أستعد خلال هذين اليومين لتسجيل حلقة تلفزيونية مع رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وخلال الإعداد للحلقة أثيرت لدي خلال التحضير الكثير من المخاوف، التي تتعلق بكفاية الإجراءات المتعلقة بإجراء انتخابات سليمة، وعندما اتصلت بخبراء وسياسيين لاستطلاع آرائهم عن الموضوع وجدت أنهم يؤكدون هذه المخاوف ولا يعرفون ماذا ستفعل المفوضية لطمأنتها..من أهم هذه المخاوف تلك التي تتعلق بالتصويت السري، فالخبراء يقولون إن المعايير الدولية تفرض أن تكون الفترة الزمنية الفاصلة بين التصويت السري والتصويت العام 48 ساعة، من أجل أن لا يتمكن أفراد القوى الأمنية من التصويت مرتين، فعلى الأقل سيمنعهم الحبر السري الذي يمكنه أن يقاوم لـ 48 ساعة، لكن من يضمن مقاومته لفترة أسبوع؟من جهة أخرى كان تصويت قوى الأمن بالانتخابات السابقة يجري في مراكز اقتراع مخصصة لهم خارج وحداتهم العسكرية، في هذه الانتخابات سيجري التصويت في داخل وحداتهم العسكرية، ما يعرضهم لضغط سياسي قد يفرّغ تصويتهم من سريته. وفوق ذلك كان لدينا في الانتخابات السابقة وزيرا داخلية ودفاع، الأمر الذي يوزع الضغط على قوى أمن على أكثر من جهة سياسية، في هذه الانتخابات ليس هناك سوى القائد العام للقوات المسلحة، فما الضمانات التي تقدمها المفوضية لحماية أفراد قوى الأمن من التأثير على خياراتهم الانتخابية؟!أما في ما يتعلق بالتصويت العام فهناك الكثير من المخاوف التي لا يتسع لها فضاء عمود صحفي واحد، لكن سأذكر منها المخاوف التي تحدث عنها خبراء، ومنها، مثلاً، أن المفوضية السابقة ومع أنها حدَّثت السجل الانتخابي بوقت قريب على إجراء الانتخابات، إلا أنها حاولت تسيير فرق جوالة لتعريف الناخبين على أماكن تصويتهم، ومع ذلك فشل الكثير من المصوتين بالعثور على أسمائهم، في هذه الانتخابات لم يتم تحديث السجل، ولم تتخذ إجراءات لضمان عثور الناخبين على أسمائهم، باعتبار أن الكثير من الناخبين لا يتأكدون من المراكز التي تحتوي أسماءهم بل سيذهبون مباشرة إلى المراكز التي صوتوا عليها في الانتخابات السابقة، لكن تغييرات كثيرة حصلت منذ تلك الانتخابات، الأمر الذي يهدد بفقدان الكثير من الناخبين حقهم بالتصويت، ويجعلنا أمام مخاوف من أن تقع المفوضية تحت ضغوط كبيرة تضطرها لفتح سجل الناخبين، فتفتح باباً للتزوير لا يمكن إغلاقه.