TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تريدون الانفصال؟ .. ليكن ودياً

تريدون الانفصال؟ .. ليكن ودياً

نشر في: 27 إبريل, 2013: 08:01 م

لا أظن أن أحداً يتمتع بكامل قواه العقلية لا يرى أن البلاد ماضية في اتجاه التقسيم الى ثلاث دويلات إذا ما بقيت الحال على ما هي عليه الآن: حكومة ضعيفة سياسياً تراهن على قوة عسكرية شبه موهومة في تركيع خصومها الذين لا تنقصهم القوة سياسياً وجغرافياً وعسكرياً.
التقسيم حاصل ما لم ينزل رئيس هذه الحكومة من بغلته ويجلس على الأرض ويتحسس ترابها وصخرها ليدرك انه ليس "سوبرمان" الخارق أو "باتمان" الذكي.
الكرد أعادوا أنفسهم وإقليمهم الى الدولة بإرادتهم الحرة وقرارهم الحكيم، وكان يمكن لهم أن يمتطوا صهوة حصان التطرف القومي ويستغلوا انهيار الدولة وما فيها قبل عشر سنوات ليبقوا على كيانهم الذي تمتع باستقلال حقيقي. كان بإمكانهم أن يفعلوا ذلك لو خضعت قيادتهم لنزق، أو قصر نظر، بعض قومييهم.
السنة (أو ما يطلق عليهم تسمية سكان المناطق الغربية) كان في مستطاعهم هم أيضاً أن يدوّخوا الدولة الجديدة التي وُلدت كسيحة بفعل مرض المحاصصة الطائفية والقومية، فيواصلوا مقاطعة العملية السياسية وينضووا جميعاً تحت أعلام "القاعدة" وفلول النظام السابق، مستندين الى دعم فعال من وراء الحدود الغربية والجنوبية (1800 كيلو متر) المفتوحة على تضاريس صحراوية صعبة. لكنهم عادوا الى الرشد بعد حين قصير وانضموا الى العملية السياسية.
هاتان العودتان كانتا ورقتين ثمينتين اختار رئيس الوزراء نوري المالكي أن يفرط بهما في ولايته الثانية لسبب لا يمكن تفسيره الا بطغيان النزعة للتفرد والتسلط. والآن فأن عملين أخرقين على غرار ارسال قوات الى طوزخرماتو ومهاجمة المعتصمين في الحويجة بالذخيرة الحية، يمكن أن يدفعا الكرد والسنة (أهل المناطق الغربية) الى اعلان الانفصال أو السعي للانفصال، وهذا معناه نشوب الحرب، فرجل مثل السيد المالكي سيفكر على الفور بالركون الى قواته العسكرية التي يعتقد أنها قوية بما فيه الكفاية لقمع الكرد والسنة، والحال ان العكس هو الصحيح.
هل يدفع السيد المالكي وبعض زعماء الشيعة باتجاه الاستقلال عن الكرد والسنة واقامة "دولتهم" الشيعية الخالصة الملحقة بإيران أو المرتبطة معها بحلف؟
هذا بالطبع اسوأ سيناريو يمكن تصوره لكنه قابل للتطبيق، فالكرد هم الآن في حال أفضل بكثير جداً مما كانوا عليه قبل 2003، ومن الواضح ان السنة يتهيأون لتشكيل جيش يمكنه أن يدافع عن كيان لن يُعدم التزود بأسباب القوة والحياة من وراء الحدود.
اذا كانت لدى السيد المالكي وبعض زعماء الشيعة رغبة في هذا السيناريو فليعلنوا هذا صراحة من أجل أن يتم الطلاق مع الكرد والسنة ودياً من دون خسائر بشرية هائلة ومادية طائلة. يمكن البدء بمفاوضات لتحقيق ذلك.
ولكن إذا تحقق هذا السيناريو هل سيضمن السيد المالكي ومن يؤيده في سيناريو كهذا ان انعزال الشيعة في كيان مستقل عن الكرد والسنة لن تكون فاتورته باهظة الثمن شيعياً؟ هل سيضمنون أن صراعاً دموياً على السلطة والمال بين الشيعة أنفسهم لن يندلع؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 9

  1. المدقق

    لقد فاتك سيدي الكويتب بان العراق كله يعيش من خيرات اهل الجنوب .. وان الاكراد لو كانوا يستطيعون الانفصال لما تأخروا في اعلان دولتهم ولكن الهراوة التركية والعصا الايرانية هي من ارجعتهم مرغمين وليس بأرادتهم الى العراق .. اما المناطق الشمالية والغربية فلا يست

  2. علي عباس

    يا سيد عدنان حسين، أنت تعرف أنه بإمكان البرلمان إنزال المالكي من بغلته، ففي النظام الديمقراطي الإنتخابي ليس بإمكان المالكي ولا غيره أن يفرض نفسه على الآخرين ويرفض النزول عن بغلته، بل كل شيء يبد البرلمان، فلماذا لا تخاطب البرلمان أن يزلوه من بلغلته؟ ألا ي

  3. فراس العراقي

    المصيبة في العراق وجود جيوش وجماعات مسلحة كثيرة واللذين حوسبوا على قتل العراقيين الابرياء قلة .اتذكر في عام 2006 كنت ذاهبا للسوق القريب مني وفجئة مر رتل عسكري من الواضح تابع للمالكي وراوني رجلا اعزل وكبير (70 سنة)وراحوا يشتون اهل الننطقة ويرمون علي مما اض

  4. خليلو...

    لااتمنى ،من كل قلبي،تحقق السينياريو الأخير ،وإن كان قابل الحقق، لأن الدولة الشيعيةستكون في مواجهة محيط تكون الدولة المذهبيه الجديدة مواجهة لمجموعة دول مذهبية أيضا تتصف بالأكثرية تفيد الكيان الجديد حتى وإن كان الكورد لايطرحون أنفسهم كوجود ذي سمة مذهبية مع

  5. علي غانم

    خطاب بليغ أتمنى ان يوجه الخطاب لجميع القوى السياسية ، إذ يبدو لي ان التطرف والتشدد والدوغمائية هي السمة السائدة على معظم السياسين العراقيين بكبرى طوائفهم الثلاثة بدون استثناء بعيدا عن صوت الاعتدال والعقلانية الذي يمثله شخص هنا او شخص هناك ، وهم لا يفلحو

  6. سامي

    اريد ان ارد على ماجاء بتعليق السيد مدقق الذي يدعي بان العراق يعيش على خيرات الجنوب واذا كان الاخ فعلا يفهم شيئا عن التدقيق لكان اكتشف ان معظم ميزانيةالعراق كانت تعتمد منذ ان وجد العراق على خارطة العالم في العشرينيات من القرن الماضي على نفط كركوك وخانقين.

  7. البياتي

    يبدو ان السيد المدقق غير ملم بتطورات المجتمع فهو لازال يعيش في العهد البابلي على ما اظن حيث تشير الاستكشافات الاخيرة الموثقة في وزارة التخطيط والنفط ان النفط والغاز في الموصل والانبار بكميات هائلة بالاضافة للكبريت والفوسفات والحول المكتشفة في الشمال واذا

  8. أحمد هاشم الحسيني

    قاتل الله التعصب الحزبي والإنحياز السياسي الذي يجعل الكاتب يحاول عبثا ستر أنه يكيل بألف مكيال عند الضرورة ولنتأمل فهذا الوضع هو نتيجة منطقية لمخططات الإحتلال في العراق ولم يأت الأميركان عبثا إلا لمن لا يتمتع بشئ من قواه العقلية فيظن أن قرارا إرتجاليا إتخذ

  9. Dara

    Yes we want separate because we cannt live together , kurdish from kurdistan Arab Sunna from center and Shia people in south that is the best and the last solution for stoping this bloodshed so let people for selecting ther future

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram