TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > استغفال استحماري

استغفال استحماري

نشر في: 15 إبريل, 2013: 08:01 م

وردتني أكثر من رسالة على الخاص في الفيسبوك يسألني مرسلوها أن أساعدهم في اختيار مرشحيهم في انتخابات مجالس المحافظات، يسألونني عن ذلك بعد أن يؤكدوا بطريقة أو بأخرى أن التعويل على رأيي ناتج عن قربي من السياسيين ومعرفتي لتوجهات الكثيرين منهم.

وبالتأكيد قمت بالاعتذار من مرسليها وأخبرتهم بأني لا استطيع أن أتحمل مسؤولية الاختيار بالنيابة عن الآخرين، أولاً: لأنني لا أريد الترويج لطرف ما، لمجرد أنني أثق به، دون أن أعرف ما إذا كان يمتلك برنامجاً واضحاً وواقعياً، وخطة عمل قادرة على تطبيق هذا البرنامج في ظروف العراق الحالية.

وثانياً: لأن عملية الاختيار تقع في صلب العملية الديمقراطية ولا يمكن النيابة فيها عن الآخرين، بل أن المشكلة التي نعانيها في ممارستنا هي أن خياراتنا في أغلبها جماعية لا فردية، بمعنى أن الناخب لا يختار دون أن يأخذ في اعتباره خيارات جماعته، وهي في أغلبها طائفية أو عرقية، في حين أن فلسفة الديمقراطية قائمة على نوع من أنواع النفعية الاقتصادية التي يحدد فيها الناخب خياراته منطلقاً من البرامج التي تضمن له حياة أكثر رخاء.

لكن كيف انقلبنا نحن على هذه النفعية، وخلقنا مقابلها نفعية أيديولوجية/ طائفية/ عرقية؟ لا أعرف في الحقيقة.

على العموم فإن ما أريد أن أصل إليه، هو جواب غير مباشر على تساؤلات الأصدقاء الذين راسلوني، فالجواب من خلال العمود الصحافي لا يتضمن توجيهاً مباشراً أو نيابة من نحو ما. أريد أن أقول: أن جميع القوائم والكيانات الائتلافية، لم تقدم برنامجاً مقنعاً، بالنسبة لي على الأقل، وأقصد بأننا لا نزال نفتقر لبرنامج يتجاوز الشعاراتية وينهض بمهمة معالجة الإشكاليات الواقعية المعقدة في العراق، ومن أهمها إشكالية تجاوز عصابة الفساد السياسية الممسكة بدفة البلد والقادرة على إفشال أي برنامج لا يرضخ لضوابطها الإفسادية.

لكن مع ذلك نبقى ملزمين بترتيب سلَّم لأولوياتنا في الاختيار، فمن بين جميع من يفتقرون للبرنامج المقنع، هناك تفاضل، على الأقل في البرامج الأكثر إقناعاً، أو التوجهات الأقرب لذوق الناخب، أو الأقدر على فهم ومعالجة جراح بلده.

شخصياً استبعدت في ترتيب سلَّم أولوياتي جميع المتشحين بأسمال الطائفية، بالذات من كشروا هذه الأيام عن أنياب مخيفة وأخذوا يروجون خطاباً طائفياً استغفالياً لا يناسب ناخباً كامل الأهلية، بل ناخباً مغفلاً.

مثل هؤلاء يريدون أن يمارسوا عملية استغفال، على طريقة الاستحمار التي حذر منها علي شريعتي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram