TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أفكار من المجلس والتيار: كي لانكون برابرة

أفكار من المجلس والتيار: كي لانكون برابرة

نشر في: 27 إبريل, 2013: 07:01 م

انه زمن الحروب الكبرى او الحلول الكبرى. هذه هي لحظتنا في العراق وعلينا ان نفكر بموضوعين، من هي الاطراف الصالحة لبدء الحلول الكبرى؟ فقد عرفنا اولئك الذين يريدون الحروب الكبرى شيعة وسنة. والموضوع الثاني يتصل بنقطة بداية الحل.  
لننطلق من قضيتين، الاجتثاث والأمن، للتفكير بالسلام. فشل الشيعة في حكم السنة، بعد فشل السنة لعقود، في حكم الشيعة. ولكن هل يستدعي الامر اجراءات طلاق دموية وعملية فصل بالسكاكين والسواطير؟ لا يمتلك البربري سوى السواطير والخناجر للفصل بين المتنازعين. وهناك نماذج سيئة من الطائفة السنية ارادت اخضاع الشيعة بالقوة وفشلت. وجاء نموذج شيعي سيئ اراد ايضا اخضاع السنة بالقوة، وهو يفشل كما نرى. المطلوب وضع المبادرة بيد عقلاء فورا وتنحية الفاشل فورا واستبعاد الخنجر والساطور.
تحدثت ليلا مع قيادي بارز في التيار الصدري، وقرأت صباحا مقالة مهمة للسيد عادل عبد المهدي. وكنت امام تصور أولي معقول لعلاج فشل الطائفتين. شرط ان يبادر شيعة عقلاء الى حوار مع مراكز القوى السنية ويبلوروا "معاهدة سلام" كبرى ويسحبوا البساط من فريق سياسي وعسكري مهووس بالدبابات وقوات سوات. فريق لم يتعلم الدرس ونسي ان صدام حسين فشل في اخضاع الشيعة رغم كل المقابر الجماعية، ما يعني بوضوح انك ستفشل في اخضاع اي مجموعة بشرية حتى لو اقتحمت بقوات سوات، اعتصام الحويجة وهدمت منصة المتظاهرين بالجرافات ألف مرة.
أكبر خلاف يثير مشاعر الحرب بين الطائفتين يدور حول سؤال الحكم، وسؤال الامن. الشيعة يخافون عودة البعثيين الى تسلم المناصب لان ذاكرة الاضطهاد لا تزال طازجة في ارواحهم. والسنة يعتبرون هذا جائرا وتحول الى عقوبة جماعية. اسأل القيادي الصدري: ان وجود ١٠٠٠ مجتث في قبيلة واحدة يجعلها تشعر بالنبذ السياسي ويشجعها على القتال، هل فكرتم في هذا؟ يجيب: نحن نفكر ان نترك للمحافظات صلاحية تعديل اجراءات الاجتثاث بما ينسجم مع وضعها الاجتماعي. اذا كانت الموصل او الرمادي ترى ان اجراءات الاجتثاث مؤلمة انسانيا، فلها ان تلغيه، ولن يكون هذا ملزما لمحافظة ميسان. أما المناصب الكبرى في بغداد فتحظى بدراسة منفصلة لكل حالة كما حصل مع صالح المطلك وبعثيين كبار غيره.
إن تصورا مماثلا يمكنه اطلاق بداية صحيحة لمعاهدة السلام الكبرى بين طائفتين فشلتا في اخضاع بعضهما عبر عقود.
ماذا عن عبد المهدي ومقاله؟ الرجل يقول بوضوح ان حفظ الامن يستحيل ان يتحقق باعتقال الآلاف من ابناء المحافظات الغربية او مداهمتهم كل ليلة بالطائرات وعمليات الانزال الجوي. هذا امر يحصل منذ ١٠ سنوات ويفشل بل ويجعل عوائل تلك المناطق تشعر بأنها منبوذة سياسيا بالاجتثاث، وأمنيا بالاعتقال. طريقة السلطان لحفظ الامن قامت بتحويل العشائر الى خصم يكرهك ويضطر لوصفك بالصفوي، وعليك ان تعيد النظر في هذا او تنتظر حربا لا يربح فيها احد.
كيف تجعل اهل تلك المناطق يشعرون ان الامن هو امنهم وانهم جزء من النظام الذي يريد فرض الامن. بدل ان يشعروا كما هو الحال اليوم، ان مدنهم عبارة عن مشكلة امنية ويجب ان يتعرضوا للاذلال اليومي كي يستتب الوضع؟
لقد جرى تطويق القاعدة حين نجح بترايوس في اقناع العشائر بأنهم جزء من الحل. اما حين قام المالكي بتحويل العشائر الى اعداء واستهدف قادتهم السياسيين، فقد عمد اهل الانبار الجمعة الى اعلان جيش. وقبل هذا توسلوا مرارا ان يتوقف الجيش عن مداهمتهم وان يوكل الامن الى شرطة محلية يشرف عليها مجلس المحافظة المنتخب.
مقترح عبد المهدي او تصوره الاولي، مع مقترح القيادي الصدري الأولي ايضا، نواة لحل كبير. يمكن ان لا ينفصل السنة بحرب دموية، لكن مجالس محافظاتهم المنتخبة يمكن ان تمتلك صلاحية تعديل الاجتثاث وتوطيد الامن بشرطة محلية تنفق عليها بغداد وتديرها الانبار ونينوى. ليتحول اهل تلك المدن من معتقلين الى مسؤولين عن الامن خاضعين لمراقبة البرلمان الاتحادي. واذا لم يحصل هذا فإن الشيعة سيستمرون في الفشل بحكم السنة بنظرية الاخضاع، كما استمر السنة لعقود، في الفشل بإخضاع الشيعة. وقل مثل هذا عن ملف الاقتصاد والغاز والنفط والكمارك. الانتقال للادارة الحديثة وتنحية العقلية المتخلفة هو الحل.
العالم الحديث شراكات وتقاسم يؤسس للثقة. العالم القديم برابرة وخناجر وسواطير تريق الدم لصناعة اوطان مليئة بالظلم. الطريق ليست غامضة وقد نزفنا كثيرا. وليس صعبا ان نغير المسار. لماذا تتفرجون؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. المدقق

    قسما بالله العلي العظيم انكم جهلة ومتخلفون .. فبالامس القريب اتهمتم المالكي باعادة البعثيين واقمتم الدنيا ولم تقعدوها واعتبرتموه متلون ولا يصلح لقيادة البلد .. وها انتم الان تقترحون اعطاء صلاحيات للمحافظات لتجتث من تريد وتعيد من تريد ::::: لقد اصبحتم لا ت

  2. ازهر حسين

    يجب اعادة النظر في طبيعة تعامل الحكومة مع الملفات الساخنة التي تعصف بالبلاد في حين واخر والا اصبح بلدنا الذي يتميز بخيراته العظيمة بلد كله مشاكل ولايمكن لاي شخص ان يتخذ منه وطن .... مقترح د عادل عبد المهدي وعضو التيار الصدري فيه نسبة من الحل وعلى الرغم من

  3. سرمد القيسي

    عاشت ايدك استاذ سرمد فعلا الحل المطروح هو الامثل لحل الخلاف ولكن من يستمع فقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ...الكل هم اداة لتنفيذ اجنداة وليس همهم خحل المشاكل بل صنعها وتضخيمها هكذا يعيش السياسيون القتلة ..تحياتي

  4. حسين الخشيمي

    هناك محاولات اخضاع من الطرفين ولكنها من قبل القادة والسياسيين لا من عامة الناس, انت رائع سرمد اتمنى لك التوفيق..

  5. كاطع جواد

    المشكلة في العراق هو فصل القضايا الأمنية عن القضايا السياسية ، فعندما قام الحل الأمني الامريكي والذي نتج عنه طرد القاعدة من المنطقة الغربية كان حلا سياسيا وامنيا معا فقد وضع حدا للاقتتال الطائفي بعد ان شعر المكون السني بأهميته بإدارة قسم من الملف الأم

  6. علي ابراهيم

    بارك الله فيك اخ سرمدوبكتاباتك ..هذا الحل يمثل قطرة في اول الغيث ولن تاتي هذه المحاولات الا بعد تبديل وتفكيك القوى الطائفية والمتخلفة وهي تحالف المالكية النجيفية المتحالفين من اجل المهاترات والمناكفات وقريبا الحروب لا سامح الله نتيجة غيهم في التعنت وسياسة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram