قال رئيس المحكمة مصطفى حسن عبد الله فور افتتاح المحاكمة ان المحكمة قررت التنحي، و"إعادة ملف القضية لمحكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة أخرى لنظر القضية لاستشعارها الحرج".وكان عدد من المحامين صاحوا فور اعتلاء هيئة المحكمة المنصة مطالبين برد المح
قال رئيس المحكمة مصطفى حسن عبد الله فور افتتاح المحاكمة ان المحكمة قررت التنحي، و"إعادة ملف القضية لمحكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة أخرى لنظر القضية لاستشعارها الحرج".
وكان عدد من المحامين صاحوا فور اعتلاء هيئة المحكمة المنصة مطالبين برد المحكمة، ورد عليهم رئيس المحكمة على الفور "انتظروا حتى تستمعوا الى قرار المحكمة"، ثم تلا قراره بالتنحي عن النظر بالقضية.
وأكد المحامون أن رئيس المحكمة لا يمكن أن ينظر في قضية مبارك، لأنه سبق أن اصدر في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 أحكاماً بالبراءة في قضية "موقعة الجمل"، وهو الهجوم على المتظاهرين في الثاني من شباط/فبراير 2011 في ميدان التحرير من قبل أنصار النظام السابق الذين كانوا يمتطون الجمال.
واعتبر المحامون أن رئيس المحكمة بذلك سبق أن كوّن رأياً في الاتهامات المنسوبة الى مبارك ومعاونيه، وبالتالي لا يمكن له أن ينظر هذه القضية.
وقال محامي المدعين بالحق المدني أمير سالم لفرانس برس "رئيس المحكمة والدائرة التي يترأسها سبق أن برّأوا كل المتهمين في موقعة الجمل، وهناك الكثير من الشكوك في موقفهم، وهذا يمنعهم من نظر القضية". وكان أهالي الضحايا الموجودين في قاعة المحكمة يهتفون "الشعب يريد إعدام الرئيس" السابق.
غير أن مبارك، الذي حضر المحاكمة جالساً على كرسي متحرك، كان مبتسماً ويلوّح بيديه، وهي صورة مناقضة تماماً لما ظهر عليه في المحاكمة الأولى، التي كان يظهر فيها ممداً على كرسي متحرك، وتظهر على وجهه علامات الاستسلام لمصيره.
وعقدت الجلسة في أكاديمية الشرطة الواقعة في ضاحية التجمع الخامس (شرق القاهرة)، والتي كانت تحمل قبل إسقاطه اسم "أكاديمية مبارك".
وكانت محكمة جنايات القاهرة حكمت على مبارك، في المحاكمة الأولى التي قضت محكمة النقض (أعلى هيئة قضائية) قي كانون الثاني/يناير الماضي بإعادتها، بالسجن المؤبد.
تعاد محاكمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مسؤولي وزارة الداخلية السابق، وهم جميعاً متهمون بالتورّط في قتل والشروع في قتل مئات المتظاهرين السلميين، الذين نزلوا الى الشوارع في القاهرة والإسكندرية والسويس ومحافظات عدة أخرى إبان الثورة التي بدأت في 25 كانون الثاني/يناير 2011 وانتهت بإسقاط الرئيس السابق في 11 شباط/فبراير من العام نفسه.كما تعاد محاكمة نجلي مبارك، جمال وعلاء، اللذين كانا رمزاً للسلطة والثروة في عهده، لاتهامها بالفساد المالي، وهي تهمة موجهة الى والدهما كذلك. ويحاكم رجل الأعمال حسين سالم غيابياً لفراره الى اسبانيا.
وعاشت مصر لحظة تاريخية عند بدء المحاكمة الأولى لمبارك في آب/أغسطس 2011، إذ كانت المرة الأولى التي يظهر فيها حاكم عربي أطاح به شعبه خلف القضبان أمام منصة القضاء.
غير أن الأمل الذي أثارته الجلسات الأولى للقضية، التي أطلق عليها في مصر "محاكمة القرن"، سرعان ما تهاوى. وقال المدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية إن المحاكمة لم تستند الى تحقيقات وافية، ولم تتمكن من إيجاد أدلة تثبت المتورطين في قتل أكثر من 850 مصرياً إبان الثورة.
ومنذ أن ترك السلطة عانى مبارك، الذي سيتم الخامسة والثمانين في آيار/مايو المقبل، من مشكلات صحية عدة، وفي إحدى المرات أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية "وفاته سريرياً". ونقل مبارك أخيراً الى مستشفى عسكري في القاهرة.
ولم يعد اسم مبارك يرد في الصحف المصرية أو في قنوات التلفاز الرسمية والخاصة إلا لمناسبة تمديد النيابة حبسه احتياطياً في اتهامات جديدة بالفساد.
وقضت محكمة النقض كذلك بإعادة محاكمة كل المتهمين في القضية مع مبارك. وكانت محكمة الجنايات أصدرت كذلك حكما بالسجن المؤبد على العادلي، ولكنها برأت معاونيه الستة، ما أثار غضباً، وانطلقت تظاهرات تطالب بإعادة المحاكمة.
ووعد الرئيس الحالي محمد مرسي بمحاكمة مسؤولي النظام السابق الذين تورطوا في قتل المتظاهرين. إلا أن مصر تشهد، منذ تولى مرسي الحكم في حزيران/يونيو الماضي، أزمة سياسية عميقة ومواجهات دامية بين متظاهرين والشرطة وعنفاً طائفياً إضافة الى أزمة اقتصادية حادة.
ومنذ بدء محاكمته الأولى في آب/أغسطس 2011 كانت صحة مبارك، الذي سيبلغ في آيار/مايو المقبل الخامسة والثمانين من عمره، مثار تكهنات وشائعات عديدة راوحت بين إصابته بالسرطان واكتئاب شديد وبين أزمات قلبية أو مشكلات في التنفس.
وفي إحدى المرات قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية العام الماضي انه توفي "سريرياً".
ويقيم مبارك حالياً في مستشفى عسكري في القاهرة في انتظار إعادة محاكمته.
وكانت صورته المنكسرة خلف القضبان وهو يبدو مسناً ومريضاً بقيت في الأذهان حتى اليوم.
ولدى وصوله الى السلطة في العام 1981 بعد اغتيال أنور السادات لم يكن أحد يتوقع مستقبلاً كبيراً لهذا الرجل الذي يفتقد الى الكاريزما.
ولد مبارك في 4 آيار/مايو عام 1928 في أسرة من البورجوازية الصغيرة الريفية في دلتا النيل. واثبت كفاءته في الجيش حتى وصل الى منصب قائد سلاح الطيران ثم أصبح رئيساً لأركان الجيش قبل أن يعينه السادات نائباً للرئيس في نيسان/ابريل 1975.
عرف عن حسني مبارك أنه يتميز بالبراغماتية غير أن صلاته بشعبه تقطعت شيئاً فشيئاً واعتمد على جهاز شرطة وحزب يتبعه ليحكم بلاده بلا منازع طوال ثلاثة عقود.
وحظي نظام مبارك الأوتوقراطي، الذي حافظ على معاهدة السلام المبرمة مع إسرائيل عام 1979 برغم كل العواصف والأنواء وكان يعتبر من "المعتدلين في العام العربي، بتأييد الغرب.
وصار مبارك على مر السنين وجهاً مألوفاً في الاجتماعات الدولية. وبدا خصماً لدوداً للإسلاميين المتشددين مثل شبكة القاعدة إلا انه لم ينجح في لجم صعود جماعة الإخوان المسلمين التي أصبح أحد كوادرها، محمد مرسي، رئيساً لمصر من بعده إثر فترة انتقالية تولى السلطة خلالها الجيش.
وأدت سياسة الاقتصاد الحر التي اعتمدها مبارك في السنوات الأخيرة من حكمه الى بداية انطلاق اقتصادي ناجح، إلا انه كان مصحوباً بتزايد الفوارق وبغضب شعبي وفساد.
وحسني مبارك متزوج من سوزان ثابت التي كانت تحظى بنفوذ كبير في عهده.
ويحاكم نجلاه علاء، وجمال، الذي كان يطمح الى خلافة والده، في القضية نفسها بتهمة الفساد المالي.