الثلاثاء، 22 إبريل 2025

℃ 32
الرئيسية > أعمدة واراء > أساطير بيضاء 2 تهجين الثقافة لدى هومي بابا و نسوية غايتري سبيفاك

أساطير بيضاء 2 تهجين الثقافة لدى هومي بابا و نسوية غايتري سبيفاك

نشر في: 13 إبريل, 2013: 09:01 م

 يطرح هومي بابا  الأكاديمي الهندي أستاذ الأدب الأميركي والبريطاني في جامعة هارفرد  -مفهوم "التهجين" لتفسير نشوء أشكال ثقافية جديدة في عالم التعدد الثقافي ما بعد الكولونيالية  ويقول: (اذا كان ينظر الى القوة الكولونيالية على إنها إنتاج  التهجين، فهي تمكّن شكلا  من أشكال التقويض،يحول الظروف الخطابية الخاصة بالهيمنة  الى أسس وقواعد  للتدخل،  بمعنى إن  الظروف الخطابية للكولونيالية لا تقوض  أشكال السلطة الكولونيالية بل  تساعد المقاومة  المحلية وتمكنها  على نحو فعال، ويحدد  في طروحاته  فكرة الاختلاف الثقافي من وجهة نظر الأقلية وبهذا يغير من  طريقة استخدامنا  لمصطلحات بعينها  مثل (التعددية الثقافية) و(التنوع الثقافي)  و(تعدد الهويات) فيقول بأن الهجنة  والاختلاف الثقافي  يعمل على شق مفهوم الهوية  ويجعلها ضربا من التقاطع والتفاوض بين معطيات متناقضة..
  يمكننا هنا إيراد مقولة (جون ستيوارت مل) من  ان الكولونيالية الاستبدادية تتوافق  مع الديمقراطية البريطانية للتدليل على تناقض الخطاب الكولونيالي،  ويرى هومي  ان هذا التناقض  بين الديمقراطية والاستبداد  شرط  من شروط  خطاب الديمقراطية الغربية التي تقدم مصالحها الاستعمارية على  فكرة الديمقراطية، ويذكر في كتابه (التمدن الماكر)  تناقض  الخطاب الكولونيالي  وازدواجيته  ممثلا   في قول  (ماكولي)  " فلتكن أبا  الشعب وقامعه ، ولتكن عادلا وظالما ومعتدلا وجشعا "
يعنى   هومي بابا  بموضوع المهاجر  والأقليات   في المنظر  ما بعد الكولونيالي فيرى ان  مجمل تواريخ الاستعمار  والاستعباد  والاستغلال والتمييز الجنسي  و الاضطهاد  و التراتب الطبقي   لا تتكلم  عن  شعوب  او طبقات  او مناطق  محددة مرتبطة بالتاريخ الاستعماري، بل تتحدث عن الاختلافات الاجتماعية  المشكلة للحداثة..  
بينما تعمل الباحثة الهندية  غايتري سبيفاك   وهي ناقدة أدبية و أكاديمية في جامعة كولومبيا الأميركية على نقد  الكولونيالية من خلال المؤسسة التعليمية وممارساتها -  وتعترف  الناقدة  والأكاديمية سبيفاك التي تصف نفسها بأنها ماركسية نسوية تفكيكية عالمة بمدى تداخل العلوم المختلفة وتضمين كل منها للآخر،  وبهذا تعمل في مجال ما وراء الماركسية والتفكيك  والحركة النسوية ، وقد شرعت في نقد الكولونيالية منذ بدايتها الجادة  حين نشرت مقالها  المهم الذي شكل أساسا لانطلاقتها الفكرية  وعنوانه (الحركة النسائية الفرنسية  في  إطار دولي)  وركزت فيه على علاقة التعليم بالتاريخ، إذ انتقدت الطريقة التي كانوا يدرسون بها تاريخ القرن التاسع عشر -  حيث لا يقدم النص التاريخي للدارس المستهلك في الغرب  بل كذلك الى الشعوب الخاضعة لهذا الغرب في الخارج.
وتهتم باحثة هندية أخرى هي تشاندرا موهانتي بتحليل إنتاج صورة المرأة في العالم الثالث  في النصوص النسائية الغربية  والعلوم الاجتماعية، وتبين لنا  الأساليب والطرق التي يشكل بها العالم الغربي  نساء العالم الثالث على هيئة كتلة متجانسة، ليستخدمها بعد ذلك باعتبارها نسق  تحليل يتغاضى عن  السياقات التاريخية  والثقافية،ومن هذا  التحليل  يظهر لنا ان  (النظرة الأبوية) لدى الغرب  تتسم بالإخضاع الكلي النمطي العابر للثقافات ، مما يمنح مزايا  لقيم الحركة النسوية الغربية، في حين يبقى هذا النسق غير مدرك لبنى القوى الاقتصادية  السياسية القامعة التي  تكون صلة الوصل  بين الغرب  ودول الهامش. تخلص  موهانتي إلى ان الخطاب النسوي الغربي  يتسم بالمركزية العرقية ويمثل في بعض سياقاته  شكلا معاصرا  للخطاب الكولونيالي.
من هنا  تترنح  الحركات النسوية في عالمنا الثالث  على سراط متأرجح غير مستقر ينطوي على مشروع  ايدولوجي وسياسي  غربي  يهتم  في جوهره  باسترداد  الشرق  والمرأة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

 علي حسين منذ سنوات وأنا أقرأ كلّ ما يقع بين يدي من كتب عن البلاد العجيبة اليابان، وأدهشني الأدب الياباني من كواباتا مروراً بكنزابورو أوي وميشيما، وانتهاءً بأشيغورا وموراكامي . شعب يكتب بحروف...
علي حسين

قناديل: مائدة طعامك التي تقرأ مستقبل العالم

 لطفية الدليمي علّمتْنا تجاربُ كثيرة في الحياة أنّ الأمثلة الشاخصة أكثر تأثيراً في مفاعيلها من المقولات المجرّدة. كلّما نظرتُ في مصدر الطعام الموضوع على مائدتي غمرَني إحساسٌ بأنّ هذا الطعام يمكنُ أن يكون...
لطفية الدليمي

قناطر: هل الثقافة مكملات غذائية ؟

طالب عبد العزيز في العودة الى قضية الجوائز الأدبية بالعراق والوطن العربي نجد أنّها لم تتبلور في قيمتها على المستوى الشعبي، فلا يُشار لأصحابها بالأهمية، ولا نجد لها دوراً في صنع الثقافة، على خلاف...
طالب عبد العزيز

العدالة الدولية تحت المطرقة

حسن الجنابي (الجزء- 3) كان الأمريكان والدول الغربية في غاية الرضا عن الدور الذي كانت تؤديه محكمة الجنايات الدولية (ICC). فقد نشطت المحكمة في ملاحقة بعض الجرائم الدولية، ومنها جرائم بعض القادة الصرب في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram