TOP

جريدة المدى > سينما > "الخادم" قاد السينما البريطانية إلى عهد جديد

"الخادم" قاد السينما البريطانية إلى عهد جديد

نشر في: 24 إبريل, 2013: 09:01 م

  مرت خمسون عاما منذ أن تسبب فيلم جوزيف لوسيه ( الخادم ) في تحرير صناعة السينما البريطانية، و قد تكهن جيوفري ماكناب بآثار هذا الفيلم قبل عرضه على الشاشة . بعد خمسين عاما من العرض الأول لفيلم ( الخادم ) في عام 1963  المأخوذ عن رواية للكاتب

 

مرت خمسون عاما منذ أن تسبب فيلم جوزيف لوسيه ( الخادم ) في تحرير صناعة السينما البريطانية، و قد تكهن جيوفري ماكناب بآثار هذا الفيلم قبل عرضه على الشاشة .
بعد خمسين عاما من العرض الأول لفيلم ( الخادم ) في عام 1963  المأخوذ عن رواية للكاتب روبن موم ، من السهل أن ننسى تماما كيف كان الفيلم يبدو و كأنه عمل آثم؛ فلقد كانت بداية الستينات فترة لأفلام نورمان ويزدوم الكوميدية مثل ( غرزة في الوقت المناسب - 1963 ) ، و أفلام الحرب الصاخبة مثل ( السرب  633  - 1964 ) . صحيح إن السينما البريطانية كانت لها " موجتها الجديدة " من أفلام توني ريتشاردسون و كاريل ريز في صناعة الأفلام الجديدة الشجاعة في شمال انكلترا، فان فيلم لوسيه لم يكن يشبه أفلاما مثل ( عدّاء المسافات الطويلة ) أو ( ليلة السبت و صباح الأحد ) . كان فيلم الخادم بمثابة نسخة شهوانية ملتوية لأحدى قصص جيفز وودهاوس .
 تجول الكاميرا  في شارع تشيلسي قبل ان تنتهي عند واجهة متجر توماس كريبر . أمام المتجر و عبر الشارع ، يلوّح باريت ( ديرك بوغارد ) بمظلته و هو في طريقه لمقابلة السيد توني ( جيمس فوكس ) ذلك الشاب الأنيق الذي يبحث عن خادم جنتلمان لمنزله الجديد في المدينة.
المدهش في فيلم الخادم ليس موضوعه – العلاقة المشاكسة ، المتحولة و الحميمة بين السيد و خادمه – و انما  نمطه المبهرج. كانت الأفلام البريطانية تتسم بالكبت، إلا ان لوسيه ( الأميركي الذي لجأ الى المملكة المتحدة هربا من المطاردات المعادية للشيوعية ) كان على استعداد دائما للتباهي بعمله الفني – موسيقى الجاز -   و استخدام الكاميرا بشكل ملتوي ، و استخدامه للمرايا التي ولّدت تأثيرا مربكا و متنافرا . حتى استخدام الحوار كان أنيقا .
كتبت الرواية في أواخر الأربعينات من القرن الماضي، إلا ان الفيلم أطلق في بداية الستينات في فترة كانت فيها الثوابت القديمة عن الطبقات و الجنس تتعرض لتحديات غير مسبوقة – كان عام 1963 عاما للعلاقات الجنسية.
يرسم فيلم الخادم  صورة مجتمع بريطاني وسط اضطرابات اجتماعية عميقة؛ فكرة عفا عليها الزمن عن خدم البيوت . لا يعيش توني في منزل ريفي  من طراز الأديرة في داونتاون، بل يعيش لوحده قي لندن . لا ندري من أين جاءت ثروته ( نفترض انه ورثها ) او ما هي طبيعة عمله ( لديه خطط عمل غامضة في أميركا اللاتينية ) . يمتلك الكثير من مواصفات بيرتي ووستر – عاطل ، غير عملي ، و يستمتع بالشراب – لكنه ليس شخصية مرحة . في البداية كان يبدو مسيطرا، عندما يأمر باريت بفعل شيء ما، لكن سرعان ما ندرك بأنه يعتمد كثيرا عليه لأنه غير قادر على القيام بأي شيء لنفسه .
السياق الفرعي للقصة – المثلية الجنسية – هو مسألة جدل مستمر. يقول لوسيه مخاطبا احد الصحفيين :" لا أريد للفيلم ان يكون مجرد دراسة لعلاقة مثلية صغيرة ". كما ان ديرك بوغارد كان يريد تخفيف هذا الجانب من الفيلم .
عند إطلاق فيلم الخادم، كانت ردود أفعال النقاد البريطانيين حماسية، لكنهم كانوا مهتمين بالشد  بين الطبقات أكثر من اهتمامهم بالانجذاب بين السيد والخادم .
يضم الفيلم شخصيات نسائية قوية – سارا مايلز بدور فيرا شقيقة باريت المنحلة التي ينجذب إليها توني ، إضافة الى ويندي كريغ بدور خطيبته المشاكسة سوزان . يعلق براين روبنسون – مبرمج أفلام المثلية و السحاق في مهرجان لندن – قائلا: " اعتقد ان النقاد في ذلك الزمن كانوا يشعرون بالصدمة لما يجري في الفيلم" ، و يقتبس لحظة مبكرة في الفيلم عندما يلتقي باريت لأول مرة بسيده الذي يسأله ان كان يجيد الطبخ . يتباهى الخادم قائلا : " كانت وجبة البيض المخفوق بالحليب التي اعملها تحظى بالكثير من الثناء في الماضي".
كانت النكهة العالمية لفيلم الخادم هي بالضبط ما استهوى نقاد الستينات حتى و ان لم يكونوا مهتمين بالبحث عميقا في علاقة باريت بسيده .  لقد أشادوا بفيلم  قدّم للشاشة البريطانية بعض ما يقدمه أفضل الايطاليين و الفرنسيين على شاشاتهم ( كما جاء في حديث ديليس باول في الصنداي تايمز ) .
لا شك كان هناك تنمر على صفحات الجرائد فيما يتعلق بأهمية فيلم الخادم ، الا انه  كان له تأثير تحرري على صناعة السينما البريطانية. بواسطة عينه الثاقبة، اختار لوسيه سخافات النظام الطبقي البريطاني. فالرواية الأصلية لكاتبها روبن موغام ، رويت من وجهة النظر الارستقراطية و كانت مليئة بالغرور  بلا خجل، لكن الفيلم –رغم  تملق  باريت – كان أكثر اعتدالا . يقول توني ( جيمس فوكس ) مخاطبا وندي كريغ عندما خرجت معه :" انظري ، صحيح انه خادم لكن مع ذلك فهو إنسان " . انه بالكاد استبصار أساسي،  الا ان  ما سبقه من الأفلام لم تكلف نفسها عناء ذلك .

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram