TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نهاية عصر الإناث

نهاية عصر الإناث

نشر في: 14 إبريل, 2013: 09:01 م

هل الإنسان كائن مُدجّن؟ أقصد هل الإنسان كائن تم تغيير بعض طباعه التي تناسب حالته الأولى، لصالح طباع تناسب حالة أخرى مُبتكرة؟ كما حدث مع تدجين الإنسان نفسه، لبقية الحيوانات، عندما أراد أن يُرغمها على تأدية خدمات، لا تتناسب والحالة الطبيعية التي هي عليها. فدجن الخيل (مثلاً) وحولها من كائنات وحشية لا تقبل الانقياد، إلى كائنات سلسة ومنقادة إلى أبعد الحدود.

ما جعلني أطرح هذا السؤال هو إعادتي قراءة أسطورة الخلق السومرية (اينوما آليش). ففي نهايات هذه الأسطورة تحدث معركة بين تيامات، أو تعامة، أم الآلهة، التي أغاضتها أفعالهم وصخبهم وقررت إبادتهم، وبين مردوخ الإله الشاب القوي، الذي انتدبه الآلهة الخائفون من تيامات، للدفاع عنهم. في هذه المعركة ينتصر مردوخ ويشرع بخلق الإنسان ليفتح عصراً جديداً في هذا الوجود. والملاحظة التي تبادرت إلى ذهني، وهي بالتأكيد وقعت محل ملاحظة أكثر المهتمين بهذه الأسطورة، هي أن المعسكر الذي يقوده مردوخ، عبارة عن مجتمع يقوده إله ذكر مقابل ذلك الذي تقوده تيامات بشكل مطلق. وهنا سألت نفسي سؤالاً كرر الكثيرون طرحه، هو؛ هل تكشف الأسطورة عن ثورة ما، قام بها الذكور وانهوا خلالها عصراً كانت تحكمه المرأة؟

ما نحن متأكدون منه الآن أن القوانين والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية التي عرفناها عبر عصور التاريخ، هي نظم مكتوبة من قبل الذكور، وبشكل يضمن تلبية الأعم الأغلب من مصالحهم، وبالنتيجة فقد عملت هذه النظم على إعادة تركيب ذات الأنثى لتكون منسجمة مع مجتمع يحقق رغبات الذكور. ونحن لا نستطيع أن نعرف الكيفية التي كانت عليها الأنثى في عصر ما قبل انتصار مردوخ، هل كانت الميوعة والرقّة إحدى أهم القيم التي تحرص على تمثلها؟ هل كانت ميّالة في ذلك الوقت إلى إغواء الذكر بمفاتن الجسد، أم أن العكس هو الذي كان يحصل، كما يحصل لدى الطاووس مثلاً؟

إذن هناك الكثير من الدلائل التي تؤكد، لحد ما، حصول عملية تدجين قام بها الذكر لتغيير سلوك الأنثى، والسؤال الذي أريد الانتهاء عنده، هو؛ هل وقع الذكر هو الآخر ضحية لعملية تدجين قام بها المجتمع، أو بعبارة أدق، تطلبتها ظروف بقاء الجماعة. نعم ربما حصل ذلك، ما يعني أن الإنسان الذي نحن عليه، قد لا يكون هو ذات الإنسان الذي كنا عليه في زمن ما قبل التدجين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بايدن: اتفاق غزة بات أقرب من أي وقت مضى

خرائط وبيانات ملاحية ترصد 77 خرقاً "إسرائيلياً" لأجواء أربعة دول عربية منذ تهديد إيران

مشعان الجبوري يخاطب "السيادة": اعتذروا والا

أمر قبض ومنع سفر لـ"زيد الطالقاني"

برلماني يكشف آخر مستجدات منصب رئيس البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: في قراءة قانون الأحوال الشخصية

قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

العمودالثامن: لماذا يطاردون النساء ؟

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

 علي حسين لم يكن الشيخ محمد رضا الشبيبي مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية والاجتماعية وكرامة الإنسان، كان...
علي حسين

كلاكيت: عماد حمدي.. المسطول الذي رثى مسيرته

 علاء المفرجي إذا ما سلمنا أن الممثل عادة هو من صنع المخرج، فأن انطلاقة الفنان عماد حمدي كانت من تلك الفورة الكبيرة في السينما المصرية ومن نشاط المنتج (شركة أو افراد) التي كانت...
علاء المفرجي

قرنان من التشيع والحوزة في العراق.. من 1722 إلى 1922

علي المدن شاهدت الحلقة التي أعدها الأستاذ أحمد الحسيني على قناته في اليوتيوب وكان عنوانها (صراع قم مع النجف.. هل اقترب ظهور المرجع العراقي). وهي حلقة غنية بالمعلومات تنم عن جهد كبير بذله الحسيني...
علي المدن

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

هادي عزيز علي اعتمد الفقهاء المسلمون الاحكام الظنية التي تتسع فيها دائرة الاجتهاد اذ استنبطوا منه الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي فيما لا نص فيه للوصول الى قواعد عملية تتعلق بادارة الشان العام بما...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram