TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يخفيه المالكي عنا ويعرضه لكيري

يخفيه المالكي عنا ويعرضه لكيري

نشر في: 13 إبريل, 2013: 07:01 م

 لقاؤه كان يشبه مقاله في واشنطن بوست. خالياً من تصور واضح، وبعيداً عن الواقع، ومليئاً بالتظاهر بالقوة، ومحاولة إخفاء اليأس. لم يكن لقاء رئيس الحكومة على قناة العراقية، حاملاً لأي إشارة تصالح مع الشركاء، لا في توقيته، ولا في المحطة التي تبثه، ولا في مضامينه.
إصرار القناة والمالكي على بث لقاء خاص ليلة تصويت الجيش والشرطة في الانتخابات المحلية، هو بحد ذاته أمر بلا أي لون تصالحي مع الشركاء.
واتساقاً مع هذا الإصرار على رفض التصالح، جاء مضمون كلام زعيم ائتلاف "العزم والبناء" رافضاً إرسال أي إشارة احترام لشركائه. فالبرلمان مجرد تجمع للمدانين والمتهمين والمجرمين الذين يضطر سيادته للسكوت عليهم حفاظاً على العملية السياسية.
إنه وحسب كلامه، لم يستجب لدعوة البرلمان ورفض أن يذهب لمجلس النواب، لا انشغالاً مع الوفد الكوري كما قال مستشاروه قبل أسبوعين، بل هو يرفض الذهاب للبرلمان "رحمة" بالنواب أنفسهم. قال: لو ذهبت لكشفت ملفات نواب كثيرين ولتحول السجال إلى معركة بالأيدي و"البوكسات".
وهو كرجل اعتاد الحديث عن "الملفات السرية" لا يجد حرجاً في القول إنه يمتلك الكثير منها. بل يبرر صمته باللجوء إلى سيرة أحفاد النبي محمد وأئمة المسلمين الذين "سكتوا حماية للأمة". وليت سلطان هذه الأيام كان صادقا في إعجابه بقاعدة "الصمت حمايةً لمصلحة الأمة"، ولم يقم بتطبيق هذا المبدأ بتلك الانتقائية التي أطاحت كل جهود العمل المشترك بين مكونات البلاد.
وفي الحقيقة فإن السيد المالكي يتظاهر بدرجة زائدة جدا من الثقة والقوة، ولا يشعر بأنه يحتاج للعمل مع فريق. وإلا لأدرك أن مصلحة الأمة التي تطلبت من أحفاد النبي أن يصمتوا، هي مصلحة تتطلب أيضا الإسراع  بالحوار الودي مع كل أبناء البلاد، ووقف الكلام المنفر الذي يفرق الناس، وتجنب السياسات "المشعانية" التي تجعل الأمم تسخر منا.
لقاء قناة العراقية كان مليئا بالتظاهر بالاستعداد للذهاب نحو أبعد مجالات الخصومة. المالكي تحدث بوصفه مركزا ومحورا لا بديل له في العراق. وظل يفترض أن وجوده يمنع العراق من التمزق. بينما العكس هو الصحيح، فوجوده منذ سنوات صار عاملا للتمزق، كما انه لم يعد محورا ولا مركزا تدور حوله الأحداث، بقدر ما صار معزولا وشبه وحيد لا أمل له بالبقاء في منصبه سوى بأن يجعل الناس يشعرون بالخوف، وبأنه هو الوحيد القادر على حمايتهم من أسباب الهلع والذعر.
رسالته لأميركا كمقال نشرته واشنطن بوست، حاولت بلا جدوى أن تبدد الانطباع السيئ الذي صنعته الصحافة الأميركية عن المالكي طيلة الشهر الماضي. الإعلام الأميركي أدرك أن سلطان العراق استخدم ثقة واشنطن لتفريق الناس عنه وتشتيت الشراكة الوطنية. ولذلك راح يكتب مقالا يائسا حظي بتحرير إنكليزي جيد من قبل شركة علاقات عامة كبيرة، لكن هذا التحرير الأسلوبي لم يستطع إخفاء يأس المالكي.
كانت أميركا تنتظر من المالكي أن يقول لها: استخدمت ثقة المجتمع الدولي في لمّ شمل العراقيين، وتوطيد أسس التفاهم والتعايش. لكنه راح يقول لأميركا إن عليها أن تظل تدعمه لأن خصومه الذين عارضوا سياساته "مجرد لصوص وكذابين ومجرمين"، والمعلومات تشير إلى أن ٤٠ دقيقة من لقائه بجون كيري، كانت مكرسة لفيديوهات ووثائق عرضها المالكي على ضيفه الأميركي الذي جاء لتقريعه ولومه. لقد أخفى المالكي "الملفات" عن البرلمان والشعب. لكنه كشفها لكيري كما يقول الثقاة. الثقاة أنفسهم ينقلون أن مضمون "الملفات" لم يكن مقنعا. لأنه ببساطة يشبه تلك الأقراص والاعترافات والمزاعم التي عرضها علينا مرارا طيب الذكر السيد قاسم عطا، ولم تلق أي استجابة مقنعة.
المالكي يائس، لأن الشعب ملّ من سماع تهديده. وملّ من معاركه التي لا تنتهي. وملّ من عجزه عن "العزم والبناء". ويائس لأن أميركا ترفض تصديقه. وتطلب منه أن يستخدم دعمها، لاستعادة ثقة العراقيين بقيادته. وأن يأتي لواشنطن حاملا دعم القادة العراقيين. إن أميركا تطلب منه المستحيل، لأنه وفريقه يحملان اختصاصا واحدا هو تدمير التفاهمات وتضييع الفرص. ولذلك، لم يحمل لقاؤه الأخير، ومقاله الأخير، إلا يأساً من التصالح، وتهديداً بمعارك طويلة.
إن المالكي سيظل شهوراً، التحدي الأكبر أمام أنصار الدولة ضد الفرد، والتعدد السياسي ضد أحلام الزعامة الواحدية. وموسم الانتخابات الذي لن يتوقف قبل ربيع ٢٠١٤ يختزن أكبر المفاجآت، وليس "مشعان" سوى بداية هزيلة للرسائل و"المقالات" اليائسة.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 10

  1. المالكي

    ان هجومكم على تاج الراس ابو اسراء هو محاولة يائسة منكم لتجميل ولم شمل القوائم والكتل التي دمرها المالكي بحنكته وبراعته وان هذا الفعل جعلكم لا تعرفون ماذا تفعلون وقد اصابكم في مقتل .. ان تطاولكم وتهجمكم على الجبل الشامخ لن يزيده الا اصرارا على تدميركم وفضح

  2. خلف الجبوري

    ثقتنا بالعراق واهله تتعز يوما بعد يوم كنت مسؤولا عن تأمين الحمايه ل 52 مركز انتخابي في عام 2005 للاستفتاء على الدستور وانتخابات مجلس النواب في الساحل الايسرمن مدينة الموصل وقدبذلنا جهدا غير عادي في ذلك ابهر المحتلين وبعدان تمت العمليه دون اي حادث يذكر زار

  3. أحمد هاشم الحسيني

    المالكي شريك للمجرمين في كل ملف يخفيه عن قضائه الذي يشهد له بالنزاهة أو عن البرلمان وهو واحدة من أعمدة العملية السياسية التي تباكى عليها المالكي وحكاية الملفات حكاية دنيئة تمثل عقلية عصابات المافيات لا تفكير رجل الدولة لأنها تعني تتفقون معي فأستر عليكم أو

  4. انور الجابري

    أحسنت استاذ سرمد مقال رائع جداً ..

  5. فادي أنس

    يتباهى صاحب التعليق رقم (1) بأن المالكي أستطاع تحطيم كل الكتل المنافسه وأنا أقول بأن المالكي شيطان لاينفك عن التفكير بكل وسيله ممكنه للأيقاع بشركائه وخصومه أيظا ولكن هذا المالكي يتصور بأنه مخلد وأن يوم سقوطه بعيد أن لم يكن مستحيلا ونحن نقول بأنه قريب بأذن

  6. سرية ابا مصطفى (الصدر الشهيد)

    التوفيق لك اخينا سرمد

  7. طنطل عراقي

    حرصه على العمليه السياسيه والساده النواب لا يضر دوله السلطان الى مجلس النواب..؟؟؟؟هل هذا كلام مسؤول يصدر من شخص مسؤول ..نعلم ان الدم العراقي رخيص تاره يهدر دفاعا عن البوابه الشرقيه وتاره اخرى دفاعا عن نزوات قائد ارعن واليوم يهدر لارضاء حفنه من اراذل القوم

  8. فادي أنس

    يتباهى صاحب التعليق رقم (1) بأن المالكي أستطاع تحطيم كل الكتل المنافسه وأنا أقول بأن المالكي شيطان لاينفك عن التفكير بكل وسيله ممكنه للأيقاع بشركائه وخصومه أيظا ولكن هذا المالكي يتصور بأنه مخلد وأن يوم سقوطه بعيد أن لم يكن مستحيلا ونحن نقول بأنه قريب بأذن

  9. ابو عمار

    تعليقي على الاخ الاول بالتعليقات المالكي وجهت نظرك ورايك محترم وانت حر بما تقول وتكتب ولكن لنلتزم بالاحترام بيننا رغم اختلاف وجهات النظر ولا يجوز ان تذكر يضرب راسه بالحائط ويطبه مرض اللي ما يحب المالكي ولتكن كتاباتنا مهذبه وشكرا لك ولكل عراقي يبين رايه بش

  10. صفاء

    سوف نرى من سيفوز والاوراق اصدق خبرا من قلمك ياسرمد هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram