ظلّت واشنطن تماطل في تأكيد استخدام النظام السوري للسلاح الكيمياوي ضد مناوئيه، لكنها حين وجدت نفسها في الزاوية، أعلنت أن مخابراتها تعتقد أن النظام السوري استخدم غاز السارين على نطاق محدود، وأنها ستتشاور مع حلفائها، إن تأكدت أن دمشق تجاوزت الخط الأحمر، الخاص باستخدام تلك الأسلحة، وفوراً أعلنت بريطانيا أن لديها أدلة مقنعة على استخدام غاز السارين، وارتفعت أصوات في الكونجرس تنبه أوباما أن الخط الأحمر تم تجاوزه، ما يستدعي تأمين المخزون السوري من الكيمياوي، وإعطاء المعارضة القدرة على مقاتلة الأسد لمرة واحدة وأخيرة، وقبل ذلك كانت إسرائيل تؤكد أن النظام السوري استخدم الغازات السامة، خاصة في الأحياء حول دمشق وريف حلب، وعدّ محللون غربيون أن ذلك يجب أن يقنع الرئيس الروسي، أن الوقت قد حان للتوقف عن دعم الأسد، بعد تجاهل تحذيراته حيال استعمال الأسلحة الكيمياوية.
دمشق ردت على هذا التطور، مع رفضها استقبال بعثة محققي الأمم المتحدة، بتكرار اتهامها لمعارضي الأسد باستخدام أسلحة كيمياوية، ، وبالإعلان أنها لن تستخدم "الكيمياوي" ضد مواطنيها، أو حتى في حالة نشوب حرب مع إسرائيل، واتهمت الأمم المتحدة بالسعي لاستغلال الموضوع، لتكرار السيناريو العراقي، علماً بأن هناك معلومات عن امتلاكها ترسانة كبيرة تزيد عن ألف طن من السلاح الكيمياوي وآلاف القذائف الجوية والرؤوس الحربية التي يمكن شحنها بأسلحة غير تقليدية، وأكد ذلك لواء سوري منشق قائلاً إن لدى النظام السوري ترسانة كيمياوية كبيرة، قد تضاهي الترسانة النووية الإسرائيلية، ليدحض ما أشارت إليه دمشق من أن الدول التي ظلت تدعم الإرهابيين في سوريا، قد تزودهم بأسلحة مماثلة، ليتم اتهام دمشق لاحقاً باستخدام مثل هذه الأسلحة.
كان الغرب يستعد للتعامل مع إمكانية لجوء النظام إلى سلاحه الكيمياوي، وجرى الحديث عن حشد نحو 75 ألف جندي أميركي مستعدين للتدخل في حال استخدامها، مع جهود مشتركة مع الأطلسي وعدة دول في المنطقة والتنسيق لمراقبة المواقع الكيمياوية، والتحضير للتدخل متى دعت الحاجة، وتشكيل وحدة معنية بحماية تلك المواقع، تتألف من مجموعة من ضباط متخصصين في هذا المجال كانوا انشقوا عن النظام، أما اليوم فقد أكدت مصادر غربية أن جيوش 4 دول أعلنت حال الاستنفار، لمنع خروج الكيمياوي السوري إلى لبنان، أو استيلاء تنظيم القاعدة عليه، ما دفع إسرائيل للتلويح باحتمال تدخلها عسكرياً في سوريا، ولو منفردة، لكن الأميركيين يخشون من أن تؤدي أي ضربة إسرائيلية (منفردة) لقوات وأسلحة الأسد إلى تقويته ومنحه فرصة لكسب التأييد من الجمهور السوري والعربي.
مع كل هذا الأخذ والرد، والكشف عن معلومات ثم التشكيك بصدقيتها، واحتضان واشنطن لقمم متعددة مع زعماء الشرق الأوسط، حيث أعلن الملك عبد الله الثاني أن خطورة الوضع السوري وصلت إلى مستوىً غير مسبوق، يبدو أن التدخل عسكرياً في سوريا بات قاب قوسين أو أدنى، ما يفسر استخدام النظام السوري لكل قوته العسكرية، بما في ذلك الاستعانة بحلفائه اللبنانيين، في محاولة لتغيير ميزان القوى لصالحه، علّ ذلك يبعد عن رقبته الحبل الذي يلتف ببطء وثبات، بانتظار اللحظة الأنسب لحسم الأزمة السورية، التي يهدد خطر شررها المتطاير كل دول المنطقة، وقبل أن يكون السلاح الكيمياوي سيد المعركة والموقف.
الكيمياوي السوري ونذر الحرب
[post-views]
نشر في: 26 إبريل, 2013: 09:01 م