ذات زمن، كان الطعن من الخلف خزياً وعارا. غدا شيمة.
كانت الغيلة والغدر، عيباً وشينا، غدت وغدا، مفخرة.
كانت المواجهة، بالأسانيد أو بحد السيف، شجاعة.. صار الختل والمواربة دليل العاجز وعنوان قدرته
وا أسفاه.
أكلما تقدم مفهوم سيادة القانون، وتبلورت مفاهيم حقوق الإنسان، تقاعد مبدأ العقاب، ونال الجناة البراءة، واحتموا بالمتاريس، واللافتات؟
كانت العقوبة شخصية (ما يعرف قانوناً بشخصية العقوبة) إذ تقتصر على من ارتكب الفعل الجرمي، ولا تتعداه لأهل بيته أو جيرانه، أصبح –اليوم -- العقاب جماعياً ينفذ بأبرياء لا حول لهم ولا قوة..
ماذا جرى لإنسان هذا العصر لتتدهور عنده القيم وتدحرجه نحو الحضيض؟
كانت المبادئ العامة في القوانين الجنائية – حتى في أحلك الظروف – مصونة ومصانة، ولو بحدودها الدنيا.:- لا اتهام من دون أدلة ثبوتية -لا عقوبة إلا عن جريمة، لا جريمة بلا عقوبة، لا عقوبة إلا بنص قانوني نافذ فكيف ولماذا ومن أجل من انتكست المعادلة؟
العقوبة جاهزة حتى بدون نص قانوني نافذ أو محاكمة عادلة. لا نص قانوني إلا بعد ارتكاب الجريمة وتكييفها حسب الأمزجة!، لا عقوبة على مجرم، حتى لو كان متلبسا بالجرم المشهود، إنما شديد العقاب على الأبرياء، يدفعون دية دم واجبة الاستحقاق...
أي المعادلات الصعبة التي صار حلها - على العراقي - واجباً وقدراً وقضاءً في هذا الزمن المشبوه؟
إثر كل انفجار، تغتسل الشوارع والأرصفة بدماء الأبرياء. بعضهم لم يتناول فطوره، يسابق الساعة للوصول إلى مقر العمل، بعضهم طلبة، سهروا الليل ليؤدوا إمتحانا، بعضهم عاطلون، يبحثون عن عمل يقيم بأود عوائلهم.بعضهم،، بعضهم
أتخيل _ والخيال غدا رأس مال العراقي _ إن السلطات قد ألقت القبض على الفاعل (سين) وانعقدت المحاكمة وانتدب للدفاع محام مدفوع الأجر لضمان العدالة (كذا).
__ اسمك؟ يتوه الأمر على الجاني، فهو قد نسى اسمه الذي كانت تناغيه به أمه، وتدلعه به ابنة الجيران..
يتدارك محامي الدفاع السؤال: -- أي اسم يا سيدي القاضي يصح، فموكلي متعدد الأسماء والكنى، ولا لوم عليه، فقد تعددت الأسماء بتعدد الانتماءات!
-- محل سكناك؟؟ يضطرب المتهم، يلتبس عليه الأمر، فمن يتنكر لاسمه هل يتذكر محل سكناه؟
يجيب المحامي: سجل يا سيدي القاضي، سكنه: حيثما وجد سريرا ومائدة وصرة نقود ووعدا بحورية!
-- مكان الولادة ومسقط الرأس؟؟!
يتصاعد شميم صدر الأم، يغمر حواس المتهم، فيوشك أن يلفظ اسم مسقط الرأس، ينتبه، إياك والبوح،إياك! يتبدد الشميم الحنون، تتوارى صورة الأم، ولا يعود يرى أمامه إلا برك الدم،وأشلاء الضحايا وليس في خياشيمه غير رائحة البارود.
المحامي يطلب البراْءة لموكله والمدعي العام يطالب بعقوبة مخففة لعدم كفاية الأدلة!، والذين تناثرت شظايا أجسادهم مزقا، دمهم في رقابهم، فقد كان عليهم ألا يتمادوا بالحلم المستحيل: عيش رغيد بوطن آمن وسعه وسع المدى، ومهده حدقات العيون...
جميع التعليقات 1
حسن
اويلي , تنازلت عن حلم باخذ حقوق ما لخدمة عسكرية لخريج جامعة لسنتين وشهرين فقط واذا بهم يسرقوا شبابي برمته 12 عاما من حرب الى حرب جبان لا يتغيب يوما واحد كي لا يتاذي اهله به,خرجت بشروخ نفسية وعلى قيد الحياةوهذه كانت منه منهم, ثم اسمع يتباحثون بمنح فدائي