لو أقسم المالكي باغلظ الايمان بأن ما حدث في الحويجة كان دفاعا عن هيبة الدولة لما صدقته، حتى لو كان ذلك صحيحا، فهل يعفي ذلك القائد العام للقوات المسلحة، وضباطه الكبار من جريمة قتل العراقيين بدم بارد..؟
للأسف النتيجة هي أن ما جرى مخالف لكل الشرائع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وبالتالي علينا أن نواجه الحقيقة، وهي أننا نعيش لحظات عصيبة، وأن الخوف على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها لا يمكن أن يصبح رهينة بيد قادة عسكريين لايريدون لنظام "القائد الضرورة" أن يغادر ذاكرة الناس.
لقد بات واضحا الآن أن المستفيد الوحيد من هذه الفوضى هم مقرّبو المالكي، وبالتالي فعلى كل شخص أن يحسم أمره، هل هو مع مصلحة الوطن، أم مع مصلحة بضعة عسكريين ومراهقي سياسة يريدون تقسيم البلد؟!
القرار السريع الذي ينتظره الناس بعد مذبحة الحويجة هي إقالة كل المسؤولين عنها: من صاحب "الوزارتين" سعدون الدليمي، مرورا بقائد القوات البرية علي غيدان الذي أصرّ على اعتبار الحويجة مدينة "معادية" يجب استئصالها من الوجود، حتى الناطق الإعلامي باسم وزارة الدفاع محمد العسكري الذي ظهر أمس من على قناة العراقية بكامل زينته و" تخم " من المحابس، يحتفل بالقضاء على فلول الحويجة.
المسألة بالنسبة لي ليست شخصية، كما أنها ليست متعلقة بفشلهم المتواصل في الملف الأمني، لأن الناس أدركت مبكرا أنها تعيش في ظل تهريج أمني، ومسؤولين ظلوا يصدعون رؤوسنا بأننا نعيش أزهى عصور الاستقرار، ولكنني اريد ان انبه الى ظاهرة علي حسن المجيد التي استفحلت في الآونة الأخيرة، وبدأت تتفشى في قطاعات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، الجانب الجوهرى فيها هو أنه كلما قتلت وضربت واستخدمت كل ما لا صلة له بالقانون، يمكنك أن تنجح، والأخطر أن الناس تخاف منك وتهابك ، هذه الظاهرة انتقلت من السياسة الى الامن، وأصبحنا نرى نوابا ومسؤولين يستخدمون أيديهم للضرب وألسنتهم للشتائم، أكثر من استخدام عقولهم للإقناع، ووصل الأمر إلى حد استخدام العصي والأحذية في حسم الخلافات داخل قبة البرلمان.
مرة أخرى لا أتحدث عن الأشخاص، بل عن الظاهرة، وللأسف الشديد أن مسؤولين كباراً وقادة أمنيين مصرّون على أن يثبتوا لأنفسهم أن قتل الناس واستعبادهم وبث الرعب في نفوسهم هو الطريقة المثلى لحكم البلاد، منذ سنوات ونحن نعيش عهدا كئيبا وكالحا مليئا بأمثال علي حسن المجيد بأسماء وعناوين جديدة.
لا يمكن لهذه النماذج أن تواصل العمل بنفس هذه النظرية " القمعية "، ولهذا فإن وجود من يروّج لهذه النظرية خطر على أي محاولة لاستقرار البلاد، لأنهم لا يملكون غير الصراخ ولغة القتل.
نريد قادة أمنيين ومسؤولين يعتمدون المنطق والحجة والإقناع ، إذا كنا نهاجم مسؤولاً فاشلاً سرق أموال الشعب، فإننا سنقف بشدة ضد كل من تسوّل له نفسه إعادة علي حسن المجيد ووطبان وسبعاوي وأجهزتهم الأمنية إلى الحياة ثانية.
المشهد اليوم يظل حافلا بالعديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام الحائرة، ما معنى تضحيات العراقيين في الخلاص من الظلم والدكتاتورية ليجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام دكتاتوريات القتل المجاني والترهيب والتخوين؟. ما معنى أن نجد قادة أمنيين كانوا معظم سنوات عمرهم جزءاً من منظومة أمنية قمعية، ثم يدّعون اليوم أنهم يحاربون فلول النظام السابق، ما معنى إصرار المالكي ومعاونيه على استعادة الممارسات ذاتها التي طالما أتهم صدام بممارستها ضد معارضيه، إن الصمت على ما جرى في الحويجة سيحوّل هذه الممارسات إلى منهج، بحيث تبدو معه قوات المالكي وكأنها قوات صدام.
كنا ومازلنا نحلم أن نرى الحكومة تستجيب لمطالب الناس قبل أن يطلبوها، وأن تدرك أن الاستجابة لمطالب العراقيين هي التي تحفظ النظام، و ليس طرق القتل البربرية.
لا تصلح شماعة " مهاجمة نقاط التفتيش " هذه المرة لتبرير ما حدث من ماساة، فمن الواضح تماما أن هناك من يدفع بنا بقوة ودهاء إلى أتون جحيم طائفي لن يسلم منه أحد، وعليه يجب أن ننتبه جميعا إلى أننا الآن نواجه قوى تعتمد تكتيكا يشعل حوادث وازمات هنا وهناك، في إطار ستراتيجية منظمة لا تريد للاحتقان الطائفي أن يخمد.
ليس مقبولاً أن تستمر هذه اللعبة التي أُريد من ورائها السيطرة على كل شيء، هناك ألغاز مطلوب الإجابة عنها: من المسؤول عن مجزرة الحويجة؟ من يتحمل التقصير؟ لماذا ينجح جماعة علي حسن المجيد في تحقيق أهدافهم؟ ومن هم الذين يسهّلون لهذه الانتهاكات والجرائم أن تحدث؟
ويبقى السؤال الأهم: أين رئيس الوزراء، ولماذا يبدو في مثل هذه المواقف وكأنه في مقاعد المتفرجين؟
جميع التعليقات 13
المدقق
ومن تكون انت لكي يأتي المالكي ويحلف لك ؟؟ انت وامثالك مجرد اشباه كتاب ليس لديكم منطقا سوى الكذب والتضليل .. حلم ابليس بالجنة ..هههههههه
رمزي الحيدر
لا تخدع قراءك و تصور لهم أنه في العراق دولة وحكومة ويجب أن يحاسب فيها المسؤول عن الأخطاء ويستقيل من منصبه . أخي العزيز في العراق لاتوجد دولة و لا حكومة و لا مؤسسات ،في العراق توجد شلة من الحثالات و التي تعمل على تهديم الجزء المتبقي من العراق من الذي ل
محمد تسنلي
بارك الله في تحليلاتك اوجه سؤالا الى فطاحلة نواب دولة القانون الذين يظهرون في اللقاءات التلفزيونية بتصريحات رنانة واخص بالذكر السيدة حنان وعباس البياتي بماذا تبررون هذه الجريمة لانكم ومن معكم ورطتم رئيس الوزراء.....
أحمد البصري
للأخ الكاتب......ارجو لا تأخذك العواطف بعيدا عن مصلحة الوطن والشعب.......وأكد لك..أن وراء هذه المظاهرات والتجمعات عصابات فلول البعث الفاشستي، والتكفيريين، وهؤلاء لاي رضون إلا بإسقاط التجربة الجديدة في العراق وعودتهم للسلطة بالحديد والنار، ينطلقون من الحقد
Abdul razaq
This writer has nothing in his mind but ALMALAKI He obviously hates him andalways twist the truth to blame him. According to this writer, Ali HUssain, everyone is correct except ALMALAKI
ابو سعد
عليك ان توجه اسئلتك الى جماعة (بعث تشيدة الجماجم والدم تتهدم الدنيا ولا يتهدم)والى قادة الصدفه جميعا اللذين مازالوا يخدعون بكذب عصابات البعث في السابق والحاضر ألم يقلها المقبور أذا سقط البعث ستستلمون العراق ارضا بلا شعب ها هم يعملون عليها بكل حرفيه والشعب
ali alsaadi
قل لي بشرفك هل تصدق انت ماتكتب هل هناك في اي دوله في العالم تتعرض قواتها المسلحه الى الخطف والقتل والتفجير وفبقى دون رد انا اعيش في واحده من اعظم دول العالم للشرطي الحق في اطلاث النار لنجرد الاشتباه بان المطارد لمخالفه مروريه لديه سلاح داخل السياره يخق لل
ضياء
للاسف الشديد على ما الت اليه مؤسسة المدى واتخاذها جانب موجه وممنهج ومعادي لكل ما تقوم به الحكومة العراقية بغض النظر ان كان هذا الشيء صحيح او خطا لمجرد ان المؤسسة تتخذ جانب موالي للكورد وضد سياسيات كل من لا يقبل او يسير مع مصالح الكرد.
حيدر البغدادى - كندا - كالكرى
روح نام لخاطر الحسين
أحمد باسم
للأسف ..وأقولها بمرارة ياأستذي ألكاتب أني كنت من المواظبين جدا على قراءة عمودك ,لأني وكثيرين ممن أعرفهم من المواظبين على قراءة عمودك أكتشفو عدم حياديتك في كل ما تطرحه,فأسألك بألله وهل كان أحد قادر أن يتظاهر أو يفتح فمه في زمن علي حسن المجيد,هل الديمقراطية
فراس العراقي
عاشت ايدك على المقال لو كنا في غير العراق لكان رئيس الوزراء والمسؤؤليين الامنيين استقالوا من زمان ..نتيجة المذابح التي شهدها العراق
ابو حبيب
.واسألك بشرفك لو كان صدام وعلي حسن المجيد هم أللذين يحكموننا ألان .فها تستطيع أن تتجرأ وتتحدث عن حكموتهم بهذا الشكل ؟؟ طبعا مستحيل ..ولا أقول سوى شئ واحد ,لعن ألله الديمقراطية ,,لأننا شعوبا تعودنا أن يعاملنا السلطان بالسيف والقتل .وألا فأنه سيفقد هيبته وس
عباس الخضيري
إلى متى تبقون تتمنطقون بالكلمات وتأرجحون على السطور ؟؟؟؟ إلى متى تتحدثون فقط لأجل الحديث وتتكلمون فيما لاتعلمون !؟ ... همكم الوحيد أن تملئوا صفحات الجرائد ابلكلام الذي لايزيد الوضع ‘لا نفوراً وتأزماً بين أبناء البلد . فقط أسئلك سؤال, ما رأيك بما تم فعله ب