراج عن الأسرى، دون أن يكون ذلك كله شرطا مسبقا لاستئناف المفاوضات، لن تؤثر إيجاباً في الموقف المتعنت لنتنياهو، والمتمثل بضرورة خضوع الجانب الفلسطيني، ومن بعده العربي، لرؤيته لمآلات الصراع، وهي أن الدولة الفلسطينية لن تقوم، وأن أقصى ما سيقدمه من "تنازلات" هو إدارة فلسطينية للمناطق المحتلة، بوصاية إسرائيلية مكتملة الأركان.
الأمن الإسرائيلي المطلوب، لن يكتمل عند نتنياهو، بغير استمرار الاحتلال، وهو يرفض استبدال قواته في الضفة بقوات أمن فلسطينية متعاونة، أو حتّى دولية، وأن كل تسوية دائمة مع الفلسطينيين يجب أن تنطوي على ترتيبات أمن متشددة للغاية، أي استمرار تواجد قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، لأن مصير الاتفاقات التي يوقع عليها من دون أن يكون في أيدي إسرائيل سيف حاد هو أن تصبح ورقة عديمة القيمة، وهو مستعد في المقابل لأن ينسحب إلى الكتل الاستيطانية، مع البقاء عسكرياً، ولأمد طويل في غور الأردن،، على أن يتم التوقف عن بحث وضع القدس، وتلك عقبات على كيري إدراك أنها لن تسمح بالعودة إلى التفاوض، فكيف بإنهاء الاحتلال ؟!
معادلة كيري البائسة لن تقود إلى التفاوض، إلا إن كان الفلسطينيون والعرب مستعدين للبحث عن وطن بديل، والاعتراف بيهودية إسرائيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram